تُعدّ البطالة من القضايا الاقتصادية والاجتماعية المهمة التي تواجهها العديد من الدول، ومملكة البحرين ليست استثناءً. فعلى الرغم من الجهود المبذولة لتحسين سوق العمل، إلا أن هناك تحديات مستمرة، تجعل موضوع "البطالة" العنوان الرئيس في كل التجمّعات، فلا يكاد يخلو أي تجمّع على أي مستوى كان إلا وكان موضوع "البطالة" ضيفاً ثقيلاً عليه.

هاجس كبير يصل إلى مسمع الطلاب والخريجين بمحدودية فرص التوظيف!! وهذا ما يجعل اليأس يتسرّب إلى نفوسهم!! أفبعد كل هذا التعب والمصاريف الدراسية التي أنفقتها العوائل على أبنائها سيكونون عاطلين عن العمل؟!! أسئلة كثيرة تدور في بال الجميع حول ملف "البطالة"، هل هناك فرص مناسبة للعمل؟؟ أم هناك تقاعس من الباحثين عن عمل؟؟ هل يجب أن تكون أول وظيفة لهم في سوق العمل على قدر "أحلامهم وتطلعاتهم" أم "يجب أن يرضوا بالموجود لكي يصلوا إلى ما يتمنونه"؟؟ هل نعاني فعلاً من تحدي "التنافسية" بين الأجنبي والبحريني؟؟ أم أن البحريني كان ومازال الخيار الأول في التوظيف بسبب ما يُعرف به من كفاءة وتميّز وإخلاص؟

أياً كانت الإجابات، أعتقد أننا في تحدٍّ كبير، يشترك الجميع فيه، فمن جهة يجب أن تضمن الدولة استدامة توفير فرص عمل للباحثين عن عمل في القطاعين العام والخاص، ومن باب آخر يجب أن يقبل الباحثون عن عمل بالوظائف المتوافرة ويُظهرون مهارة عالية وتنافسية ليقنعوا أصحاب العمل بأنهم الأجدر.

رأيي المتواضع

عاطلون جامعيون من جميع التخصّصات!! أين الخلل؟ هل الوظائف المعروضة لا تتناسب مع الحجم الكبير للخريجين؟؟ أو أن الخريجين يرفضون الوظائف المعروضة لأسباب غير منطقية؟؟ هل لدينا استراتيجية واضحة لإدارة ملف البطالة في السنوات الخمس القادمة؟؟ هل هناك أي أفكار مبتكرة من المُمكن أن تُحلحل هذا الملف المؤرّق وتصل بنا إلى بر الأمان؟؟

ما هي التخصّصات المستقبلية التي يحتاجها سوق العمل لكي نوجّه أبناءنا للدراسة فيها؟؟ أم أن جميع التخصّصات شُغلت وتشبّعت؟؟ هل هناك أي شيء نستطيع أن نقوم به لنبثّ الأمل من جديد في قلوب الباحثين عن عمل؟

بحثت في العديد من التجارب وقرأت العديد من أوراق العمل ووجدت حلولاً، لا أعرف إذا كانت مجديةً أم لا؟؟ فمملكتنا الغالية لم تبخل يوماً في توفير الدعم للباحثين عن عمل، سواء من خلال "خلق" فرص عمل، أو سعيها المتواصل عبر وزارة العمل في توفير فرص عمل، كما أن مملكتنا الغالية تُقدّم العديد من البرامج التدريبية المتقدّمة والتخصّصية لسوق العمل سواء عبر صندوق العمل "تمكين" لأو عبر التدريب على رأس العمل، ليس هذا وحسب، بل قامت بدعم الأجور لترغيب أصحاب العمل من توظيف البحرينيين، ولم تغفل الدولة كذلك عن تسخير كافة التشريعات لمعالجة مشكلة البطالة!! ولكن جميع المؤشرات تؤكد بأننا بحاجة إلى المزيد.

في رأيي المتواضع، أن هناك شبحاً أخطر من البطالة على الشباب، وهو "الإحباط".. فإذا ما دخل الإحباط إلى النفس فتك بها، وقتل الشغف، وأطفأ شمعة الحماس.. فلنتكاتف جميعاً من أجل تحديد التحدّي في هذا الملف، ومعالجته بطريقة واقعية وفق الموارد الموجودة.