لكل حكاية فصول متشابكة من الأحداث، تتحدث عن جزء يسير من أحوالك في محطات المسير، تكتشف فيما بعد أن هناك بعض التفاصيل الصغيرة لم تنتبه لها، ولم تكن لها قيمة في منظورك في ذلك الوقت، ولكنها -في نهاية المطاف- أفرزت مشكلات عديدة، وكان لها الأثر السلبي على ذاتك، لأنك لم تتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وكنت تتسامح وتتغاضى وتتعامل بأدوات كنت ترى أنها الأفضل، ولعلها الأفضل.
هناك العديد من المواقف في حياتنا يبقى أثرها في ذاكرتنا، ليس لأنها ألم خدش المشاعر، ولكن لأنها أسلوب ما ظلت تفاصيله تمر في طيف النفس كلما مر شبيه له. تبقى الحياة تجارب، وتبقى النفس تميل (للسلام) وإن واجهت في أحيان كثيرة (عنفوان ظالم) من نفوس مريضة.
لابد أن ترفع عناوين التحدي والإصرار في كل محطة جديدة تمر بها في مسير حياتك، لأنك -باختصار- لا تقبل أن تبقى على «الأسلوب القديم» ولن ترضى أن تظل العقول جامدة بلا تغيير، ولا أن تظل الأدوات مُبعثرة بلا هوية. التغيير مطلوب في كل يوم يعيشه الإنسان، ويجب أن ينشر أثره وسعيه وأسلوبه في مساحات المحطة التي أقبل عليها من أجل أن يكتب مساراً جديداً للأمل والمُخرجات المُتجددة. العديد من المصطلحات السلبية يجب أن تُمسح من الذاكرة الإدارية في الحياة، مصطلحات الانشغال الدائم، وضغط العمل، لأنها تولّد الشعور (بالملل) وأحياناً الشعور (بملكية المهام)، ولو أطلت النظر في تفاصيلها لاكتشفت أن هناك أدواراً مُكررة، وانشغالاً في التوافه بلا أهداف، في المقابل تجد عقولاً أخرى مركونة على الهامش لم تُكلّف من أجل الإنجاز. يجب أن نُحرّك الماء الراكد من أجل أن تتحول بيئات الأعمال إلى خلية نحل من الإنجاز والعطاء والأثر المُستدام، والأداء المُتقن.
اللهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مُباركاً فيه على ما أنعمت به علينا وتفضلت، وعلى تلك الرسائل الربانية التي تصلنا في أيام الحياة. رسائل تجعلك أن تُعيد النظر في أحوال حياتك، وتُصحّح من مسارك، وتكشف لك المُحبين القريبين إلى قلبك وأسلوب عملك، وتنطلق في المسير مرفوع الرأس تحت مظلة العدالة الإلهية التي سُتظهر الحقوق البشرية ولو بعد حين. أحب هذه الرسائل لأنها دائماً ما تعطيني الأمل في خطوات المسير، وتُعزّز من شعور العطاء الدائم، وتمنحني القوّة لكي أواصل تحقيق أهداف ذلك الأثر الجميل الذي وضعته عهداً في سطور حكايتي، وأتحيّن كل فرصة لأقدّم الأفضل كما علّمتني الحياة.
لا تقبل أن تكون عادياً على هامش الحياة، لربما قصّرت ومرّت عليك الأيام بدون إنجاز أو أثر، ولكنك ما دمت تتنفس الحياة، فعليك أن تكون جاداً في التغيير، التغيير فيما تقدمه، والتغيير فيما تقوم به من أعمال، فلا تقبل أن تقدّم الشيء كما تقدّمه بالأمس، فالحياة تغيّرت عن الماضي، وأساليب العطاء تعدّدت.
أنت مُقبل على عام جديد، كنت في سابق عهدك تُعدّ العُدّة لتنفذ أهدافك وتخطّط لمشروع أحلامك، ولكن مضت الأيام سريعاً وما أسرع انقضائها دون أن تتقدّم ولو لخطوات معدودة! انقضاء الأيام بسرعتها المُخيفة لا تُمهلك أن تظل سادراً في تفكيرك دون أن تُنجز..
لذا تعلّم أن تكون عملياً في الإنجاز، وتتخلّص مع تلك العوادم القاتلة التي تضيّع أوقاتك سُدى وتُلهيك عن مقاصدك العليا، وأهمها مُضيعات الأوقات مع الأفراد الذين لا هدف لهم في الحياة، ومع أولئك الذين فرشوا على طاولتك أقاويل الآخرين، واستهلكوا مشاعرك في القيل والقال والغيبة والنميمة وما أكثرهم في المسير!! تستطيع أن تقدّم إنتاجك بحُبّ بشرط أن تتخلّى عن الماضي، وتعمل بأسلوب جديد يُبهر من حولك، ويكون أثره الآن قبل الغد.
كتب أحدهم إلى صديق يُحبّه: «أمعنت النظر في سنوات خلت كنت من خلالها الفارس المُتألق في ميدان السباق، تُحاول أن تُمسك بيد كل من معك، لكي يتكيّفوا مع سرعة مسيرك، ولكي لا يتأخروا عن ركب الإنجاز، عرفتك حريصاً على التغيير وعلى إضفاء لمسات جميلة في مناحي الحياة التي تعيشها، عرفتك قلباً طيباً لا تُحب أن تؤذي من حولك، ولا تُحب أن تظلم أحداً، أو أن يخرج أحدهم من عندك مُنزعجاً. منذ أن عرفتك وأنت لا تُحب أن تؤدي العمل بنفس الوتيرة، ولا تُحب العمل بالأسلوب القديم، بل تُنجزه بأسلوب مُبدع تعمل على تغييره كل يوم، حتى لا تدخل في دوامة الملل أو الروتين القاتل. أحببت أن أصاحبك لأنك تُحب من قلب يعشق (الوفاء)، ويعشق المُخلصين».
بعدها أيقن صديقه أن مثل هذه النفوس الصادقة المُحبّة لا تتكرر في أيام المسير، فقلّة من يُقدرون أثرك، ويحترمون مكانتك، ولا يمسونك بسوء. هذه هي الثلّة المُباركة التي تُبارك لك أيام العطاء.
ومضة أمل
اللهم اجعلنا مُباركين أينما كنا، واصرف عنا كل سوء، وبارك لنا في خطواتنا في الخير.