إن أخطر ما يمكن أن يهدد السلم الأهلي والوطني هو «الإعلام الجديد» والمعرف بمسمى «مواقع التواصل الاجتماعي»، إذ أن وسائل الإعلام الحديثة أصبحت متاحة في أيدي الجميع، ومن هنا يمكن لكل فرد في المجتمع أن يصنع صحيفته بنفسه وأن يملك قلماً محرراً من قيود المراقبة، ولهذا فإن السيطرة على فضاء هذا الإعلام المفتوح ستكون ضرباً من المستحيل، لكن ما يمكن فعله هو أن يمتلك كل فرد منَّا «فلتره» الخاص، حتى يستطيع تمييز الغث من السمين في ظل هذا الكم الهائل من الإعلام المُسال وفق رؤى واعية تكون فيها حرية الإختيار أقوى من حرية القبول الساذج.
نحن لسنا ضد فسح المجال الكبير للحريات ولسنا ضد فرض قيود وهمية على الأفواه والأقلام في مواقع التواصل الاجتماعي، بل نحن اليوم لا يمكننا فعل هذا الأمر الذي لم يعد متاحاً بيد كل السلطات حين مكَّنتْ هذه المواقع كل الناس لاختيار صحفهم الخاصة بهم، لكن نستطيع أن نكون أكثر وعياً في اختيار ما يمكن أن يكون صالحاً من معلومات تزدحم على بوابات هذه المواقع بعيداً عن المهاترات والخزعبلات على كل الأصعدة، فحين يتمكن الإنسان من اختيار وعيه بدقة وبعناية فائقة فإن كل المعلومات المتدفقة نحوه لن تؤثر في تشكيل وعيه الرصين لأنه سيكون قادراً بسبب خلفيته الثقافية على تنقية كل ما يرده من معلومات، فيختار المناسب منها ويرفض ما لا يتقبله العقل والمنطق والواقع.
إن خطورة اختفاء ما نسميه اليوم «بالفلترة» من ذهنية الناس هو الذي يمكن أن يُشكِّل الفارق الحقيقي من الإنجراف نحو الخديعة أو رفضها، فحين تطرح مواقع التواصل الإجتماعي أمامنا ملايين الأخبار والمعلومات في شتى الحقول في ساعة واحدة فقط فإننا أمام سيل عظيم من الأخطار المحيطة بنا، إذ إن أهم المواد الإعلامية التي يمكن أن تُسال في أوردة المجتمعات العربية هي المواد المتعلقة بالسياسة والفتن وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والقضايا التي تتعلق بالخلافات الدينية والعقائدية - وليس أي شيء مفيد - من أجل إحداث أكبر قدر من الشقاق بين العرب والعرب، كما أن حجم التحريض على الكراهية بشتى صنوفها هي البضاعة الرائجة في عصرنا هذا، فالقليل من أبناء مجتمعاتنا العربية قادرون على فهم اللعبة الإعلامية التي تنتجها مواقع التواصل الاجتماعي، أمَّا غالبية العرب فإنهم مازالوا يصدقون ويروجون لكل أشكال الشائعات بطريقة سطحية ومضرَّة، فالمستقبل اليوم بات رهين الإعلام الشخصي، فهل يمكننا أن نقوم بصناعة إعلام يقوم على المنهجية العلمية والحقيقة والواقع؟ أم سنظل مجتمعات تهرول دائماً خلف السراب والكثير من الخدع التي نصنعها بجهلنا فنصدقها؟ الخيار الحقيقي بأيدينا وليس بيد سوانا، فاختاروا مستقبلكم أيها العرب بشكل يليق بكم.
{{ article.visit_count }}
نحن لسنا ضد فسح المجال الكبير للحريات ولسنا ضد فرض قيود وهمية على الأفواه والأقلام في مواقع التواصل الاجتماعي، بل نحن اليوم لا يمكننا فعل هذا الأمر الذي لم يعد متاحاً بيد كل السلطات حين مكَّنتْ هذه المواقع كل الناس لاختيار صحفهم الخاصة بهم، لكن نستطيع أن نكون أكثر وعياً في اختيار ما يمكن أن يكون صالحاً من معلومات تزدحم على بوابات هذه المواقع بعيداً عن المهاترات والخزعبلات على كل الأصعدة، فحين يتمكن الإنسان من اختيار وعيه بدقة وبعناية فائقة فإن كل المعلومات المتدفقة نحوه لن تؤثر في تشكيل وعيه الرصين لأنه سيكون قادراً بسبب خلفيته الثقافية على تنقية كل ما يرده من معلومات، فيختار المناسب منها ويرفض ما لا يتقبله العقل والمنطق والواقع.
إن خطورة اختفاء ما نسميه اليوم «بالفلترة» من ذهنية الناس هو الذي يمكن أن يُشكِّل الفارق الحقيقي من الإنجراف نحو الخديعة أو رفضها، فحين تطرح مواقع التواصل الإجتماعي أمامنا ملايين الأخبار والمعلومات في شتى الحقول في ساعة واحدة فقط فإننا أمام سيل عظيم من الأخطار المحيطة بنا، إذ إن أهم المواد الإعلامية التي يمكن أن تُسال في أوردة المجتمعات العربية هي المواد المتعلقة بالسياسة والفتن وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والقضايا التي تتعلق بالخلافات الدينية والعقائدية - وليس أي شيء مفيد - من أجل إحداث أكبر قدر من الشقاق بين العرب والعرب، كما أن حجم التحريض على الكراهية بشتى صنوفها هي البضاعة الرائجة في عصرنا هذا، فالقليل من أبناء مجتمعاتنا العربية قادرون على فهم اللعبة الإعلامية التي تنتجها مواقع التواصل الاجتماعي، أمَّا غالبية العرب فإنهم مازالوا يصدقون ويروجون لكل أشكال الشائعات بطريقة سطحية ومضرَّة، فالمستقبل اليوم بات رهين الإعلام الشخصي، فهل يمكننا أن نقوم بصناعة إعلام يقوم على المنهجية العلمية والحقيقة والواقع؟ أم سنظل مجتمعات تهرول دائماً خلف السراب والكثير من الخدع التي نصنعها بجهلنا فنصدقها؟ الخيار الحقيقي بأيدينا وليس بيد سوانا، فاختاروا مستقبلكم أيها العرب بشكل يليق بكم.