* رسمياً.. قيس سعيّد ونبيل القروي يتنافسان على رئاسة تونس

تونس - منال المبروك

أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الثلاثاء نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية التي جرت في تونس الأحد بتأهل كل من المترشحين قيس سعيد، ونبيل القروي، إلى دور الإعادة، الذي سيعلن عن موعده بعد انقضاء المدة القانونية للنظر في طعون الدور الأول، فيما تواجه جولة الإعادة إشكاليات قانونية.



وأيدت النتائج الرسمية المعلن عنها من قبل هيئة الانتخابات "هيئة الاقتراع"، النتائج الأولية التي أعلنت عنها مؤسسات السبر ليل الأحد بفوارق صغيرة بين النتيجتين التي تحصل بموجبها الفائز المرتبة الأولى قيس سعيد بنسبة 18.4 % وصاحب المرتبة الثانية نبيل القروي بـ 15.5 % .

ومثلت نتائج انتخابات الدور الأول من الاستحقاق الرئاسي صدمة للتونسيين والطبقة السياسية بعد أن قوضت نتائج الصندوق منظومة الحكم بأكملها ما أنتج مشهدا مخالفا لثوابت المشهد السياسي التونسي المعروف والتقليدي ما قبل الثورة وبعدها.

وتصدر الأكاديمي المستقل قيس سعيد النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية بحصوله على نسبة 18.4 % من أصوات الناخبين يليه رجل الأعمال المودع بالسجن بشبهة تبييض الأموال نبيل القرويّ الذي حل في المرتبة الثانية بنسبة 15.4 % من أصوات الناخبين، بينما جاء مرشح حركة "النهضة" عبد الفتاح مورو في المرتبة الثالثة بنسبة 12.9 % يليه وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي بنسبة 9.7 %.

وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، الثلاثاء، نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، موضحة أن جولة ثانية ستجرى بين مرشحين اثنين هما قيس سعيّد ونبيل القروي.

وأوضحت الهيئة أنه "لعدم حصول أي مرشح على أكثر من 50 % من الأصوات المصرح بها، ستنظم دورة ثانية من الانتخابات الرئاسية يتقدم بها المرشحان الحاصلان على أكثر عدد من الأصوات، وهما قيس السعيّد ونبيل القروي".

وحصل سعيّد على مليون و125 ألفا و364 صوتا، أي ما يعادل 18.4 % من الأصوات، فيما حصل القروي على 525 ألفا و517 صوتا، بنسبة 15.58 % من الأصوات.

وكشفت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن عدد الناخبين المسجلين هو 7 ملايين و74 ألفا و566 ناخبا، فيما لم يتعد عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات 3 ملايين و465 ألفا و184 ناخبا.

وأضافت أن عدد الأصوات المصرح بها هو 3 ملايين و372 ألفا و746 صوتا.

أما فيما يتعلق بالأصوات الملغاة، فقد وصلت إلى 68 ألفا و125 ورقة، بينما بلغ عدد أوراق التصويت البيضاء 24 ألفا و85 ورقة.

وكشفت نتائج الانتخابات التونسية غضب التونسيين من الطبقة السياسية برمتها حيث لم يفوت التونسيون فرصة الانتخابات لمعاقبة حكامهم عبر الصندوق ممن لم ينتبهوا على امتداد السنوات الماضية لحالة الاحتقان الجماهيري وما نبهت إليه مؤسسات سبر الآراء التي توقعت منذ أكثر من 6 أشهر اكتساح المترشحين سعيد والقروي للانتخابات.

وقيس سعيد "61 عاما"، الفائز الذي حظي بأعلى نسبة تصويت في انتخابات الدور الأول "640 ألف صوت"، هو أستاذ للقانون الدستوري بجامعة الحقوق بتونس سطع نجمه بعد الثورة عندما كان يطل على التونسيين عبر وسائل الإعلام لشرح الإشكاليات القانونية التي تعرضت لها تونس في المرحلة التأسيسية وإبان كتابة الدستور.

ورسخت صورة سعيد لدى التونسيين عبر أسلوبه الفريد في الإجابة وإتقانه الشديد للغة العربية حيث تسترسل الكلمات بلا انقطاع من حنجرته كما عرفه التونسيون بتقاسيم وجهه الثابتة، التي لا تنطوي على أية تعبيرات عاطفية، ولباقته وفصاحته، وأسلوبه الأكاديمي، ونبرة صوته الخشنة الرتيبة، ومداخلاته المسترسلة التي مثلت خلال سنوات الانتقال الديمقراطي، مرجعا في "الإفتاء" أثناء الخلافات، وللفصل في الإشكاليات المتعلقة بكتابة الدستور التونسي وأحكامه.

