أُسدل الستار عن الانتخابات النيابية والبلدية في البحرين لعام 2018. أحصت جميع الجهات ذات الشأن خسائرها ومكاسبها. وحلل كل من يهمه الأمر مجريات الانتخابات وتوقعاته لمآلاتها. مرحلة حرجة تنتظر من وصل إلى البرلمان: الأداء الباهت لنواب الدورة السابقة، تحديات التوازن المالي في ظل تذبذب سعر النفط «نحو الانخفاض طبعاً». التطورات الإقليمية القادمة المحملة بمفاجآت لم تشهدها المنطقة قبلاً. كلها ملفات كانت تحتاج تشكيلة برلمانية مؤهلة تأهيلاً خاصا، ومستعدة بتوقعاتها لمواجهة هذه الملفات. السؤال الأكبر: هل تستطيع هذه الكتلة تقديم أداء يتناسب مع حجم التحديات المتوقعة؟ إنه سؤال مازال باكرا الإجابة عنه، على الرغم من تعدد التوقعات.
من سجّل العلامة البارزة في هذه الانتخابات هو المزاج الشعبي الذي حضر بقوة غير معهودة. صار الصوت الشعبي المستقل سيد الموقف والحاسم في كثير من الدوائر وخصوصاً الدوائر ذات التوصيف «السني». نتج عن هذه الانتخابات استبدال الوجوه النيابية القديمة بنسبة تتجاوز الثمانين بالمائة، وبوجوه شبابية جديدة على المجال العام. وأغلب المرشحين الذين وصفوا أنفسهم بأنهم موظفون كبار متقاعدون وذوو خبرة ومؤهلات أكاديمية عالية لم يحالفهم الحظ!! هل تخلى المجتمع عن قاعدة «اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفه»؟ هل عدلنا عن المثل الشعبي: «امسك مجنونك حتى لا يأتيك اللي أجن منه»؟. أم أن الناس صاروا يقيمون من يعرفونهم بموضوعية، فحاولوا تحقيق مطالبهم بالذين لا يعرفونهم؟
الخاسر الأكبر في انتخابات البرلمان 2018 كانت الجمعيات السياسية الإسلامية. فبعيداً عن حل جمعية الوفاق وجمعية العمل ذات الطابع الديني الشيعي، فإن أي معمم شيعي لم يتمكن من الوصول لقبة البرلمان. كما إن الجمعيات السياسية السنية منيت بهزيمة سياسية ساحقة. فلم يتمكن أي مرشح من جمعية المنبر من الفوز في أي دائرة من الدوائر التي كانت مثل المعاقل المحصنة. كما إن جمعية الأصالة نجحت بثلاث مقاعد رسمية فقط.
وربما كانت مفاجأة الجميع فوز جمعية المنبر التقدمي «يسار» بمقعدين دفعة واحدة، وفي دوائر صعبة كان بعضها يسيطر عليها التيار الإسلامي. فوز المنبر التقدمي يقدم نموذجاً متزناً للجمعيات السياسية المعارضة، حيث فضل المنبر التعبير عن معارضته من داخل الدولة ومن معطيات العملية الديمقراطية بما منحه المشروع الإصلاحي من مؤسسات وتشريعات هي أدوات التعبير والتغيير. وهو توجه يخلق حالة من الأمن والطمأنينة على مستقبل البلد بعيداً عن تجييش الشارع وبذر المهاترات والدخول في مزايدات في الوطنية والديمقراطية لا طائل من ورائها سوى تأزيم الوضع في البلد. كما يعبر فوز المنبر عن مزاج شعبي متغير تجاه المؤثرات الحادة في المرحلة السابقة، وخصوصا المؤثر الديني. ويعد مؤشراً لعودة التيارات الوطنية والمدنية التي «يفترض» أن تعتمد على الكفاءة في التأهيل والأداء وتتجاوز في أطروحاتها التصنيفات المذهبية والاصطفافات المؤسسة على كفتي «الموالاة والمعارضة».
