المزاج الشعبي في حالة استياء من التطورات الأخيرة المعنية بزيادة أسعار البنزين، وهذا واقع لا يمكن نكرانه، بل يجب تثبيته، إن كنا نؤمن بطريقة حل المشكلات التي من المفترض أن تكون خطوتها الأولى تحديد المشكلة، والاعتراف بوجودها، لا الهروب منها كما يفعل كثير من المسؤولين، وكأن شيئاً لم يحصل.
الشكر موصول هنا لجلالة الملك والد الجميع حفظه الله على توجيهاته، وتشكيل اللجنة الوزارية، والتي نأمل أن تعمل بسرعة وإيجابية للنظر في أمر المواطنين ومساعدتهم على مواجهة القادم، وهذا الدور المفروض أصلاً أن تلعبه الحكومة.
لكن بموازاة هذا كله، لا يمكن على الإطلاق تجاهل ردود فعل الناس أو استنكارها، إذ للأسف من خلال متابعة حالات شبيهة لما يحصل الآن، حصلت في السنوات الماضية واستجلبت ردات فعل لدى المواطنين، كان الملاحظ أن تعاطي كثير من المسؤولين بالأخص المعنيين بالجانب المالي الذي يقرن برواتب الناس والبدلات والمساعدات، لم تكن على قدر المسؤولية التي تطلع لها المواطن.
لم يكن هناك أحد يخرج ليطلع الناس على ما سيحصل، وما سيتخذ من إجراءات، وهذا أمر غير صحيح، لأنه يفرض الأمور على الناس بأسلوب «المفاجأة»، وبالتالي تكون ردة الفعل غاضبة، خاصة إن ترجمها الناس على كونها تتمثل بـ«عدم الاكتراث» لرأيهم، ما يعتبر مخالفة لروح الآليات الديمقراطية التي جاء بها المشروع الإصلاحي، والتي يفترض أن تقوم على مبدأ «مشاركة المواطن في صناعة القرار».
وحتى لو أعلنت التوجهات، كما حصل في بعض الأمور سابقاً، تعودنا أن تكون «الخريطة المستقبلية» غير واضحة، وأن يكون «المشهد ضبابياً»، بحيث تكون تساؤلات الناس بشأن استقراء المستقبل لا أجوبة صريحة لها، وأصبحت بالتالي جملة «لا مساس بمكتسبات المواطن» وكأنها «مخدر» أو «مسكن» موضعي أو وقتي، بات الناس لا يقتنعون بها، إذ هم يرون مزيداً مما يعتبرونه تضييقاً في المعيشة، لا تقابله خطوات لموازنة ذلك، سواء عبر زيادة الرواتب، أو صرف بدلات تحقق التوازن، حتى لو كانت بطريقة «النسبة والتناسب» بحيث لا يتساوى الجميع في هذه الزيادات، من منطلق «عدم الإخلال بالعدالة» لو ساويت صاحب راتب يصل لأربعة آلاف بآخر يحصل على 400 دينار في نفس نسبة الزيادة أو البدل.
بعض النواب خرج ليدافع عن نفسه، ليقول إنهم أيضاً أخذوا على حين غرة وتفاجأوا، بالتالي منطقهم أن على الناس غض النظر عنهم وعدم لومهم، وبعضهم اعتبر أن الناس «أسهل» ما لديهم هو لوم النائب، لا لوم الحكومة، وهو ما فسره بعضهم أنه تحريض نيابي على الدولة، وبعض آخر على أنه تنصل من المسؤولية.
إن كنا نريد التراتبية في المسؤولية هنا، فالمنطق يقول بأن الناس تنتقد النائب الذي انتخبوه، والنائب بدوره عليه انتقاد الحكومة من منطلق صلاحيات السلطة التشريعية فيما يتعلق بعلاقتها مع السلطة التنفيذية، وامتلاكها لأدوات دستورية رقابية وتمنحهم حق المساءلة.
هذا هو الترتيب المنطقي، رغم أن المواطنين يمارسون نقداً موجهاً للحكومة عبر وسائل التعبير المتاحة لهم، لكن أن يطلب النواب إخلاء ساحتهم هكذا، وأن على الناس «الرأفة بهم» لأنهم عاجزون، أو لأن خمسة أو ستة نواب يتمثلون بمواقف مشرفة والبقية لديهم «حسباتهم» فهذا أمر لا تحسبوه على الناس. إذ كمواطن لا تهمني «تبريراتك» ولا «مشاكلك الداخلية» في المجلس، سأقدر لك موقفك الشخصي لكن لا تحسبه علي كـ«فضل» و«تمنن»، إذ في النهاية سأطالبك بإخلاء مسؤوليتك والاستقالة، لا أن تتمسك بكرسيك وتقول «لا حول لي ولا قوة».
