أعرف أن كثيراً منكم واجه نفس الموقف الذي سأسرده هنا، أو ما يشابهه.

عصرية ذات يوم، وفي شارع ضيق ذو اتجاهين، تتفاجئ بسائق دراجة نارية ممن يوصلون الطلبات، يتحول فجأة إلى نسخة ثانية لبطل سباقات الدراجات النارية في فئة «الموتو جبي» الإيطالي فالنتينو روسي، يقود دراجته بسرعة تفوق سرعة الشارع، ويتخطى السيارات واحدة تلو الأخرى، حتى جاءت لحظة مفصلية، انعطف على المسار الأيسر ليتجاوز سيارة أمامه، فإذا بسيارة قادمة في المسار الأيمن مباشرة أمامه، فانحرف يميناً لينحشر بين سيارتين، سيارة انعطفت يميناً وخرجت عن المسار، وفي المقابل الأخرى انعطفت يساراً وخرجت عن المسار، و“البطل“ سائق الدراجة النارية واصل طريقه منتصراً.

هذه حادثة شاهدتها بعيني، وأضيفوا عليها عشرات الحوادث المشابهة التي رأيتموها أنتم، أو تلك الحالات التي تقودون فيها السيارة فتتفاجأون براكبي الدراجات النارية «الدليفري» وهم «يتخطرفون» يمنة ويسرة بين السيارات، مما قد يسبب ارتباكاً لدى السائقين وقد يؤدي لوقوع حوادث.

يحكي لي صديق أنهم في مجلسهم طلبوا طعاماً للعشاء من أحد التطبيقات، وانتظروا مدة طويلة جداً، ليتصلوا بعدها بخط المساعدة ويكتشفوا أن سائق الدراجة النارية الذي سيوصل لهم «الدليفري» في تسبب في حادث وأصيب، وأن عليهم الانتظار لمدة أطول لإعداد طلبهم من جديد.

أحد مدربي السياقة يقول بأن أكثر المخاطر التي تواجهه وهو يقوم بتدريب متعلمي القيادة هو حين يكون في الشارع عدد من راكبي الدراجات النارية المعنيين بتوصيل الطلبات «الدليفري»، يقول إنهم عندما يتواجدون في الشارع ويقتربون من السيارة ويحاولون تجاوزها أو القيادة بين صفوف السيارات، فإن هذا يسبب ارتباكاً كبيراً لدى المتدربين، وأنه في هذه اللحظة يضيع كل تعليم قام به لقواعد السير واتباع الإرشادات، وفي إحدى المرات ارتبكت إحدى المتدربات وضربت بطرف السيارة أحد راكبي الدراجات ليطير في الهواء.

اليوم اعتمادنا على الطلبات عبر التطبيقات الإلكترونية كبير جداً، وبالتالي ستجد طوال اليوم وفي مختلف الأوقات جيوشاً من راكبي الدراجات النارية لتوصيل الطلبات باختلاف نوعها، لكن المشكلة أن كثيراً منهم لا يعير اهتماماً لقواعد السلامة على الطريق، ولا يلتزم أصلاً بإرشادات المرور، بل سياقته فيها خطر كبير على الآخرين.

لن أتحدث هنا عن مستوى ضمان سلامة الأطعمة التي ترسل للناس عبر الدراجات النارية بالمقارنة مع التوصيل عبر السيارات، لكنني أتحدث عن ضرورة تفعيل كاميرات المراقبة في الشوارع، وكذلك مراقبة رجال المرور لسائقي هذه الدراجات، فبكل صراحة صارت السياقة في الشارع مقلقة طالما كثير منهم يقودون وكأنهم في حلبة سباقات ويتجاوزون السيارات بل ويعبرون بينها بكل تهور.