قال الله تعالى: "ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات، أينما تكونوا يأتِ بكم الله جميعاً، إن الله على كل شيء قدير". وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يُصبح الرجل مؤمناً ويُمسِي كافراً، ويُمسِي مؤمناً ويُصبح كافراً، يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا". كم هي ساعات الحياة غالية، وكم هي الدقائق التي نعيشها لها موازين خاصة في حياتنا، نحتاج إلى تذكير أنفسنا بين الحين والآخر بمثل هذه المفاهيم، وإن تكررت، فهي مهمة في خطوات حياتنا، هذه الخطوات التي بها نتنفس العطاء، ونبصم الأثر، ونترك السعادة في كل محطة نستظل في ظلالها.
"فاستبقوا الخيرات" هو الشعار الذي ينبغي أن نرفعه في أيام أعمارنا، وأن نكون من المبادرين دائماً في كل عمل له الأثر في حياتنا، وفي كل عمل نستزيد من خلاله بزاد الآخرة، وله المردود الأمثل في حياتنا. عندما تكون "الأول" دائمًا في كل مسير وفي كل محطة، فإنك قد اخترت لنفسك الأفضل، لأنك على يقين بأن الفرصة التي تمضي لا تعود أبداً، فواجب عليك استثمارها بالصورة المطلوبة، وأن تكون فيها مؤثرًا على ذاتك أولاً، ثم الآخرين.
مهما كُلفت بعمل فَتَذَكَّرْ أنه تكليف من المولى الكريم، واصطفاء لك في المهمة التي أوكلت إليك، فاستعن بالله تعالى، وكن على يقين أنك ستُحظى بالتوفيق والتيسير في مهمتك إن أخلصت في النية، وصدقت مع الله عز وجل. فهي مساحة من الخيرات أعطاك الله إياها لتحصد أجور الآخرة، وتتحفز لعمل الخير بصورة مستدامة.
عندما تُبادر لأعمال الخير، فإنك حينها تتمسك بحبل الله القويم، وتسأل الله تعالى الثبات على طريق الاستقامة، "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مُصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك"، طلب العون من الله تعالى على الثبات، والخوف من الفتن، والابتعاد عن طريق الله القويم. من هنا يجب أن يستثمر المرء أوقاته في التقرب إلى الله تعالى وتعويد النفس على الطاعات، والتي من أهمها المحافظة على الصلاة، وبخاصة صلاة الفجر، "من صلى الفجر في جماعة في ذمة الله"، والمحافظة على الورد اليومي للقرآن الكريم، والتسبيح، والصدقة، وجميع أنواع البر والإحسان.
على بساطتهم، وبساطة حياتهم، إلا أنهم يُصرون على "جبر خاطرك" وإسعادك بأي طريقة كانت، وعلى أن تكون معهم شريكًا في عمل الخير وكسب الأجر. هذه الفئة ستجدها في محطة "الراحة القلبية" في المسجد، عندما يُنعم المولى الكريم عليك بأناس أحبوا الخير وأحبوك لأنك جزء كبير من مساحاته التي يستمتعون فيها، والتي يتعلمون فيها أمور دينهم ودنياهم، ويتعلمون كتاب الله الكريم تلاوة وتجويداً وفهماً. هي محطة تستزيد فيها من الخير، وتقوي فيها نفسك، وتثري حياتك بمفاهيم جميلة تحتاجها لتعيش بأسلوب (الخير) الذي تحبه.
الطاقة الإيجابية التي تعود إلى محيط حياتك وتجدد من عزمك وإقبالك على الخير، هي الطاقة التي ألفتها عندما عاشرت أولئك المخلصين الذين لا يقبلون أن يصطفوا مع (سارقي الوقت) ومع الكسالى الذين لا هم لهم إلا تضييع الأوقات فيما لا فائدة فيه. عليك أن تختار المساحات الأفضل التي تستزيد من خلالها "بطاقة الخير"، وبطاقة جبارة تولد في نفسك الإصرار والعزم على المضي في طريق الخير بلا توقف.
لا تنتظر عند الباب وتقف طويلاً، وتظل تنتظر حتى يأتي أحدهم. هذا الانتظار سوف يُفوّت عليك العديد من الفرص، ولن تجد الثمار المرجوة في نهاية المطاف، لأنك لم تعرف الطريق الصحيح للدخول والوقت المناسب لذلك. الانتظار لمجرد الانتظار فقط هو في حد ذاته (هدر صارخ للوقت)، الحياة لن تمهلك الكثير حتى تظل واقفًا بلا حراك، هنا تأتي المسارعة، بأن تفتح الباب وتمضي في طريقك للخيرات، وتمضي لتكتب أثرك في كل خطواتك. ثق بأنك قوي بالله عز وجل، ويقوي بذاتك التي اعتادت أن تكتب الجديد في كل حركاتها وسكناتها، واعتادت أن تكون نبراساً في حياة الآخرين.
أشتاق "للسعادة" عندما أجدها في وجوه أولئك الذين زاملتهم في أيامك، فهم يشجعونك لكي تعمل الخير، ولكي تبتسم مجددًا، وإن غابت عنك أحياناً ملامح الابتسامة بسبب أو لآخر. ما أجمل السعادة التي تعيشها مع من تحب، ومع ابتسامات لا تغادر وجوه أصحابها، فهم البلسم الحقيقي لحياتك، وهم السند الذي تتكأ عليه في أيام الحياة.
ومضة أمل
الوطن عزيز على قلوبنا، وهو القلب النابض بالعطاء. للوطن مساحة حب كبيرة نتبادل مشاعرها كل يوم، فنكون على أرضه جنوداً أوفياء، وأعلاماً في الخير. فاللهم احفظ وطننا الحبيب من كل سوء، وأدم عليه نعمة الأمن والأمان.