يقوم المفهوم التقليدي لسبب العقد على أنه أمر موضوعي، وهو الغرض أو الغاية المباشرة من إبرام العقد. وأمّا النظرية الحديثة، فيرى أنصارها أنه وإلى جانب السبب الموضوعي الذي يقول به أنصار النظرية التقليدية، هناك سبب العقد أي الباعث على التعاقد وهو أمر ذاتي خارج عن العقد، ويختلف باختلاف شخص المتعاقد، فالباعث عند البائع – على سبيل المثال – قد يكون التخلص من المبيع أو شراء شيء آخر أو الرغبة في السفر.. وهذا ما اهتم به القضاء الفرنسي رغبة منه في إخضاع المعاملات لقواعد الآداب العامة والنظام العام، فإذا كان السبب موافقاً للآداب والنظام العامّ صح العقد، وإلا بطل. وحرصاً على مبدأ استقرار المعاملات اهتم القضاء الفرنسي بالباعث الدافع على التعاقد «الباعث الرئيسي»، وذلك لتحديد مشروعية السبب من عدمها. أما البواعث الثانوية، فلا يهتم بها القاضي ولو كانت غير مشروعة، لأنه لا تأثير لها على الإرادة. وهذا القيد الأول على البواعث الشخصية. وإلى جانب هذا القيد، فقد اشترط أنصار هذه النظرية أن يكون الباعث الرئيسي داخلاً في دائرة التعاقد، أي أنه معلوم من المتعاقد الآخر، وذلك على اختلاف وتمييز بين عقود المعاوضات وعقود التبرع. ففي عقود المعاوضات لا بدّ من أن يكون الباعث غير المشروع معلوماً من المتعاقدين حتى يبطل العقد، وأما في عقود التبرع، فإن عدم مشروعية الباعث تبطل العقد، ولو لم يكن معلوماً من قبل المتعاقد الآخر، وهذا مبدأ مستقر ومفاده أن ضمان استقرار المعاملات واجب الرعاية في المعاوضات عنه في التبرعات. بقي أن نشير إلى أن موقف المشرع البحريني من ركن السبب قد تأثر بكلتا النظريتين، فلكل عقد سبب موجود ومشروع بحكم القانون، ومن يدّعي خلاف ذلك فعليه إثبات ما يدعي. كما يعدّ السبب الموجود في العقد هو السبب الحقيقي ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك، «م من القانون المدني 112»، فلا يشترط ذكر سبب العقد، لكن، إذا ذكر، فهو السبب الحقيقي. كما يبطل العقد إذا لم يكن له سبب أو كان سببه مخالفاً للنظام العام والآداب. «م111/أ من القانون المدني»، ولا يعتد بالباعث إلا إذا كان المتعاقد الآخر يعلمه، أو كان ينبغي عليه علمه «م11/ب من القانون المدني». وعلى ما سبق، فلا يشترط ذكر السبب في العقد، فإن ذكر فهو السبب الحقيقي، ومن يدّعي الصورية عليه اثباتها، كما لا يلزم ذكر الدافع الباعث للتعاقد، ولا يمكن الاعتداد بهذا الباعث إلا إذا كان المتعاقد الآخر يعلمه، أو كان يفترض به علمه، وهذا كله وفق المشرع البحريني.
* أستاذ القانون الخاص المساعد
- كلية الحقوق - جامعة البحرين
{{ article.visit_count }}
* أستاذ القانون الخاص المساعد
- كلية الحقوق - جامعة البحرين