كُتِب الكثير عن الخروقات والتجاوزات التي احتواها تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير لهذا العام، وتحدث الشارع عنها وهدد النواب بها ومع ذلك فإنها لمُ تُشبع دراسة وتحليلاً بما يكفي. فتكرار ظاهرة الفساد على الرغم من مخالفتها للنظام والدستور والقانون إلا أنها آخذة في الازدياد والانتشار، مما يوجبنا أن نضعها في دراسة علمية وقانونية لمعرفة أسبابها واستمرارها وعدم القضاء عليها بصورة جدِّية.
نحن اليوم نحاول أن نتناول الموضوع من جانب آخر، وسنصوغه هنا عبر سؤال واحد وهو، ما هي علاقة الفساد المالي والتجاوزات الإدارية الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية ومعالي الوزراء الذين يمثلون كل الأشخاص والجهات المخالفة التي وردت فيها كل الخروقات؟ بمعنى آخر، هل للوزراء علاقة مباشرة بالتجاوزات التي أوردها تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية لهذا العام وللأعوام السابقة أم لا؟
بداية يجب أن نوضح للجميع أمراً مهماً للغاية. وهو أننا نؤكد ونجزم على أن يد معالي الوزراء نظيفة جداً جداً من كل أشكال الفساد، ولا يمكن أن نتهم أي وزير في الدولة بالفساد أو التلاعب أو التجاوز، ليس لأنهم ملائكة أو معصومين عن الخطأ، ولكن لأن تجاربنا العملية معهم وطبيعة عملهم إضافة لوضعهم الدستوري والقانوني والمالي والأخلاقي لا يمكن لهم أن يقوموا بتجاوزات من هذا النوع أو حتى بدرجات أقل، فيد الوزراء عندنا نظيفة ونزيهة وهذا ما لا نقاش فيه في المُجمل.
إذاً ما هي قصة التجاوزات داخل مؤسسات ووزارات الدولة التي أوردها التقرير إذا كان كل الوزراء يتصفون بالنزاهة؟ بكل تأكيد هناك فرق بين أن يسرق الابن وبين أن يسرق الأب، فحين يسرق الابن دون علم الأب أو من دون رضاه فلا يجوز أن نتَّهم الأب بالسرقة، لأن من قام بالسرقة هو الابن وليس أباه، لكن، يمكن في بعض الأحيان أن يُلام الأب على عدم مراقبته لولده أو عدم قيامه بمسؤولياته التربوية التامة وتقصيره الشديد بتربية ابنه بطريقة محكمة ليعلمه من خلالها سوء وخطأ وخطورة السرقة. فملامة الناس للأب هنا تقع في خانة كونه المسؤول الأول عن ابنه الذي يجب أن يكون في عهدته وتحت يده نزيهاً ونظيفاً وعدم قيامه بعمل يضر بمصالح الآخرين أو يكون سلوكه اعتداء عليهم.
نحن نتبنى هذه النظرية أيضاً، فنقول، بما أن التجاوزات والسرقات والإهمال المتعمد الذي يقوم به بعض الموظفين داخل الوزارة «الفلانية» بسبب سلوكهم يشكل هدراً للمال العام وتقصيراً واضحاً في مهامهم فإن من يتحمل تبعات هذه المخالفات هو المسؤول المباشر عنهم ألا وهو الوزير، لأنه هو المسؤول الأول عن موظفيه، ناهيك عن أن توقيت حصول المخالفات حدث في عهده ووقت توزيره للوزارة وليس في وقت آخر.
فالوزراء وإن كانوا نزيهين من ناحية عفة اليد -وهذا أمر لا شك فيه كما ذكرنا- إلا أنهم يتحملون مسؤولية حدوث التجاوزات في فترة توليهم مسؤوليات وقيادة الوزارات ومؤسسات الدولة، ومن هنا فالوزراء يجب أن يكونوا أكثر صرامة مع كل متجاوز وفاسد وسارق ومخالف قاموا بفعل مخالف للقانون تحت مظلتهم، وأن يقدموا كل متجاوز للنيابة العامة قبل أن يجبرهم القانون على فعل ذلك، فاكتمال النزاهة يكون في محاسبة الوزراء للمفسدين حتى قبل صدور تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية. فهذا الأمر أكمل وأتم وأفضل لو حدث كل عام قبل صدور تقرير الديوان.
