بعد فوز المرشح الرئاسي من الحزب الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية، بدأت التكهنات عن سياسته بشأن قضايا الشرق الأوسط، وخاصة ما يحدث في غزة ولبنان وغيرها من مناطق الصراع، أضف عن كيفية خطته للتعامل مع إيران وإسرائيل والخليج العربي.

أعتقد أن ما يسيطر على عقول الساسة هو أمران، الأول هي الصورة الذهنية الماضية لسياسة الرئيس المنتخب ترامب في حقبة 2016-2020، والثاني هي الوعود الانتخابية التي أطلقها في الشهور الماضية، وتعليقاً على ذلك، تكمن سياسة الرئيس المنتخب على محور أساس وهي تشكيل إدارته والتي بناءً عليه ستتضح كيف سيتعامل مع الملفات الخارجية وعلى رأسها قضايا الشرق الأوسط.

فالإدراك الواقعي بأن الرئيس المنتخب ترامب سيحمل معه توجهات الحقبة السابقة، فإن هذا النهج لا أعتقد أن يتكرر، وكما الإشارة إلى أن العالم تغير وأصبحت هناك فجوات عميقة في العلاقات الأمريكية مع الحلفاء، ولا سيما أن واشنطن دعمت أكثر من مسرح للمعارك ومنها أوكرانيا وإسرائيل، وخلال الأربع سنوات الماضية عززت موسكو وبكين تواجدها في شرق أسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وبالتالي فإن عملية اتخاذ نفس النهج هو خطأ استراتيجي، بل على العكس فإن ترامب سيفتح المنافسة بصورة مختلفة لتمكين واشنطن عبر مجموعة من الخطوات وعلى رأسها عسكرة العملة، وتعزيز الهيمنة الأمريكية بفرض عقوبات صارمة جداً مدعومة بضغط عسكري على العكس من الإدارة السابقة التي جعلت العقوبات حبراً على ورق.

أما فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، سيحاول ترامب كسابقة بايدن بعدم الدخول في حرب مباشرة مع إيران، وسيتحاشى أن تكون واشنطن جزءاً من أي هجوم إسرائيلي على طهران، وفي ذات الوقت سيحرك الحلفاء في الخليج وبعض الدول للضغط على إيران لكبح جماح الطموح النووي.

وفي ذات السياق، فإن إدارة ترامب قبل التعامل مع ملفات الشرق الأوسط عليه المرور عبر بوابة الأزمة الأوكرانية لأنها ستكون مفتاحاً لحل مجموعة كبيرة من الصراعات ومسارح المعارك في المنطقة، نظراً لارتباطها الوثيق، حيث إن ذلك سيتيح له التحرك بحرية أكبر في ملفات كإعادة إعمار غزة والقضاء على الأذرع الإيرانية واحتواء طهران.