في عالم يتغير بسرعة، حيث باتت العدالة الجنائية تواجه تحديات جديدة، تبرز مملكة البحرين، وبفضل الرؤية الملكية السامية، كواحة من المبادرات الإنسانية الطموحة التي تعيد تعريف مفهوم العقوبة، فبرنامج السجون المفتوحة ليس مجرد نظام لتطبيق العقوبات البديلة، بل هو نموذج ملهم يعكس التزام المملكة بالكرامة الإنسانية ورغبتها في توفير فرصة حقيقية للبدء من جديد.

ومنذ انطلاق قانون العقوبات البديلة في عام 2018، خطت البحرين خطوات واسعة في مجال العدالة الإصلاحية، حيث لم يعد الهدف من العقوبة مجرد الردع، بل إعادة بناء الإنسان ودمجه في مجتمعه، وهذا ما أكده الاحتفال الأخير بتخريج دفعات جديدة من برنامج السجون المفتوحة، بحضور الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الداخلية، وعدد من المسؤولين والشركاء المحليين والدوليين، ليكون مناسبة تعكس روح التعاون والنجاح في تحقيق إنجازات ملموسة.

البرنامج، الذي يتجاوز كونه مشروعاً إدارياً، نجح في تحويل حياة الآلاف من المستفيدين إلى قصص نجاح حقيقية، فمشاريعهم الابتكارية التي عرضت خلال الاحتفال لم تكن مجرد أفكار، بل ثمرة لبيئة داعمة ومحفزة أتاحها البرنامج، ليصبح المستفيدون فاعلين في بناء مستقبلهم ومجتمعهم.

ما يميز السجون المفتوحة هو رؤية المملكة الواضحة في العمل الجماعي، فمن خلال شراكاتها مع المؤسسات الحكومية والخاصة والجامعات، أصبح للمستفيدين فرصة لتطوير مهاراتهم، سواء عبر منح دراسية أتاحت لهم استكمال تعليمهم أو فرص عمل ساعدتهم على بناء استقرار اقتصادي واجتماعي.

وفي خطوة تعكس وعياً بمكانة المرأة؛ جاء برنامج "متمكنة" ليُبرز دور النساء في المجتمع، حيث منح المرأة الدعم اللازم لإعادة اكتشاف إمكانياتها والمشاركة بفعالية في بناء حياتها المهنية والاجتماعية، هذا الالتزام بالمساواة، الذي يضع المرأة في صدارة الأولويات، يؤكد على رؤية البحرين والإنسانية في التعامل مع قضايا المجتمع.

ما يثير الإعجاب في هذا المشروع هو النتائج الملموسة التي تحقق؛. فإلى جانب الجوائز الإقليمية والدولية التي حصل عليها البرنامج، مثل جائزة التميز الحكومي العربي، أصبح السجون المفتوحة نموذجاً يستشهد به عالمياً، هذه النجاحات لم تكن مجرد أرقام، بل دليل على قدرة البحرين على تقديم حلول مبتكرة تمزج بين الإصلاح والإنسانية.

برنامج "شد حيلك"، الذي يهدف لتحفيز السلوك الإيجابي لدى المستفيدين، هو مثال حي على هذا المزج، فمن خلال نظام نقاط مبتكر، يمنح البرنامج المستفيدين حافزاً للالتزام والتطور، مما يسهل عملية اندماجهم في المجتمع ويجعلهم أكثر قدرة على المساهمة في نهضته.

ما يقدمه برنامج السجون المفتوحة هو أكثر من مجرد رؤية، إنه تجسيد عملي لفكرة أن الكرامة الإنسانية يمكن أن تكون محور العدالة.

البحرين، بهذا المشروع، تؤكد مرة أخرى مكانتها كرائدة في المزج بين القيم الإنسانية والإصلاح القانوني، وترسم طريقاً جديداً يجعل الإنسان أساس التنمية ومحورها.