فقدت مملكةُ البحرين أحد رجالاتها المفكرين المخضرمين، وعَلَماً من أعلام الفكر والثقافة والأدب، وصاحب الفكر المستنير، إنه الكاتب والمفكر الدكتور محمد جابر الأنصاري مستشار جلالة الملك للشؤون الثقافية والعلمية.

مسيرة من العطاء سطرها الدكتور محمد جابر الأنصاري، كان شخصاً مؤمناً بقدراته وأفكارِهِ وتوجهاته، أدرك مَواطِن القوة والتميز في نفسه وسخّرها للتفكر والتدبر والإِبحار في مجال اهتماماتِهِ العِلمية والفِكرية والثقافية، صقل مداركه بالعلم حتى أكمل الدراسات العليا، واستمر في التبحّر في عالم الفكر والثقافة، كان كاتباً مثقفاً وواعياً، نابغاً ومبدعاً في أفكاره، متميزاً في طرحه، وناشطاً بإسهاماته الفكرية والثقافية، مهتماً بالحضارة العربية والإسلامية، كان شخصاً ملهماً لمن حوله، وسخياً في عطائه وعلمه، وقد قام بتأليف الكثير من المؤلفات ذات المحتوى الغني بالمعلومات والخبرات، وله العديد من المقالات والأطروحات الهادفة، والمقولات الغنية بالدروس والفوائد، وقد شغل الراحل عدة مناصب حيث كان أستاذ دراسات الحضارة الإسلامية والفكر المعاصر، وعميد كلية الدراسات العليا في جامعة الخليج العربي بمملكة البحرين، وعضو المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون في البحرين، وشغل منصب مستشار جلالة الملك للشؤون الثقافية والعلمية.

هذا جزء متواضع جداً من حياة الدكتور والمفكر محمد جابر الأنصاري الذي خلّف وراءه سيرة عبقة، وذُخراً وإرثاً ثميناً، والذي لم يأتِ من فراغ بل جاء نتاجاً لمسيرة طويلة من العطاء والبذل. رحل الدكتور محمد جابر الأنصاري ابن البحرين البار وصانع نهضة العقل والفكر، ولكنه لن يرحل عن القلوب والذاكرة الجميلة، وستظل "دارة الدكتور محمد جابر الأنصاري للفكر والثقافة" الزاخرة بالعطاء الفكري مرجعاً لكل من يريد أن ينهل من بحر العلم والثقافة. هذا ما تركه لنا الدكتور محمد جابر الأنصاري، علم نافع يُنتفع به، وسيرة عطرة وزاخرة بالعطاء، وإرث فكري، ونموذج يُحتذى به بجميع تفاصيله.

ولا ننسى في هذا المقام أن نشير بأن الراحل ترك لمملكة البحرين إرثاً ثميناً وأغلى ما لديه، قرة عينه وثمرة فؤاده والابنة البارّة له الأستاذة هالة بنت محمد جابر الأنصاري مستشار جلالة الملك المعظم للشؤون الثقافية والعلمية حفظها الله والتي ستظل تحيي ذكراه وتسير على نهجه بإذنه تعالى، سائلين الله لسعادتها التوفيق والسداد.

وختاماً.. وببالغ الحزن أتقدم إلى أسرة وعائلة الفقيد الدكتور محمد جابر الأنصاري، وإلى سعادة الأستاذة هالة بنت محمد جابر الأنصاري بخالص العزاء والمواساة، سائلة المولى العلي القدير أن يتغمّد الفقد بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.