للنواب الذين يطلبون «إخلاء ساحتهم» من الناس، وأن على الناس والصحافة لوم الحكومة مباشرة، عليهم أن يدركوا أن الناس والصحافة تفعل ذلك، ونحن لسنا خصوم من يعمل بشكل صحيح وبضمير حي، لكن أنتم عليكم اليوم «مواجهة» زملائكم النواب المتخاذلين وتعريتهم، من حقنا عليكم أن تكشفوا لنا من هم الذين باعوا الوهم للناس، وباتوا يهربون اليوم، ومن تحولوا لنواب حكومة بدل أن يكونوا نواب شعب.
الحكومة لديها استراتيجيتها وإن لم يكن للنواب أسلوب صحيح للتعامل معها، وفق ضوابط عمل السلطتين، فإن العملية ستتم بأسلوب «المناورات» ومن «يلعبها صح» يكسب، لكن الخاسر دائما هو المواطن. بالتالي لسنا معنيين بكيفية تعاملكم وطرقكم، ما يهمنا أن يكون الحراك خادماً للناس مساعداً لهم، لا أن يتسبب بالتضييق عليهم.
الوضع الحالي يفيد بأنه لا حل يفضي لإعادة أسعار البنزين لما كانت عليه، وأن هامش التحرك سيكون في محاولة زيادة علاوات الغلاء والمساعدات وغيرها، هذا هو واقع عبر عنه بعض النواب، تمهيداً للناس بأن يقبلوا به.
بالتالي، لا يفترض أن يكون هناك استياء حيال مطلب الناس الذي انتشر الآن، متمثلا باقتراح أن يلغى مجلس النواب وأن نكتفي بمجلس الشورى على غرار كثير من الدول حولنا، إذ مصاريف مجلس النواب وحده بتقاعد أفراده وبدلاته وسياراته وسفراته وغيرها، كلها مبالغ كبيرة لو لم تكن موجودة أقلها كنا استفدنا من هذه الملايين لدعم الناس.
الناس تموج، والأفكار والمقترحات تتزايد، ولسان حال الجميع، لماذا الحلول السريعة تكون دوماً على حسابهم، في حين يمكن في جوانب أخرى فعل الكثير؟
نترقب الأيام القادمة، عل القادم يحمل خيراً، لا العكس.
الشكر موصول هنا لجلالة الملك والد الجميع حفظه الله على توجيهاته، وتشكيل اللجنة الوزارية، والتي نأمل أن تعمل بسرعة وإيجابية للنظر في أمر المواطنين ومساعدتهم على مواجهة القادم، وهذا الدور المفروض أصلاً أن تلعبه الحكومة.
لكن بموازاة هذا كله، لا يمكن على الإطلاق تجاهل ردود فعل الناس أو استنكارها، إذ للأسف من خلال متابعة حالات شبيهة لما يحصل الآن، حصلت في السنوات الماضية واستجلبت ردات فعل لدى المواطنين، كان الملاحظ أن تعاطي كثير من المسؤولين بالأخص المعنيين بالجانب المالي الذي يقرن برواتب الناس والبدلات والمساعدات، لم تكن على قدر المسؤولية التي تطلع لها المواطن.
لم يكن هناك أحد يخرج ليطلع الناس على ما سيحصل، وما سيتخذ من إجراءات، وهذا أمر غير صحيح، لأنه يفرض الأمور على الناس بأسلوب «المفاجأة»، وبالتالي تكون ردة الفعل غاضبة، خاصة إن ترجمها الناس على كونها تتمثل بـ«عدم الاكتراث» لرأيهم، ما يعتبر مخالفة لروح الآليات الديمقراطية التي جاء بها المشروع الإصلاحي، والتي يفترض أن تقوم على مبدأ «مشاركة المواطن في صناعة القرار».
وحتى لو أعلنت التوجهات، كما حصل في بعض الأمور سابقاً، تعودنا أن تكون «الخريطة المستقبلية» غير واضحة، وأن يكون «المشهد ضبابياً»، بحيث تكون تساؤلات الناس بشأن استقراء المستقبل لا أجوبة صريحة لها، وأصبحت بالتالي جملة «لا مساس بمكتسبات المواطن» وكأنها «مخدر» أو «مسكن» موضعي أو وقتي، بات الناس لا يقتنعون بها، إذ هم يرون مزيداً مما يعتبرونه تضييقاً في المعيشة، لا تقابله خطوات لموازنة ذلك، سواء عبر زيادة الرواتب، أو صرف بدلات تحقق التوازن، حتى لو كانت بطريقة «النسبة والتناسب» بحيث لا يتساوى الجميع في هذه الزيادات، من منطلق «عدم الإخلال بالعدالة» لو ساويت صاحب راتب يصل لأربعة آلاف بآخر يحصل على 400 دينار في نفس نسبة الزيادة أو البدل.