وفي سياق التغيرات الواضحة في المزاج الشعبي في البحرين فقد تمكنت ست سيدات من تخطي منافسات الانتخابات والوصول إلى كراسي البرلمان، وهو رقم كبير يفوق التوقعات. وتمكنت أربع سيدات أخريات من الفوز في الانتخابات البلدية. كان عدد المترشحات قياسياً هذه المرة، وامتلأت كل الدوائر الانتخابية بصورهن ودعاياتهن الانتخابية. وإذا أردت أن تقيس مقدار تحضر أي مجتمع فإنك لا بد أن تقيس وضع المرأة فيه، ونظرة المجتمع إليها. لقد نجحت المرأة في بلوغ البرلمان والبلديات بمجهودها الفردي دون «كوتا»، ودون جمعيات سياسية تدعمها أو تكتلات قبلية تدفع بها وتدافع عنها. وهو إنجاز مجتمعي كبير يحتسب لبحرين التمدن والحداثة، وإنجاز للمشروع الإصلاحي والحكومة والمجلس الأعلى للمرأة الذي عزز وضع المرأة في البحرين عبر عمليات التمكين الممنهجة التي جعلت المرأة واجهة مجتمعية متميزة في العمل الحكومي وفي المجال العام في البحرين.
المعركة الانتخابية لهذه الدورة خلت من أي تجييش ضد المرأة ورفعها صورها في الشوارع، وتوليها المناصب التشريعية والشعبية. وخلت كذلك من النبرة التكفيرية والطائفية تجاه المخالفين، وهو سلوك انتخابي سلبي شاب بعض الحملات الانتخابية في بعض الدوائر. إن تخلص البحرين من تلك السلبيات، وتحرر الوعي الشعبي من تأثيرها يعد تطوراً حقيقياً وحالة تقدم يعول عليها في تطوير التجربة الديمقراطية في البحرين.
علينا أن نكون منصفين في مدى تحميلنا لمملكة البحرين من أحمال ديمقراطية لا تتناسب مع حداثة التجربة وحجم البحرين الجغرافي والديمغرافي والاقتصادي وحساسية موقعها الوسط بين الأزمات الإقليمية. علينا أن نضع التجربة الديمقراطية البحرينية في سياق التجارب العربية كي نتمكن من الحكم الموضوعي عليها، وعلينا أن نعول أكثر، في تطوير التجربة الديمقراطية، على وعي الشعب البحريني الذي بدأ يستعيد سماته التاريخية الحديثة وأخذ يسقط بعض الدعامات المشوشة لسنوات البدء. وربما... يؤسس الوعي الشعبي الجديد لخطاب سياسي وتداول سياسي جديدين يسهمان في تعزيز الوضع الديمقراطي في البحرين. ولكن، يجب ألا يكون الوعي الشعبي منفصلاً عن تطور الوعي الحكومي بضرورة تطوير أدوات الديمقراطية من رقابة ومحاسبة وتغيير، وشراكة في اتخاذ القرار.
من سجّل العلامة البارزة في هذه الانتخابات هو المزاج الشعبي الذي حضر بقوة غير معهودة. صار الصوت الشعبي المستقل سيد الموقف والحاسم في كثير من الدوائر وخصوصاً الدوائر ذات التوصيف «السني». نتج عن هذه الانتخابات استبدال الوجوه النيابية القديمة بنسبة تتجاوز الثمانين بالمائة، وبوجوه شبابية جديدة على المجال العام. وأغلب المرشحين الذين وصفوا أنفسهم بأنهم موظفون كبار متقاعدون وذوو خبرة ومؤهلات أكاديمية عالية لم يحالفهم الحظ!! هل تخلى المجتمع عن قاعدة «اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفه»؟ هل عدلنا عن المثل الشعبي: «امسك مجنونك حتى لا يأتيك اللي أجن منه»؟. أم أن الناس صاروا يقيمون من يعرفونهم بموضوعية، فحاولوا تحقيق مطالبهم بالذين لا يعرفونهم؟
الخاسر الأكبر في انتخابات البرلمان 2018 كانت الجمعيات السياسية الإسلامية. فبعيداً عن حل جمعية الوفاق وجمعية العمل ذات الطابع الديني الشيعي، فإن أي معمم شيعي لم يتمكن من الوصول لقبة البرلمان. كما إن الجمعيات السياسية السنية منيت بهزيمة سياسية ساحقة. فلم يتمكن أي مرشح من جمعية المنبر من الفوز في أي دائرة من الدوائر التي كانت مثل المعاقل المحصنة. كما إن جمعية الأصالة نجحت بثلاث مقاعد رسمية فقط.
