في المزاد العلني الشهير لبيع الأرقام المميزة للسيارات.. هل دُهش البحرينيون لأن ثمة من يفاخر بشراء الأرقام بهذه الأسعار الفلكية أثناء طاحونة أزمة اقتصادية تجتاح البلاد، لا يعرف أحد ملامحها ولا مآلاتها؟! أم دهشوا لأن من اشترى أحد الأرقام المميزة هو مقيم من أصول بنغالية؟! نحن إذن، وفي البحرين، نعيش وسط «أثرياء» لا نعرفهم، ولا نعرف طبيعة حياتهم!
منذ ثمانينات القرن الماضي، وفي تسعيناتها تحديداً، وبفعل انتشار الفضائيات، واتجاهات الدراما الخليجية، صار الخليجيون «مهتمين» بثقافة «الاستهلاك».
فهم يتباهون بالسيارات الجديدة والمساكن الفخمة ورحلات السفر المتعددة إلى أوروبا وآسيا في العام الواحد، كما أنهم أكثر الشعوب العربية اهتماماً بالعلامات التجارية والتباهي باقتناء منتجاتها.
ولا شك في أن شيئاً من هذا التصور صحيح وأن روح «الاستهلاك» قد هبطت من الطبقات الاجتماعية القادرة على التنافسية في «الاستهلاك» لتتسرب إلى الطبقات الأدنى اقتصادياً، مستفيدة من دهاء التنين الصيني في صناعــة «التقليــد».
فلم تعد ثمة قدرة على تمييز الانتماء الاقتصادي والطبقي لفتاتين تحمل إحداهما حقيبة يد من إنتاج علامة تجارية أصلية يتجاوز سعرها عشرة آلاف دولار، وفتاة تحمل حقيبة اليد ذاتها «بتقليد» صيني للعلامة التجارية نفسها، وبسعر لا يتجاوز «مائة» دولار.
وقس على ذلك باقي المنتجات الاستهلاكية التي يتقاسم ربحها بوتيكات الماركات العالمية في أوروبا، وورش التقليد في شرق آسيا. والتنافس الاجتماعي في عمليات «الاستهلاك» يعكس في جوهره السيكولوجي والسيسيولوجي الطموح الطبقي، والرغبة في كسر الفوارق «المظهرية» على الأقل.
وهو جموح مقلق ذو مؤشرات حضارية سلبية.
ومع مغادرتنا العشرية الأولى من الألفية الثانية، بدأت تضج وسائل التواصل الاجتماعي بثقافة جديدة، تتجاوز في خطورتها ثقافة «الاستهلاك»، وهي ثقـافة «الثــــراء».
والأبطال الرئيسون لهذه الثقافة هم من الأسر الثرية في دول الخليج، والفنانات الخليجيات.
فصار متابعو وسائل التواصل الاجتماعي على «الإنستغرام»، و«السناب شات» يتابعون أعراس العائلات الثرية وحفلات أعياد ميلاد أفرادها، التي تقام في أفخم الفنادق بأفخم التجهيزات وبحضور لفيف كبير من الفنانين العرب وتحديداً الفنانات، اللاتي تتباهي كل واحدة منهن أنها تضاعف أجرها في كل حفل.
كما يتابع المواطن العربي، والخليجي تحديداً، تزايد أعداد الشخصيات التجارية والفنية الذين يدخلون، تباعاً، نادي «الطيارات» الخاصة، ويتباهون بصورهم في «طياراتهم» الموسومة بأسمائهم.
وقد أصبح من المظاهر القديمة، غير المثيرة، المقاطع الفيلمية لبعض الفنانات وهن يتباهين بمجوهراتهن التي تحوم أسعارها في فلك ملايين الدولارات، وملابسهن الموشاة بالكامل بالألماس أو خيوط الذهب عيار 24 قيراطاً.
ومن الأنماط المبتكرة في التباهي بثقافة «الثراء» أسلوب إحدى الإعلاميات الخليجيات، التي تُقسط لمتابعيها على حساباتها الإلكترونية مشاهد من قصرها الفاخر الذي شيدته مؤخراً في مدينة دبي. فتتنقل بهم بين غرف العطور، وغرف النظارات الشمسية، وغرف الأحذية، وغرف الملابس، وتستعرض التشبيك الإلكتروني لقصرها وكيف تتابع أرجاءه الواسعة وتفاصيله الكثيرة عبر هاتفها الآيفون.
مظاهر «الثراء» السابقة وغيرها، تطرح أسئلة كثيرة عن حجم الثروة المتداولة في منطقة محدودة المساحة والبشر، مثل الخليج العربي. وعن الرؤية «الاجتماعية» للثروة، وكيفية «استهلاكها».