بعض النواب خرج ليدافع عن نفسه، ليقول إنهم أيضاً أخذوا على حين غرة وتفاجأوا، بالتالي منطقهم أن على الناس غض النظر عنهم وعدم لومهم، وبعضهم اعتبر أن الناس «أسهل» ما لديهم هو لوم النائب، لا لوم الحكومة، وهو ما فسره بعضهم أنه تحريض نيابي على الدولة، وبعض آخر على أنه تنصل من المسؤولية.
إن كنا نريد التراتبية في المسؤولية هنا، فالمنطق يقول بأن الناس تنتقد النائب الذي انتخبوه، والنائب بدوره عليه انتقاد الحكومة من منطلق صلاحيات السلطة التشريعية فيما يتعلق بعلاقتها مع السلطة التنفيذية، وامتلاكها لأدوات دستورية رقابية وتمنحهم حق المساءلة.
هذا هو الترتيب المنطقي، رغم أن المواطنين يمارسون نقداً موجهاً للحكومة عبر وسائل التعبير المتاحة لهم، لكن أن يطلب النواب إخلاء ساحتهم هكذا، وأن على الناس «الرأفة بهم» لأنهم عاجزون، أو لأن خمسة أو ستة نواب يتمثلون بمواقف مشرفة والبقية لديهم «حسباتهم» فهذا أمر لا تحسبوه على الناس. إذ كمواطن لا تهمني «تبريراتك» ولا «مشاكلك الداخلية» في المجلس، سأقدر لك موقفك الشخصي لكن لا تحسبه علي كـ«فضل» و«تمنن»، إذ في النهاية سأطالبك بإخلاء مسؤوليتك والاستقالة، لا أن تتمسك بكرسيك وتقول «لا حول لي ولا قوة».
للنواب الذين يطلبون «إخلاء ساحتهم» من الناس، وأن على الناس والصحافة لوم الحكومة مباشرة، عليهم أن يدركوا أن الناس والصحافة تفعل ذلك، ونحن لسنا خصوم من يعمل بشكل صحيح وبضمير حي، لكن أنتم عليكم اليوم «مواجهة» زملائكم النواب المتخاذلين وتعريتهم، من حقنا عليكم أن تكشفوا لنا من هم الذين باعوا الوهم للناس، وباتوا يهربون اليوم، ومن تحولوا لنواب حكومة بدل أن يكونوا نواب شعب.
الحكومة لديها استراتيجيتها وإن لم يكن للنواب أسلوب صحيح للتعامل معها، وفق ضوابط عمل السلطتين، فإن العملية ستتم بأسلوب «المناورات» ومن «يلعبها صح» يكسب، لكن الخاسر دائما هو المواطن. بالتالي لسنا معنيين بكيفية تعاملكم وطرقكم، ما يهمنا أن يكون الحراك خادماً للناس مساعداً لهم، لا أن يتسبب بالتضييق عليهم.
الوضع الحالي يفيد بأنه لا حل يفضي لإعادة أسعار البنزين لما كانت عليه، وأن هامش التحرك سيكون في محاولة زيادة علاوات الغلاء والمساعدات وغيرها، هذا هو واقع عبر عنه بعض النواب، تمهيداً للناس بأن يقبلوا به.
بالتالي، لا يفترض أن يكون هناك استياء حيال مطلب الناس الذي انتشر الآن، متمثلا باقتراح أن يلغى مجلس النواب وأن نكتفي بمجلس الشورى على غرار كثير من الدول حولنا، إذ مصاريف مجلس النواب وحده بتقاعد أفراده وبدلاته وسياراته وسفراته وغيرها، كلها مبالغ كبيرة لو لم تكن موجودة أقلها كنا استفدنا من هذه الملايين لدعم الناس.
الناس تموج، والأفكار والمقترحات تتزايد، ولسان حال الجميع، لماذا الحلول السريعة تكون دوماً على حسابهم، في حين يمكن في جوانب أخرى فعل الكثير؟
نترقب الأيام القادمة، عل القادم يحمل خيراً، لا العكس.