السادة المترشحون الكرام.. ها قد انتهت فترة الانتخابات وحسمت الأمور، وأخذ الفائزون في الانتخابات أماكنهم، فاستقر أصحاب السعادة النواب على مقاعدهم النيابية، واستقر الأفاضل البلديون في أماكنهم. أما من لم يحالفهم الحظ فها قد تجاوزوا مرحلة الإحباط والآثار النفسية التي عادة ما يمر بها المترشح، والبعض دخل مرحلة إعادة الحسابات مع نفسه، وربما طوى البعض تلك الصفحة من حياته ورماها في جب النسيان، فقد اعتزم بألا يعود لمثل هذه التجربة.

السادة المترشحون الكرام.. ها قد انتهت معركة المنافسة في الانتخابات والسباق للوصول للمقعد النيابي، والمقعد البلدي، وانقضت ليالي أمضيتموها في الترويج لبرامجكم المستقبلية، ومحاولة كسب الرأي العام ليتحول في النهاية إلى عدد من الأصوات ترجون كسبها وهي تمثل كسب ثقة الجمهور، ليالي أمضيتموها في اجتماعات، وندوات، ولقاءات، وخيام عجت بها ساحات المناطق، ولوحات زينت الشوارع بعبارات طموحة لكل مترشح.. كل هذا أصبح ماضياً.

والبعض وما أدراك ما البعض، فقد لجأ لأساليب جارحة في منافسته لمنافسيه، فخذ من يمينه، إشاعات، واتهامات، وتشهير، ونبش في ماضي منافسيه قد ستره الله من قبل فيمس بسمعة الآخرين، والبعض وما أدراك ما البعض، يكيل التهم، ويجهز البلاغات ضد منافسيه ويسوق الأدلة ليدخل منافسه في دوامة محاكم وقضايا فينشغل عن منافسته. كل هذا أصبح ماضياً وانطوى. ولكن هناك ما يعجز الزمن عن مسحه، وهناك ما يثقل ساعدي الزمن عن إلقائه في حاوية الماضي.. فمهلاً أيها السادة المترشحون فتأمل ما بقي من كل هذه التجربة.

السادة المترشحون الأفاضل، مهلاً لم تنتهِ نتيجة الانتخابات بعد فهناك نتيجة أخرى لم تعلن رسمياً ولكن تبقى هذه النتيجة في المجتمع، ولعمري إن أثرها وأهميتها لا تقل أهمية عن النتيجة الرسمية للانتخابات.. إنها انطباعات الناس عن المترشح وعن سلوكه وتعامله مع الآخرين. فعلاً.. قد قال الناس «نعم «، لمن قرروا ترشيحه ولكنهم خرجوا من تجربة الانتخابات بذكريات وانطباعات عن سلوكيات المترشحين، تلك الانطباعات تظل قائمة وقديماً قال أجدادنا «الصيت ولا الغنى»، أي السمعة أهم من الغنى، فسيظل الناس يقدرون المواقف المعتدلة في تعاطي المرشحين، فسيذكر الناس من رفض أن يرد على الشائعات وتعالى وتنزه عن الشجار واختار أن يخسر مقعداً بدلاً من أن يخسر رأي الناس فيه، فسيذكرون من هنأ منافسه بفوزه برحابة صدر ووقف بجانبه وكأنه يقول سأكمل معك الطريق فهمنا واحد هو مصلحة أهلنا وأبناء منطقتنا، سيذكر الناس من قلد منافسه الورد فخراً به، وسيذكرون من أبى أن يمد يده بالعطايا مقابل كسب أصوات الناخبين، وسيذكرون من أعطى درساً عملياً للأجيال في المنافسة الشريفة وأبى أن يلوث صفحة من صفحات حياته.

وسيذكر الناس من عرف فن إطلاق الشائعات، وأتقن كيل التهم لمنافسيه، وعرف كيف يشهر، ويشوه سمعة المنافسين، وارتضى أن يكذب ويحرف الحقائق، سيظل الناس يذكرون من أجزلت يده بالعطايا لهم وجاد بصفحة وجهه لهم فهو يتحدث معهم ويتحاور ويسمع لهم، حتى إذا ما انفضت الانتخابات شاح بصفحة وجهه عن الناس وأغلق هاتفه فهو كما قال الشاعر:

صلى المصلي لأمـر كان يـطلبه

لما انقضى الأمر لا صلى ولا صاما

فالفائز الحقيقي هو من فاز بسمعة طيبة بين الناس، هو من فاز بمحبتهم واحترامهم، وتبوأ مقعداً بين أهله وقومه، وكسب احترام ومحبة أبناء منطقته فهو من يستحق التهنئة وهو من يستحق أن يحتفل ويحتفى به.

السادة الفائزون بأصوات الناخبين، لكم منا أحر التهاني والتبريكات للثقة التي منحكم الناس إياها، فالفوز بثقة الناس نعمة كبيرة تستحق الاجتهاد للحفاظ عليها، نعم ظفرتم بالسباق للوصول للمقعد بثقة الناس ورجائهم وآمالهم فيكم، وبدأتم سباقاً آخر وهو الحفاظ على تلك الثقة الكبيرة التي منحكم الناس إياها فهذا السباق أطول وأصعب فهو سباق مليء بالحواجز، فعليكم أن تثبتوا أنكم أهل لهذه الثقة وأنكم قادرون على تمثيل من منحكم صوته، وأنكم حريصون على مصلحة أهل منطقتكم، أثبتوا للناس أن منافستكم كانت للوصول لقناة تعطيكم الفرصة لخدمة الناس وليس منافستكم للوصول لمكاسب مادية واجتماعية «راتب، وسيارة، وظهور إعلامي، ومخالطة علية القوم، و...، ... إلخ»، وكلمة أخيرة ولا كلمة سواها.. دمتم أبناء قومي سالمين.