كمال الذيب
يتجه العالم حثيثاً نحو زمن من دون يسار. حيث يشهد اليسار الأيديولوجي في حالة من الانحسار العام. وقد بدا ما بقي من اليسار العربي في حالة تلاشٍ شبه كامل، جعلته يتشبث بتلابيب الإسلام السياسي في أغلب الحالات. هذا التيار الإسلامي الذي صعد على حساب التيارات اليسارية وتصدر المشهد ووصل الحكم في بعض الحالات، وألحق به بعض الأفراد من بقايا...
قال الصديق مستفزاً: بصراحة لم أعد أعبأ بالحديث المتكرر عن الديمقراطية، خاصة عندما يتم تسويقها على أنها البلسم السحري لحل كافة مشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهذا في رأيي تسويق للأوهام. قلت: أخشى أن يكون مثل هذا الطرح يستند إلى اعتقاد يردده بعض الكتاب في الغرب والشرق، وهو أن «الديمقراطية» بضاعة غربية لا تصلح خارج...
مهما اختلف الناس حول شخصية الشيخة مي آل خليفة، فإنهم لا يختلفون إلا فيما ندر، حول أدائها العالي وإنجازاتها الفريدة، وقدرتها على تعزيز الحراك الثقافي في مملكة البحرين، بجناحيه الرسمي والأهلي، بشكل غير مسبوق. الشيخة مي -حتى وهي تغادر المجمع الثقافي الرَّسمي والذي أعطته جانباً هاماً من حياتها وروحها وفكرها وإبداعها معنى الرُّقي...
أعادني الصديق إلى المربع الأول من الحزن الذي أحاول تجاوزه من دون جدوى، عندما نقل لي خبر رحيل الأستاذ والصديق والزميل العزيز خليفة الحوطي رحمه الله، بعد سنوات من المعاناة، قائلاً: «يبدو أن الموت المجاني يخبط خبط عشواء، على حد قول زهير بن أبي سلمى: رَأَيْتُ الْمَنايا خَبطَ عشواءَ من تُصب تُمِتْهُ وَمَنْ تُخطئ يُعَمَّرْ...
قال الصديق: يبدو أن أحلام جيلنا التي عشناها عاش في سبعينيات القرن الماضي في الحرية والوحدة والتقدم والنهضة قد تبخرت وها أننا نلوك الخيبة وراء الخيبة. قلت للصديق: للأسف الفكرة العربية كرابطة وكمحرك قد تآكلت وأصبح النكوص عن الثوابت الجامعة هو القاعدة والإطار الحاكم للأفعال وردود الأفعال. وتطور تدريجياً ليتحول إلى شعور متعاظم...
تعقيباً على مقالة الأسبوع الماضي المنشورة بعنوان: «البحث عن لحظة فرح» وردني تعقيب جميل مما جاء فيه: «وأنا أقرأ مقالتك في المطار، ويقف بالقرب مني على مسافة مترين أو أكثر قليلاً ثلاثة أشخاص يتبادلون الحديث بفرح، وتكاد ضحكاتهم تعلو على صوت المذيعة الداخلية التي تكرر معلوماتها عن الطيران بين فترة وأخرى.. هؤلاء كانوا في تلك اللحظة...
لامني الصديق عمَّا أسماه «نزعة تشاؤم فيما أكتب أحياناً، مع أن الناس -على حد قوله- أحوج ما يكونون إلى التفاؤل حتى وإن كان كاذباً..!!». قلت للصديق: نحن بالفعل في حاجة إلى لحظة فرح، ولكن من أين يأتي الفرح، ونحن في مثل هذه الحال، نقلب الأمور على أوجهها فلا نرى فيها ما يدعو إلى التفاؤل. على الصعيد الذاتي يسكننا ألم الغياب: فالأصدقاء...
قال الصديق: يفترض أن تبدي تعاطفاً مع الشعب الأوكراني الذي يتعرّض إلى غزو روسي، بدلاً من التركيز على نقد الموقف الغربي. فلا أوكرانيا ولا هذه الدول أعلنت الحرب على روسيا؟ قلت للصديق: أنا أتعاطف مع الشَّعب الأوكراني، ومع حقه في الدِّفاع عن نفسه وعن بلده. كما أتعاطف مع الضَّحايا من الجانبين. ولذلك فأنا ضد هذه الحرب جملة وتفصيلاً....
رد الصديق على سؤالي المعتاد مع كل زيارة، بتأفف وضيق: كيف تجد باريس اليوم: - باريس سوف تبقى كما هي بذات الروح رغم تبدل الأحوال. ولكن إذا كان سؤالك حول حالنا كفرنسيين من أصول عربية، فإن أوضاعنا سيئة كيفما قلبتها. - قلت: ولماذا كل هذا التشاؤم؟ - قال: الأوضاع متأزمة، وزادتها تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية تأزماً على الصعيدين...
إن الحروب المستعرة عبر العالم، لا يكاد يستفيد منها سوى المجمع الصناعي - العسكري، الذي يزداد ثراءً، كلما استمرت هذه الحروب وازدادت عنفًا وامتداداً، ليحقق المزيد من النفوذ والنقود، حتى وإن أدى إلى إبادة الملايين من البشر. من هنا جاءت نظرية «الحرب الدائمة»، التي تتبعها عدد من الدول الرأسمالية الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة...
يبدُو أن مُعادلات «نيوتن» حول القُوى الكلِّية المُؤثِّرةِ على مركز ثِقل الجسمِ وكتلتِه وسرعته، لم تَعد نتائجُها دقيقةً، منذ أن قام العالمُ الأمريكيُّ «إدوارد لورنز» بصياغةِ نظريةِ الفوضى، واختزلها في جملته الشَّهيرةِ: «يُمكن لحركةِ أجنحةِ الفراشةِ في البرازيل أن تُثير إعصاراً في تكساس؟». إن بعض التغييرات البسيطة في...
تشكِّلُ الثَّقافةُ، بمعناها الشاملِ، العاملَ الأكثرَ فعاليةٍ في البناء الدِّيمقراطيِّ لأي مجتمعٍ. لأن الديمقراطيةَ- علاوةً على أنها أسلوبٌ للحكم-فهي ثقافةٌ وسلوكٌ وممارسةٌ لا تنفصلُ عن فكرٍ يقودها، وتستنيرُ به، ويتغلغلُ في النسيج الاجتماعي والحياة السياسية اليومية. وحتى لا تكون الديمقراطيةُ قراراً معلقاً في سماءِ المثالِ....