هل ثمة «استهلاك» حكيم لهذه الثروات في اتجاه نمو وازدهار حضاري حقيقي لدول الخليج؟ وماذا سيبقى للأجيال القادمة من هذه الثروات التي تستهلك في ثقافة «الثراء»؟
وحين أشاهد الاستعراضات المبتذلة للمباهاة بالثروة من قبل أبطال الثروات الخليجية، أتذكر المثل المصري الشعبي الساخر: «اللي عندو قرش محيرو يجيب حمام يطيرو».
منذ ثمانينات القرن الماضي، وفي تسعيناتها تحديداً، وبفعل انتشار الفضائيات، واتجاهات الدراما الخليجية، صار الخليجيون «مهتمين» بثقافة «الاستهلاك».
فهم يتباهون بالسيارات الجديدة والمساكن الفخمة ورحلات السفر المتعددة إلى أوروبا وآسيا في العام الواحد، كما أنهم أكثر الشعوب العربية اهتماماً بالعلامات التجارية والتباهي باقتناء منتجاتها.
ولا شك في أن شيئاً من هذا التصور صحيح وأن روح «الاستهلاك» قد هبطت من الطبقات الاجتماعية القادرة على التنافسية في «الاستهلاك» لتتسرب إلى الطبقات الأدنى اقتصادياً، مستفيدة من دهاء التنين الصيني في صناعــة «التقليــد».
فلم تعد ثمة قدرة على تمييز الانتماء الاقتصادي والطبقي لفتاتين تحمل إحداهما حقيبة يد من إنتاج علامة تجارية أصلية يتجاوز سعرها عشرة آلاف دولار، وفتاة تحمل حقيبة اليد ذاتها «بتقليد» صيني للعلامة التجارية نفسها، وبسعر لا يتجاوز «مائة» دولار.
وقس على ذلك باقي المنتجات الاستهلاكية التي يتقاسم ربحها بوتيكات الماركات العالمية في أوروبا، وورش التقليد في شرق آسيا. والتنافس الاجتماعي في عمليات «الاستهلاك» يعكس في جوهره السيكولوجي والسيسيولوجي الطموح الطبقي، والرغبة في كسر الفوارق «المظهرية» على الأقل.
وهو جموح مقلق ذو مؤشرات حضارية سلبية.
ومع مغادرتنا العشرية الأولى من الألفية الثانية، بدأت تضج وسائل التواصل الاجتماعي بثقافة جديدة، تتجاوز في خطورتها ثقافة «الاستهلاك»، وهي ثقـافة «الثــــراء».
والأبطال الرئيسون لهذه الثقافة هم من الأسر الثرية في دول الخليج، والفنانات الخليجيات.
فصار متابعو وسائل التواصل الاجتماعي على «الإنستغرام»، و«السناب شات» يتابعون أعراس العائلات الثرية وحفلات أعياد ميلاد أفرادها، التي تقام في أفخم الفنادق بأفخم التجهيزات وبحضور لفيف كبير من الفنانين العرب وتحديداً الفنانات، اللاتي تتباهي كل واحدة منهن أنها تضاعف أجرها في كل حفل.
كما يتابع المواطن العربي، والخليجي تحديداً، تزايد أعداد الشخصيات التجارية والفنية الذين يدخلون، تباعاً، نادي «الطيارات» الخاصة، ويتباهون بصورهم في «طياراتهم» الموسومة بأسمائهم.
وقد أصبح من المظاهر القديمة، غير المثيرة، المقاطع الفيلمية لبعض الفنانات وهن يتباهين بمجوهراتهن التي تحوم أسعارها في فلك ملايين الدولارات، وملابسهن الموشاة بالكامل بالألماس أو خيوط الذهب عيار 24 قيراطاً.
ومن الأنماط المبتكرة في التباهي بثقافة «الثراء» أسلوب إحدى الإعلاميات الخليجيات، التي تُقسط لمتابعيها على حساباتها الإلكترونية مشاهد من قصرها الفاخر الذي شيدته مؤخراً في مدينة دبي. فتتنقل بهم بين غرف العطور، وغرف النظارات الشمسية، وغرف الأحذية، وغرف الملابس، وتستعرض التشبيك الإلكتروني لقصرها وكيف تتابع أرجاءه الواسعة وتفاصيله الكثيرة عبر هاتفها الآيفون.
مظاهر «الثراء» السابقة وغيرها، تطرح أسئلة كثيرة عن حجم الثروة المتداولة في منطقة محدودة المساحة والبشر، مثل الخليج العربي. وعن الرؤية «الاجتماعية» للثروة، وكيفية «استهلاكها».
هل ثمة «استهلاك» حكيم لهذه الثروات في اتجاه نمو وازدهار حضاري حقيقي لدول الخليج؟ وماذا سيبقى للأجيال القادمة من هذه الثروات التي تستهلك في ثقافة «الثراء»؟
وحين أشاهد الاستعراضات المبتذلة للمباهاة بالثروة من قبل أبطال الثروات الخليجية، أتذكر المثل المصري الشعبي الساخر: «اللي عندو قرش محيرو يجيب حمام يطيرو».