إن تنمية المواطنة مسألة تربوية مهمة تحظى باهتمام بالغ دولياً وخليجياً، وذلك لأن المجتمعات الدولية بشكل عام والخليجية بشكل خاص تعتبر التربية للمواطنة أداة فعالة في تنمية الإحساس بالانتماء للمجتمع والوطن، والمهارات الضرورية للمشاركة في تنميته، والحفاظ على استقراره. إن التربية للمواطنة تهدف إلى بناء وعي الطلبة بحقوق المواطنة ومسؤولياتها كون المواطنة مهارات وقيماً مكتسبة بالممارسة، وكلما تم تزويد الطلبة بمهارات المواطنة ومعارفها زادت فرص مشاركتهم المستقبلية في شؤون وطنهم.

وفي مملكة البحرين وتنفيذاً للمادة الدستورية رقم 7 «ب» والتي تنص على أن «ينظم القانون أوجه العناية بالتربية الدينية والوطنية في مختلف مراحل التعليم وأنواعه، كما يعنى فيها جميعاً بتقوية شخصية المواطن واعتزازه بعروبته»، فقد تم اعتماد وتطبيق التربية للمواطنة لمختلف المراحل التعليمية في المدارس الحكومية والخاصة. ولقد أشارت وزارة التربية والتعليم في أدبياتها إلى أن التربية للمواطنة جاءت استجابة للمشروع الإصلاحي الذي قاده حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، ولدستور مملكة البحرين وقانون الطفل، قد تناولت موضوعات تتركز فيها مفاهيم حقوق الإنسان ومعانيها فكراً وممارسة، إلى جانب غرس مفاهيم أصيلة وسامية في وعي الطلبة مثل الديمقراطية والتسامح والحوار الهادف وتقبل الآخر وتعزيز جميع الجوانب والمواقف الحياتية المدرسية وذلك لتجسيد هذه الحقوق خارج المدرسة من خلال العاملين في الحقل التربوي والطلبة وأولياء أمورهم.

ولكن وعلى الرغم من مرور عقد من بدء الإصلاح التعليمي وما تبعه من تطوير تربوي واعتماد مناهج تربوية هادفة كالتربية للمواطنة، فإن هناك قصوراً وانخفاضاً في مستويات الكفاءة في المعلومات التاريخية عن البحرين والمعرفة المحدودة لنظام مملكة البحرين السياسي لدى طلبة المدارس. وهذا يعتبر شيئاً بديهياً، إذ كيف يمكن تحقيق تلك الأهداف السامية لمنهج التربية للمواطنة من خلال اتباع الطرق التقليدية في تدريس وتقييم الطلبة في هذا المنهج حالياً؟

إن التربية للمواطنة لايزال ينظر إليها من زاوية ضيقة ولاتزال تقرن مع مواد الدراسات الاجتماعية حيث يعتقد البعض أن تزيين المباني المدرسية باللوحات والصور التي تمثل مختلف التراث البحريني هو تعزيز كاف لروح المواطنة وإعداد مواطن وهذا يعود إلى ضيق مفهوم المواطنة لدى القائمين على تأليف المنهج وتنفيذه. يبدو وهذا واضحاً في أساليب تدريس هذه المادة واعتماد الامتحانات الموحدة لإجبار الطلبة على حفظ موضوعات التربية للمواطنة أسوة ببقية المواد التعليمية.

ينبغي على وزارة التربية والتعليم استغلال المواقف والمناسبات التاريخية والإسلامية والوطنية لمملكة البحرين سواء في مناهج التربية للمواطنة وأساليب تدريسها وفي تقويم الطلبة. على سبيل المثال، احتفالات العيد الوطني المجيد لمملكة البحرين والذي تقيمه وزارة التربية والتعليم بمشاركة آلاف من طلبة المدارس الحكومية يعتبر من أهم الفعاليات الوطنية التي يعبر بواسطتها الطلبة عن حبهم لوطنهم البحرين وللقيادة الحكيمة. ومؤخراً تم تسمية ذلك المهرجان باسم «البحرين أولاً» للدلالة على أن مملكة البحرين وسمعة البحرين تأتي أولاً في قلوب المواطنين. هذا الاحتفال هو فرصة ثمينة لعقد العديد من الفعاليات التربوية الوطنية التي من شأنها تعزيز روح المواطنة وتنمية الحس الوطني سواء لدى الطلبة أو للقائمين على العملية التعليمية والإدارية بالمدارس الحكومية والخاصة. ومن بين الفعاليات التي يمكن استغلالها وإبرازها خلال المهرجان المعارض التربوية حيث يمكن عرض لوحات ومشاريع وتمثيليات قصيرة فنية تربوية تمثل حب وإعزاز الطلبة لوطنهم البحرين، ويمكن رصد جوائز ومكافآت مادية أو عينية للتشجيع على المشاركة في تلك الفعاليات. كما يمكن تشجيع مشاركة طلبة التعليم الخاص لكونهم يمثلون نسبة كبيرة من طلبة مملكة البحرين سواء من خلال المشاركة في المهرجان أو في الفعاليات الثقافية.

مهرجان «البحرين أولاً» بحاجة إلى عملية تطوير مستمر وإدخال عناصر جديدة تعطيه حيويه وثراء يناسب مكانته في قلوب الناس. إذن مهرجان «البحرين أولاً» ينبغي ألا يبدأ ببدء المهرجان ولا ينتهي بنهايته.

إن التربية للمواطنة ليست مادة ترفيهية بل هي تعتبر من المواد التي يجب أن تحظي باهتمام بالغ من قبل القائمين على إعدادها وتنفيذها. ينبغي على وزارة التربية والتعليم أن تقوم بإجراء مراجعة شاملة ومدروسة لجميع مقررات التربية للمواطنة من حيث الموضوعات وأساليب التقييم حتى تحقق الأهداف التي وضعت من أجلها.