هل تخيلت يوماً أن تحضر حصصك الدراسية من منزلك، وتتفاعل مع معلميك وزملائك كأنك في الفصل تماماً؟ هذا ما حققته مملكة البحرين في خطوة رائدة لتعزيز التعليم الرقمي، من خلال تجربة الدراسة عن بُعد باستخدام منصات تعليمية رقمية متطورة.
أطلقت وزارة التربية والتعليم في البحرين تجربة فريدة من نوعها، حيث وفّرت للطلاب بيئة تعليمية تتيح لهم حضور الحصص الدراسية افتراضياً. تمكّن الطلاب من التفاعل بسلاسة، مستخدمين أحدث الأدوات التقنية لتقديم الدروس، وتنظيم الواجبات، وتقييم الأداء.
لم يكن هذا النجاح ليتحقق لولا التفاعل الإيجابي من جميع الأطراف. أبدى الطلاب التزاماً بحضور الحصص الافتراضية والمشاركة الفعّالة في الأنشطة التعليمية، بينما ساعد أولياء الأمور أبناءهم في التأقلم مع هذه البيئة الجديدة. هذا التعاون يعكس وعي المجتمع البحريني بأهمية التحول الرقمي في التعليم.
من أبرز ملامح هذه التجربة كانت مداخلة سعادة الدكتور محمد بن مبارك جمعة، وزير التربية والتعليم، خلال إحدى الحصص الدراسية. تواصل مباشرة مع الطلاب والمعلمين، مستمعاً إلى آرائهم وانطباعاتهم حول التجربة.
أشاد بالتفاعل الملحوظ وأثنى على الجهود المبذولة لإنجاح هذه المرحلة التجريبية. وأكد أن الهدف ليس فقط قياس نجاح الدراسة عن بُعد، بل أيضاً رصد التحديات لتطوير الحلول المناسبة، ضمن خطة شاملة لتعزيز جاهزية المملكة للتعليم الرقمي في المستقبل.
وبالرغم من النجاحات الملحوظة، لا تخلو مثل هذه التجارب من بعض التحديات الحقيقية فمن أبرزها، قد يواجه بعض الطلاب الصغار صعوبات في التعامل مع الأجهزة التقنية، أو قد تحتاج بعض الأسر التي لديها عدة أبناء في مراحل دراسية مختلفة إلى توفير أجهزة إضافية، وهو احتمال قد يبرز في مثل هذه التجارب. هذه التحديات، سواء أكانت واقعية أو محتملة، تؤكد أهمية الاستعداد المبكّر لدراستها والعمل على إيجاد حلول واقعية، في إطار بيئة فنية وتقنية تضمن شمولية التجربة ونجاحها للجميع.
أحد أهم الدروس المستفادة هو أن التكنولوجيا قادرة على تيسير التعلم حتى في الظروف غير التقليدية، بشرط الاستعداد الجيد ومواجهة التحديات بمرونة وابتكار. بإشراك جميع الأطراف، يمكن تجاوز العقبات وتحقيق نتائج مبهرة. مع انتهاء المرحلة التجريبية، يُتوقع أن تكون هناك إمكانية لتوسيع نطاق التجربة وتطوير برامج تعليمية أكثر شمولاً. مثل هذه الخطوات، إن تمّ تنفيذها، قد تُسهم في تعزيز مكانة البحرين كنموذج يُحتذى به في التحوّل الرقمي.
تأتي هذه التجربة كإضافة نوعية لمسيرة البحرين في مجال التعليم، بفضل جهود الفنيين، والإداريين، والمعلمين، والتزام الطلاب، وأسرهم. إنها بداية لمرحلة جديدة من الابتكار والتحوّل الرقمي الذي سيعود بالنفع على المجتمع بأسره، ويُمهّد الطريق لمستقبل تعليمي أكثر تطوراً ومرونة.
* خبير تقني