وربما كانت مفاجأة الجميع فوز جمعية المنبر التقدمي «يسار» بمقعدين دفعة واحدة، وفي دوائر صعبة كان بعضها يسيطر عليها التيار الإسلامي. فوز المنبر التقدمي يقدم نموذجاً متزناً للجمعيات السياسية المعارضة، حيث فضل المنبر التعبير عن معارضته من داخل الدولة ومن معطيات العملية الديمقراطية بما منحه المشروع الإصلاحي من مؤسسات وتشريعات هي أدوات التعبير والتغيير. وهو توجه يخلق حالة من الأمن والطمأنينة على مستقبل البلد بعيداً عن تجييش الشارع وبذر المهاترات والدخول في مزايدات في الوطنية والديمقراطية لا طائل من ورائها سوى تأزيم الوضع في البلد. كما يعبر فوز المنبر عن مزاج شعبي متغير تجاه المؤثرات الحادة في المرحلة السابقة، وخصوصا المؤثر الديني. ويعد مؤشراً لعودة التيارات الوطنية والمدنية التي «يفترض» أن تعتمد على الكفاءة في التأهيل والأداء وتتجاوز في أطروحاتها التصنيفات المذهبية والاصطفافات المؤسسة على كفتي «الموالاة والمعارضة».
وفي سياق التغيرات الواضحة في المزاج الشعبي في البحرين فقد تمكنت ست سيدات من تخطي منافسات الانتخابات والوصول إلى كراسي البرلمان، وهو رقم كبير يفوق التوقعات. وتمكنت أربع سيدات أخريات من الفوز في الانتخابات البلدية. كان عدد المترشحات قياسياً هذه المرة، وامتلأت كل الدوائر الانتخابية بصورهن ودعاياتهن الانتخابية. وإذا أردت أن تقيس مقدار تحضر أي مجتمع فإنك لا بد أن تقيس وضع المرأة فيه، ونظرة المجتمع إليها. لقد نجحت المرأة في بلوغ البرلمان والبلديات بمجهودها الفردي دون «كوتا»، ودون جمعيات سياسية تدعمها أو تكتلات قبلية تدفع بها وتدافع عنها. وهو إنجاز مجتمعي كبير يحتسب لبحرين التمدن والحداثة، وإنجاز للمشروع الإصلاحي والحكومة والمجلس الأعلى للمرأة الذي عزز وضع المرأة في البحرين عبر عمليات التمكين الممنهجة التي جعلت المرأة واجهة مجتمعية متميزة في العمل الحكومي وفي المجال العام في البحرين.
المعركة الانتخابية لهذه الدورة خلت من أي تجييش ضد المرأة ورفعها صورها في الشوارع، وتوليها المناصب التشريعية والشعبية. وخلت كذلك من النبرة التكفيرية والطائفية تجاه المخالفين، وهو سلوك انتخابي سلبي شاب بعض الحملات الانتخابية في بعض الدوائر. إن تخلص البحرين من تلك السلبيات، وتحرر الوعي الشعبي من تأثيرها يعد تطوراً حقيقياً وحالة تقدم يعول عليها في تطوير التجربة الديمقراطية في البحرين.
علينا أن نكون منصفين في مدى تحميلنا لمملكة البحرين من أحمال ديمقراطية لا تتناسب مع حداثة التجربة وحجم البحرين الجغرافي والديمغرافي والاقتصادي وحساسية موقعها الوسط بين الأزمات الإقليمية. علينا أن نضع التجربة الديمقراطية البحرينية في سياق التجارب العربية كي نتمكن من الحكم الموضوعي عليها، وعلينا أن نعول أكثر، في تطوير التجربة الديمقراطية، على وعي الشعب البحريني الذي بدأ يستعيد سماته التاريخية الحديثة وأخذ يسقط بعض الدعامات المشوشة لسنوات البدء. وربما... يؤسس الوعي الشعبي الجديد لخطاب سياسي وتداول سياسي جديدين يسهمان في تعزيز الوضع الديمقراطي في البحرين. ولكن، يجب ألا يكون الوعي الشعبي منفصلاً عن تطور الوعي الحكومي بضرورة تطوير أدوات الديمقراطية من رقابة ومحاسبة وتغيير، وشراكة في اتخاذ القرار.