ما توقفت عنده في الخبر المتعلق بطيران الخليج بالأمس، يعتبر من الحالات التي ممكن الاستفادة من عبراتها، ولنأخذ ما حصل للدراسة كحالة نستفيد ونتعلم منها.

بدأت الحكاية حين نشرت صحيفة الأيام خبر استقالة مجموعة من طياري طيران الخليج صباحاً الساعة الحادية عشرة.

لم تنشر طيران الخليج نفياً أو تأكيداً.

بعدها نشرت الأيام امتداد الامتناع عن العمل ليطال المضيفين.

أول تصريح رسمي من طيران الخليج الساعه الثانية عشرة بعد مرور ساعة «نعتذر عن إلغاء رحلات ونعمل على إعادة الجدولة»

الواحده ظهراً بدأت فيديوات تنتشر بسرعة البرق لركاب عالقين في أكثر من مطار إسطنبول القاهرة الرياض.

الساعة الواحدة نشرت الأيام خبر تهديد نائب الرئيس التنفيذي للصحيفة وطلبه معرفة المصدر.

الساعة الثانية نشرت صحيفة الأيام خبر بدء تنفيذ التهديد ومنع وجود الصحيفة على متن طيران الخليج.

مواقع التواصل الاجتماعي تتحرك وتنشر خبر التهديد ليصبح هو الخبر الرئيس.

ثم انتشرت مجموعة تغريدات تم جمعها لعدة مغردين وهي مختلفة التواريخ وليست في يوم واحد لركاب يتذمرون من إلغاء رحلاتهم ضمن الأسبوع الماضي دون إعلامهم ويبدو الخبر وكأن جميع هذه التغريدات صادرة في نفس اليوم.

وانتشرت رسائل موجهة لولي العهد تتذمر من إدارة الشركة.

الساعة الواحدة والنصف وزير التجارة «لا يوجد إضراب أو استقالات جماعية في طيران الخليج مؤكداً أن إلغاء الرحلات جاء لظروف طبيعية»

الثالثة والنصف جمعية الصحافيين تستنكر وجمعية مراقبة حقوق الإنسان تعرب عن تضامنها مع صحيفة الأيام.

نقطتان لابد من الوقوف عندها الأولى هي أن الرسالة التي وصلت للمتلقي عن إدارة الشركة أن أولوياتها تركزت في معرفة من سرب الخبر.

وهذا يعني أن أولويات الإدارة الكريمة لطيران الخليج مع كامل احترامي للجميع غير واضحة، إذ انشغلت في عز الأزمة والركاب عالقون بالمحطات التي تضج بشكاوى المسافرين -أياً كانت الأسباب-بمن سرب الخبر للصحافة!!

الإدارة تجد وقتاً للاتصال بالصحيفة وبتهديدها وبمعاقبة الصحيفة التي نشرت الخبر وتنشغل بتنفيذ التهديد وبقطع الاشتراك وبمنع وجود الصحيفة على متن الطائرات، فتعطي صورة أن الأزمة بحد ذاتها ليست أولوية عند الإدارة، وهذا هدف تسجله الشركة في مرماها دون قصد ولكنه أعطى صورة خاطئة.

النقطة الثانية أصبح التهديد هو الخبر الرئيس لا تعطل الرحلات أو إلغائها!! فترسل الإدارة رسالة سلبية جداً عن طريقة تعاطيها مع الإعلام والنشر (إن كان الخبر غير صحيح فيكفي النفي السريع وتستطيع الشركة أن تلجأ للقانون والقضاء إن كان الخبر كاذباً).

حقيقة لا ندري خلفيات ما حدث في طيران الخليج فتلك قصة بحد ذاتها، ولم أتناولها هنا لأنني لا أعرف حقيقتها إلى الآن، هل هي استقالة أو إلغاء رحلات طبيعي أو امتنع طيارون عن العمل، هذا موضوع بحد ذاته يحتاج إلى تقصٍ وتوضيح من جميع الأطراف.

ولكنني توقفت اليوم مع الخلل الذي ارتكبته طيران الخليج في التعاطي مع نشر أخبارها في الصحافة والذي فاقم مشكلتها وعقدها أكثر، كحالة ممكن أن تستفيد منها الشركة وبقية المؤسسات.

القصة التي يجب أن نأخذها عبرة هي ماذا علي أن أفعل إن نشر خبر (مزعج) عن الشركة في وسائل التواصل الاجتماعي أو في الصحافة المحلية أو الأجنبية؟

ما هي آلية الرد والتفاعل في مؤسستي؟

هل أملك كتيباً إرشادياً عاماً أتبعه في هذه الحالة؟ أم أن الأمر اجتهاد شخصي؟

لابد أن أضع في اعتباري أن منع النشر انتهى من العصر، إنما يبدو أن هناك بيننا مازال في عصر ما قبل السوشل ميديا، ويظن بأن الأخبار الآن بالإمكان التحكم في نشرها من عدمه! ناهيك عن التهديد والوعيد بعدم النشر

لابد أن أضع في اعتباري سرعة انتشار الأخبار والحد الأقصى للتأخير.

لابد أن أضع في اعتباري كيف أكسب الحلفاء وأستعيد الثقة وأستغل الفرصة وبسرعة لقلب القصة في صالحي؟ لا أن أضيف لأزمتي أزمة جديدة، فكم من إدارة ذكية استغلت مثل هذه الأحداث وقلبت الوضع في صالحها بسرعة بديهة وذكاء في اقتناص الفرص.

فكل المؤسسات لديها مشاكل وأزمات والذكية منها من تعكسها لصالحها والأمثلة كثيرة.

نتمنى أن نتعلم جميعنا من أخطائنا.