لطالما كنت أؤمن بأن التواجد في موقع العمل وممارسته على أرض الواقع، ومواجهة المشكلات ومحاولة إيجاد حلول لها، يعتبر الركن الأساس في تعلم الإنسان، فكثيراً ما نجد حاصلين على شهادات علمية بحاجة إلى خبرة موظف قديم في أي إدارة.ولهذا فإن أكبر ما يميز برنامج رئيس مجلس الوزراء لتنمية الكوادر الحكومية، والذي بدأ رحلته بدفعته العاشرة في أغسطس الماضي، ووصل اليوم إلى مرحلة الانتداب للعمل في مكتب الرئيس، أنه برنامج شامل الشقين التدريبي والعملي، ففي البداية سيخضع المختارون لدورة تهيئة بالتعاون مع معهد الإدارة العامة أثناء عملهم في المكتب لمدة سنة.وعلى الرغم من أهمية دورة التهيئة، إلا أن مجرد التواجد في هذا الموقع المحوري، يمثل لمن تم اختيارهم نجاحاً عظيماً أنهم تمكنوا من الدخول اليومي لغرفة إدارة الدولة، وفرصة لن تتكرر في التعرّف على أمور لم ولن تذكر في كتب الدراسة ولا دورات التدريب النظرية ولا العملية.أعتقد أن الجيل الحالي قد شارك في العديد من ورش العمل والدورات والبرامج التدريبية، سواء قبل بداية المرحلة الوظيفية أو خلالها، لكنها تبقى أيضاً في مستوى أقل من تواجد الإنسان في مكان العمل والوصول لأقرب نقطة من منطقة صنع القرار، وسماع المناقشات وقراءة المستندات واتخاذ قرارات والاطلاع على أفكار.والذي يميز هذا البرنامج الفذ، هو أنه قام بتصفية المرشحين وصولاً إلى أفضل كوادر حكومية يمكن أن تساهم في صنع القرار، ومنحهم الفرصة الذهبية للعمل من داخل قمرة قيادة سفينة الوطن، جنباً إلى جنب مع أعلى الخبرات الوطنية والطبقة الأولى ممن يرسمون السياسة الوطنية.لقد آمن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بقدرة شباب البحرين على تحقيق إنجازات تسهم في نهضة المملكة، ومن خلال رؤيته وإيمانه بهذا المبدأ، تم تصميم هذا البرنامج ليحتضن الكفاءات الشابة ويمنحهم أرقى فرص التدريب النظري والعملي المباشر، فيا لها من فرصة لا يصادفها إلا ذو حظ عظيم.وهناك مرحلة في البرنامج يمكن وصفها بالمرحلة النوعية والتي ستكون في أبريل من العام المقبل، حيث سيخضع المشاركون في البرنامج لدورة تدريبية مكثفة حول أساليب القيادة والتواصل المؤثر مع متخصصين أكاديميين دوليين، وفي تلك الفترة ينتقل المشارك إلى التفاعل الدولي من خلال موقعه شبه الحكومي.ثم تأتي المرحلة النهائية والمصيرية، فخلال الفترة من أبريل وحتى أكتوبر 2025، سيتم التقييم، والذي سيحدد مصير المشاركين، لتبقى الكوادر الأكثر كفاءة للعمل في مكتب رئيس مجلس الوزراء، بينما يعود الآخرون إلى وظائفهم في جهاتهم، وهذه الأخيرة لها مستقبل واعد لا يمكن تصوره اليوم، ولكن من المؤكد أنهم سيكونون قادة المستقبل في تلك الجهات.أهنئ الشباب الذين وقع عليهم اختيار البرنامج، وأدعو لهم بالتوفيق، وأدعوهم لأن يستعدوا لهذه السنة التي ستكون مفعمة بالعمل والعلم الراقي غير الموجود في أي أكاديمية أخرى سوى هذا المكتب، وأستنهض في بقية الشباب البحريني همة السعي للوصول إلى هذه المنطقة في مراحل أخرى، لأن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء سيواصل رعاية الشباب ومنحهم ثقته في أن يساهموا بإبداعاتهم في مسيرة الوطن.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90