ولا تستطيع أن تميز سعيد الأستاذ عن السياسي، أو الإنسان اليومي، فاللكنة والأسلوب والطريقة ذاتها خلال إلقاء المحاضرات والدروس أمام طلبته في كلية الحقوق، وخلال تصريحاته التلفزية، ومخاطباته المحيطين به في حياته اليومية.

وخلال حملته الانتخابية امتنع سعيد عن الحضور في وسائل الإعلام وقاطع كل البرامج السياسية مكتفيا باللقاءات الميدانية مع المواطنين في الساحات العامة كما تميزت حملته الانتخابية بالبساطة الشديدة، فيما قاد مناصروه حملاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف ببرنامج الانتخابي.

وكذلك لم يتضمن برنامج سعيد الانتخابي رؤية اقتصادية أو اجتماعية واضحة بل اكتفى بأنه لن يقدم للتونسيين وعودا زائفة وأنه سيخدم الوطن ويحيل الحكم المركزي إلى الجهات والسلطات المحلية، غير أن تاريخه الخالي من تجارب سياسة سابقة وبساطته ساهما في تميزه واقترابه من قصر قرطاج.

أما منافسه نبيل القروي "54 عاما" الذي قادت زوجته سلوى السماوي حملته الانتخابية بدلا عنه نظرا لتواجده في السجن بشبهة التورط في تبييض الأموال فقد كان قريبا من التونسيين في السنوات الثلاث الماضية حيث كان يطل عليهم يوميا عبر شاشة قناته قناة "نسمة" في برنامج خيرى يقدم المساعدات للفقراء وضعفاء الحال "أطعمة وملابس وعلاج"، ما جعله يحظى بثقة هذه الفئة من التونسيين الذين طالما انتقدوا غياب الدولة وبعدها عن همومهم.

ونبيل القروي رجل أعمال درس التجارة بفرنسا وعمل كمدير تجاري لمؤسسات عالمية قبل أن يؤسس مشروعه الخاص "مجمع قروي أند قروي"، ويطلق أول قناة تلفزية خاصة حيث ساعدته أذرعه الإعلامية على دخول بيوت كل التونسيين الذين رأوا فيه منقذهم من الفقر والخصاصة بالرغم من كل ما يحوم حوله من شبهات في قضايا تبييض الأموال والتهرب الضريبي.

ويشعر التونسيون بالخذلان الشديد من تنكر الطبقة السياسية لمطالب الثورة وفشلها في الحد من الفقر والبطالة وكبح جماح الأسعار ما دفعهم إلى البحث عن بدائل للحكم عبر الصندوق وقلب الطاولة على كل من تداولوا على الحكم منذ الثورة ولا سيما مرشحي العائلة الديمقراطية التقدمية التي تقدمت للانتخابات بأكثر من 6 مترشحين ما أسفر عن سقوطهم جميعا من اختيارات التونسيين.

ويضع تأهل المترشح المسجون نبيل القروي إلى دور الإعادة إشكالا قانونيا كما يمثل اختبارا صعبا للمنظومة القضائية في غياب منافذ قانونية تمكنه من القيام بحملته الانتخابية للدور الثاني.

من جهته، أكد أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور أن "وضعية نبيل القروي المترشح للانتخابات الرئاسية الموقوف منذ 23 أغسطس 2019 والذي تقدمه النتائج الأولية للرئاسية كمنافس في الدور الثاني، "تطرح مأزقا قانونيا حقيقيا"، قائلا إن "هذه الوضعية ليس لها أي منفذ قانوني وأنها لم ترد سابقا في التاريخ ولم يتعرض لها القانون بمختلف أشكاله".

وأوضح في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء الثلاثاء أن "الإفراج عن نبيل القروي إن تم سيكون لاعتبارات أخلاقية وليست قانونية"، مضيفا أن "قاضي التحقيق المتعهد بقضيته هو الوحيد المخوّل قانونيا وقضائيا بإبطال بطاقة الإيداع بالسجن والإفراج عنه".

وحول مدى تأثير عدم وجود محكمة دستورية على هذه الوضعية أكد بن عاشور أن "هذه المحكمة غير مختصة في مثل هذه القضايا".

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بافون، أكد في تصريحات إعلامية الأحد أن "المجلة الانتخابية لم تتعرض لوضعية المترشح نبيل القروي الموقوف وأن هذه الوضعية تنظمها المجلة الجنائية".

***

محمد