استكمالاً للمقال السابق قوس الأزمات الذي أشرت فيه إلى أن المجتمعات لا تستطيع التغلب على أزماتها إلا بوجود فريق لإدارة الأزمات، لأن الأزمة تتطلب ردود أفعال غير تقليدية مقيدة بضيق الوقت وضغوط الموقف، وهذا ما نفتقده في الوقت الحالي والشواهد على ذلك كثيرة وعديدة.

عودة لذي بدء هناك من يرجئ قوس الأزمات على مخرجات البرلمان وآخرون على سياسة السلطة التنفيذية، وهناك من يعتقد أن ضمور الحراك السياسي لأسباب غير مفهومة، وللأمانة ليس لدي علم إن كان المقصود بالضمور، في حراك الجمعيات السياسية أو كوادرها أو المنضوين تحتها.

من المفترض أن تكون فرص الحراك السياسي للمجتمعات الناشئة سياسياً أكثر من المجتمعات التي سبقتها حيث إنها بدأت من حيث انتهى الآخرون.

ومن المفترض أن تكون فرص حراك البرلمانات والحكومات أكبر وأدق لتحديد الأهداف المشتركة أوقات الأزمات، لماذا نقول ذلك؟ حيث من المفترض في وقت الأزمات أن تكون نقاط الخلل والقصور ظاهرة للجميع ومحددة، مثال على ذلك عجوزات الميزانيات وتراجع الاقتصاد والتجارة، ومدى إسهام القطاع الخاص بالناتج الإجمالي الوطني، ونسبة فرص القطاع العام لإشراك القطاع الخاص، والعمل على اختزال الوقت لتحقق الأهداف السامية للرؤية الاقتصادية 2030 التي نصت على أن مملكة البحرين تطمح في الانتقال من اقتصاد قائم على الثروة النفطية إلى اقتصاد منتج قادر على المنافسة عالمياً، وترسم الحكومة معالمه، ويتولى القطاع الخاص الرائد عجلة تنمية بشكل يوسع الطبقة الوسطى من المواطنين البحرينيين الذين ينعمون بمستويات معيشية عالية جراء زيادة معدلات الإنتاجية والوظائف ذات الأجور العالية، انتهى.

المسؤولية المشتركة المتباينة

لا تقتصر المسؤولية المشتركة على مستوى حماية البيئة البشرية فقط لدى المجتمعات، بل أضحت اليوم تشمل البيئة الداخلية للعمل السياسي للدول النامية، وأن تعمل على تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية ورؤيتها التنموية دون منقصات نابعة من بيئتها الداخلية أو الخارجية.

لذلك نقول إننا اليوم بحاجة إلى كيانات سياسية قادرة على أن تقدم نفسها من خلال مقترحات إصحاح السياسات التي يرونها غير مناسبة بوجهة نظرهم أو قياسهم، سواء كانت على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي، كي يكونوا شركاء فاعلين لا متباينين. ومن الأوجب لمن يعمل بالسياسة أو من يتحمل المسؤولية السياسية أن يعي أن الخطأ أو الأخطاء التي يرتكبها أثناء عمله، ستكون نتائجها إلحاق الضرر بمصالح المواطنين، وأن أي فشل في تحقيق الأهداف السياسية للشعب خاصة منها المتمثلة في الاستقرار والرفاهية على الصعيد الداخلي التي تشكل الدعامة الرئيسة، سيراها المواطن في كلتا الحالتين كالعمل السياسي الذي بدون جدوى حتى وإن زخرفت عناوينه.

نقطة آخر السطر

إذا كنت تريد أن تقنع أحداً بمشروعك السياسي، عليك أولاً أن تقنعه بأنك قادر على تنفيذ هذا المشروع بقوانين أقل ولكنها مرعية بصرامة. واعلم أن نظرة الشعوب حيال من يمثلها بالبرلمانات أو الحكومات قائمة على سلوك الأشخاص، لأنه أكثر ما يدل على سياسته. لذلك نقول سيظل قوس الأزمات قائماً طالما ظل الساسة جزءاً من صانعي الأخطاء لا ممن يستثمر الأخطاء. لماذا نقول ذلك؟ لأن السياسة المدنية أو المعنية بتدبير المدينة بما يجب بمقتضى الأخلاق، والحكمة التي تحملها في طياتها هي أن يأخذها الجمهور على منهاج يكون فيه حفظ النوع وبقاؤه.