{{ article.visit_count }}
نحن اليوم نحاول أن نتناول الموضوع من جانب آخر، وسنصوغه هنا عبر سؤال واحد وهو، ما هي علاقة الفساد المالي والتجاوزات الإدارية الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية ومعالي الوزراء الذين يمثلون كل الأشخاص والجهات المخالفة التي وردت فيها كل الخروقات؟ بمعنى آخر، هل للوزراء علاقة مباشرة بالتجاوزات التي أوردها تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية لهذا العام وللأعوام السابقة أم لا؟
بداية يجب أن نوضح للجميع أمراً مهماً للغاية. وهو أننا نؤكد ونجزم على أن يد معالي الوزراء نظيفة جداً جداً من كل أشكال الفساد، ولا يمكن أن نتهم أي وزير في الدولة بالفساد أو التلاعب أو التجاوز، ليس لأنهم ملائكة أو معصومين عن الخطأ، ولكن لأن تجاربنا العملية معهم وطبيعة عملهم إضافة لوضعهم الدستوري والقانوني والمالي والأخلاقي لا يمكن لهم أن يقوموا بتجاوزات من هذا النوع أو حتى بدرجات أقل، فيد الوزراء عندنا نظيفة ونزيهة وهذا ما لا نقاش فيه في المُجمل.
إذاً ما هي قصة التجاوزات داخل مؤسسات ووزارات الدولة التي أوردها التقرير إذا كان كل الوزراء يتصفون بالنزاهة؟ بكل تأكيد هناك فرق بين أن يسرق الابن وبين أن يسرق الأب، فحين يسرق الابن دون علم الأب أو من دون رضاه فلا يجوز أن نتَّهم الأب بالسرقة، لأن من قام بالسرقة هو الابن وليس أباه، لكن، يمكن في بعض الأحيان أن يُلام الأب على عدم مراقبته لولده أو عدم قيامه بمسؤولياته التربوية التامة وتقصيره الشديد بتربية ابنه بطريقة محكمة ليعلمه من خلالها سوء وخطأ وخطورة السرقة. فملامة الناس للأب هنا تقع في خانة كونه المسؤول الأول عن ابنه الذي يجب أن يكون في عهدته وتحت يده نزيهاً ونظيفاً وعدم قيامه بعمل يضر بمصالح الآخرين أو يكون سلوكه اعتداء عليهم.
نحن نتبنى هذه النظرية أيضاً، فنقول، بما أن التجاوزات والسرقات والإهمال المتعمد الذي يقوم به بعض الموظفين داخل الوزارة «الفلانية» بسبب سلوكهم يشكل هدراً للمال العام وتقصيراً واضحاً في مهامهم فإن من يتحمل تبعات هذه المخالفات هو المسؤول المباشر عنهم ألا وهو الوزير، لأنه هو المسؤول الأول عن موظفيه، ناهيك عن أن توقيت حصول المخالفات حدث في عهده ووقت توزيره للوزارة وليس في وقت آخر.
فالوزراء وإن كانوا نزيهين من ناحية عفة اليد -وهذا أمر لا شك فيه كما ذكرنا- إلا أنهم يتحملون مسؤولية حدوث التجاوزات في فترة توليهم مسؤوليات وقيادة الوزارات ومؤسسات الدولة، ومن هنا فالوزراء يجب أن يكونوا أكثر صرامة مع كل متجاوز وفاسد وسارق ومخالف قاموا بفعل مخالف للقانون تحت مظلتهم، وأن يقدموا كل متجاوز للنيابة العامة قبل أن يجبرهم القانون على فعل ذلك، فاكتمال النزاهة يكون في محاسبة الوزراء للمفسدين حتى قبل صدور تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية. فهذا الأمر أكمل وأتم وأفضل لو حدث كل عام قبل صدور تقرير الديوان.