انتشر بين العرب اجتماعياً لفظ «واجب»، حيث يستخدم هذا اللفظ للتأكيد على أن ما قمت به من فعل تجاهك هو «واجب، وحق علي»، كأن يقدم أحدهم صنيعاً أو معروفاً لأحد، فيقوم بشكره فيرد بالقول «هذا واجب». أو كما اعتاد معظم العرب في الوطن العربي أن يقول العبارة الشهيرة «لا شكر على واجب».

ما يقودني اليوم للحديث حول هذا المصطلح الاجتماعي المتعارف عليه هو رد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في المؤتمر الصحافي الذي جمعه بنظيره الفرنسي جان مارك إيرولت في الرياض الأسبوع الماضي، حيث قال الجبير «إن المملكة العربية السعودية قدمت الدعم للبحرين بعد أن طلبت الأخيرة ذلك، وهذا واجب».

ولحنكة «الجبير» المعهودة ودبلوماسيته المتقدمة، فإن هذا المصطلح لخص جل العلاقة التي تربط المملكة العربية السعودية بشقيقتها البحرين، وإن استخدام مصطلح «واجب» يأخذ أكثر من معنى على أكثر من صعيد، فواجب كما ذكرت عند العرب لفظ يعني «أنني لم أقم إلا بما يمليه علي الواجب، والواجب هنا يتضمن كل صفات المروءة المتعارف عليها عند العرب»، أما إذا ما حللنا مصطلح «واجب» من منطلق سياسي وقانوني وعسكري، فإن هذا المصطلح يشير إلى ما هو أبعد من المصطلح الاجتماعي ويعني بأن هناك اتفاقيات أمنية وعسكرية بين منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، تجعلني أقوم «بواجبي» ضد أي عدوان أو تهديد يقع لأي دولة خليجية.

كلمة «واجب» التي استخدمها الدبلوماسي المخضرم الجبير، اختصرت مسافات من السرد التاريخي للعلاقات التي تربط المملكة العربية السعودية بشقيقتها البحرين، هذه العلاقات الممتدة بين القيادتين والشعبين، وكعادة العرب، فإن رد الواجب يعتبر بمثابة «الدين»، حتى وإن لم تسجله أوراق، وتوثقه اتفاقيات دولية، ونحن أهل البحرين من «الواجب» علينا أن نؤكد على أن ما قاله الجبير «دين «في أعناقنا، ومن «الواجب» علينا رد هذا «الدين» للشقيقة السعودية، التي وقفت ومازالت تقف معنا في السراء والضراء.

«واجب» علينا في هذا الواقت الراهن أن نلتف حول بعضنا، ونتحد لمواجهة أي عدوان يتربص بدولنا الخليجية العربية، وواجب علينا أن نضع خططاً مشتركة على الصعيد الأمني والعسكري والاقتصادي، لنشكل قوة إقليمية تكون عصية على أي طامع وطامح لتهديد أمننا، واجب علينا في هذا الوقت أن نلتحم، وأن نضع خططاً مشتركة لمواجهة العدوان الإلكتروني الذي يتربص بأمن معلوماتنا الخليجي، وواجب علينا في هذا الوقت أن نتحرك بسرعة لأن نحسم ملفات متأخرة متعلقة بالطاقة الخليجية، والأمن المعلوماتي، والتكامل الاقتصادي، لا نريد اجتماعات رفيعة المستوى فقط، بل نريد توصيات واضحة المعالم مشفوعة بخطة زمنية تكفل لنا الدفاع عن كل المخاطر التي تعصف بنا. كما أنه من «الواجب» على شعوب الخليج أن تكون أكثر التفافاً حول قيادتهم لتشكل جبهة حماية داخلية تكون عصية على أي متربص بأمننا الداخلي، فلن يستطيع أحد مهما بلغت قوته أن يعصف بجبهتنا الداخلية إذا ما كنا متراصين، مؤمنين بخطط قيادتنا الرامية إلى الأمن والاستقرار والنماء.