عنوان مقالتي هذه كان هو ذات عنوان الندوة التي أقامها معهد البحرين للتنمية السياسية واتحاد الصحفيين الخليجيين مساء يوم الأحد الماضي، والتي استضافت نخبة من الإعلاميين والأكاديميين وصناع القرار في البحرين والخليج العربية، وحظيت بحضور كبيرة من قبل الزملاء الإعلاميين والمهتمين.قد لا يكون عنوان الندوة موضوعاً جديداً للطرح في الساحة الإعلامية، ولكنه بالتأكيد يمثل أحد التحديات الكبيرة التي تواجه صناع القرار وراسمي السياسات، محلياً وإقليماً ودولياً، خصوصاً مع الكم الكبير من منصات التواصل الاجتماعي وبرامج الذكاء الاصطناعي، والتي أصبح من خلالها الباب مشرعاً لإدخال الأفكار والقيم والثقافات، والتي في أغلبها لا تتوافق مع ثقافتنا الخليجية القائمة على قيم مستندة إلى الدين الإسلامي والقيم العربية.ما لم تقله الندوة، رغم ما طرح من محاذير حول استخدامات الذكاء الاصطناعي في الإعلام، أن هناك حاجة ملحة وضرورية لتسريع التكييف مع القادم الجديد، وأن لا يتم النظر إليه بريبة وتحفظ أكثر من اللازم، كما حدث قبل سنوات عندما انفجرت ثورة مواقع التواصل، حيث تم النظر إليها آنذاك بأنها مجرد «هبة» وسرعان ما ستختفي، ولكن الحقيقة الماثلة أمامنا اليوم أنها أصبحت في صلب العملية الإعلامية وصناعة الرأي العام.الذكاء الاصطناعي هو الآخر مستقبل الإعلام، بل والثقافة والاقتصاد والطب ووووو، ولذلك فمن الضروري سرعة احتوائه والتعامل معه بجدية، عبر عديد من الخطوات، والتي يمكن أهمها في تأطيره ضمن قوانين وطنية صارمة، تعزز من الاستفادة منه وتمنع استخداماته السلبية والمضرة للأمن الوطني والسلم الاجتماعي.أما الخطوة التالية فتكون عبر تكيفه مع احتياجاتنا الوطنية، وبما يتوافق مع ثوابتنا وقيمنا، حيث إن جميع برامج الذكاء الاصطناعي صممت وأطلقت من دول غربية لها عاداتها وثقافاتها التي تختلف عنا، وبالتالي فهناك حاجة قوية لتطويع هذه الإمكانيات لتخدم مصالحنا وأهدافنا الوطنية.أما فكرة المنع أو الحظر، كما يطرح البعض، فهي من الأفكار «المأكول خيرها»، فلا يمكن لأي دولة، مهما بلغت قوتها الأمنية أو السيبرانية أن تمنع هذه المد التكنولوجي العالمي، ولكنها بالتأكيد تستطيع توجيهه لتحقيق مصالحها وأهدافها.وبالعودة إلى موضوع الندوة؛ فإن الوعي السياسي هو نتاج ما يمكن أن نغرسه من أفكار وثقافة وقيم في العقول، خصوصاً للأجيال القادمة، بمختلف الأدوات والطرق والمتاحة، والتي سيكون على رأسها استخدامات الذكاء الاصطناعي بما يوفره من إمكانيات وقدرات تساهم في تسريع عملية نشر المعلومات وتداولها، بطرق وأشكال تتوافق مع متطلبات واحتياجات واهتمامات جيل الشباب.وأخيراً؛ المستقبل قادم وبقوة.. فهل نحن مستعدون له، أتمنى ذلك.إضاءة«وسيعبر الطوفان من أوطاننا.. من يقنع الطوفان ألا يعبرا؟!»، «الشاعر محمد عبدالباري».