أتابع كلما سنحت لي الفرصة مسلسلاً بريطانياً كوميدياً قديماً إسمه «Yes Minister»، من إنتاج «بي بي سي»، تدور أحداثه في إحدى الوزارات البريطانية الخيالية في فترة الثمانينات. المسلسل الذي حصد عشرات الجوائز وحفر في الذاكرة البريطانية الحديثة بل وفي الذاكرة الأنجلوساكسونية بشكل عام يعد مصدراً رائعاً للتعرف على صراع التطوير والتحديث في أجهزة الدولة.
قصة المسلسل تروي حكاية وزير جديد مثالي الشخصية وصاحب قيم ومباديء يرغب في التطوير ومحاربة الفساد والقضاء على التسيب والهدر المالي فيصطدم بجيش شرس من البيروقراطيين المحنكيين الذين يعرقلون كل محاولاته في ذلك. ويقود هذا الجيش الوزير الدائم أو كما نسميه هنا «وكيل الوزارة» إسمه السير همفري وهو شخصية ذكية ومراوغة تدافع بإستماتة عن كل سياسات الوزارة المطبقة وتقف ضد أي تغيير يقترحه الوزير الجديد، أولاً، حفاظاً على مصالحه الشخصية، وثانياً، لمنع الوزير من القيام بمغامرات إدارية قد تؤذي الوزارة، وثالثاً، لخبرته وإضطلاعه على خبايا الأمور التي لا يعرفها ولا يفهمها رئيسه المثالي.
ويحتوي المسلسل على إيحاءات تكاد تكون قريبة من الحقيقة حول سير العمل في الوزارت البريطانية والتي تشمل في بعض الأحيان تجاوزات ومخالفات غير قانونية وتستر على حالات أشبه بالفساد الإداري والمالي. ويبين المسلسل بقالبه الكوميدي صعوبة التغيير والتطوير في الأجهزة الحكومية نظراً لقدمها وتجذر طريقة العمل فيها بحيث تقاوم وبعنف كل جديد.
ففي إحدى المرات طالب الوزير الجديد وبكل مثالية وبراءة تقليص أعداد العاملين في الوزارة لتقليل النفقات، حيث اكتشف وجود العشرات ممن يتقاضون أجوراً من دون عمل أو مهام فعلية ظناً منه أنه سيحقق إنجازاً إدارياً يحسب له أمام الناس. فما أن سمع وكيل الوزارة بهذا القرار حتى سارع بكل وسيلة إلى إيقافه ثم صارح الوزير بواقع مفاجىء مفاده أن أي تسريح للموظفين يعني قضية رأي عام ومصيبة تحل على الحكومة، فاضطر الوزير إلى التراجع عن قراره المثالي والقبول بصرف رواتب لناس لا تعمل.
وفي مرة أخرى، اضطر الوزير قبول تقديم رشوة من قبل الوزارة لوفد أجنبي بإلحاح من السير همفري الذي بين أن مصلحة الحكومة البريطانية تتطلب في كثير من الأحيان التغاضي عن هذه التجاوزات.
الخلاصة، أن مقاومة التطوير في الأجهزة الحكومية أمر عالمي ولا يقتصر على بلدان عالم ثالث أو أول، فالجهاز البيروقراطي العتيد عادة ما يكون طارداً للتحديث وللأفكار الجديدة. كما أن الأجهزة الحكومية سواء كانت في الغرب أو الشرق تضطر أن تتعامل مع الواقع فتقوم أحياناً بأفعال قد يظنها المراقب غير قانونية لكنها في واقع الحال تراعي الظروف والمخاطر الآنية وتضع في حسبانها المصلحة الاستراتيجية للبلد.
السير همفري بإيجابياته وسلبياته، موجود في كل وزارة، للعلم.
قصة المسلسل تروي حكاية وزير جديد مثالي الشخصية وصاحب قيم ومباديء يرغب في التطوير ومحاربة الفساد والقضاء على التسيب والهدر المالي فيصطدم بجيش شرس من البيروقراطيين المحنكيين الذين يعرقلون كل محاولاته في ذلك. ويقود هذا الجيش الوزير الدائم أو كما نسميه هنا «وكيل الوزارة» إسمه السير همفري وهو شخصية ذكية ومراوغة تدافع بإستماتة عن كل سياسات الوزارة المطبقة وتقف ضد أي تغيير يقترحه الوزير الجديد، أولاً، حفاظاً على مصالحه الشخصية، وثانياً، لمنع الوزير من القيام بمغامرات إدارية قد تؤذي الوزارة، وثالثاً، لخبرته وإضطلاعه على خبايا الأمور التي لا يعرفها ولا يفهمها رئيسه المثالي.
ويحتوي المسلسل على إيحاءات تكاد تكون قريبة من الحقيقة حول سير العمل في الوزارت البريطانية والتي تشمل في بعض الأحيان تجاوزات ومخالفات غير قانونية وتستر على حالات أشبه بالفساد الإداري والمالي. ويبين المسلسل بقالبه الكوميدي صعوبة التغيير والتطوير في الأجهزة الحكومية نظراً لقدمها وتجذر طريقة العمل فيها بحيث تقاوم وبعنف كل جديد.
ففي إحدى المرات طالب الوزير الجديد وبكل مثالية وبراءة تقليص أعداد العاملين في الوزارة لتقليل النفقات، حيث اكتشف وجود العشرات ممن يتقاضون أجوراً من دون عمل أو مهام فعلية ظناً منه أنه سيحقق إنجازاً إدارياً يحسب له أمام الناس. فما أن سمع وكيل الوزارة بهذا القرار حتى سارع بكل وسيلة إلى إيقافه ثم صارح الوزير بواقع مفاجىء مفاده أن أي تسريح للموظفين يعني قضية رأي عام ومصيبة تحل على الحكومة، فاضطر الوزير إلى التراجع عن قراره المثالي والقبول بصرف رواتب لناس لا تعمل.
وفي مرة أخرى، اضطر الوزير قبول تقديم رشوة من قبل الوزارة لوفد أجنبي بإلحاح من السير همفري الذي بين أن مصلحة الحكومة البريطانية تتطلب في كثير من الأحيان التغاضي عن هذه التجاوزات.
الخلاصة، أن مقاومة التطوير في الأجهزة الحكومية أمر عالمي ولا يقتصر على بلدان عالم ثالث أو أول، فالجهاز البيروقراطي العتيد عادة ما يكون طارداً للتحديث وللأفكار الجديدة. كما أن الأجهزة الحكومية سواء كانت في الغرب أو الشرق تضطر أن تتعامل مع الواقع فتقوم أحياناً بأفعال قد يظنها المراقب غير قانونية لكنها في واقع الحال تراعي الظروف والمخاطر الآنية وتضع في حسبانها المصلحة الاستراتيجية للبلد.
السير همفري بإيجابياته وسلبياته، موجود في كل وزارة، للعلم.