يجدر القول أحياناً كثيراً أجدني أقول لمن حولي «بجد لم أعد أفهم هذا المجتمع وما الذي حصل فيه من انقلاب في الموازين والمفاهيم والقيم.. لم أعد أفهم الناس من حولي.. هل تحول البعض إلى رجل آلي لا يشعر ولا يعرف المشاعر الإنسانية؟ يشعر المرء أحياناً وهو يطالع بعض العقليات والسلوكيات من حوله ويصدم بها وكيف بات الناس يفكرون ويتصرفون أنه وصل لمرحلة إما أن يكون هو مجنون والناس من حوله عقلاء أو العكس.. هو العاقل والناس من حوله مجانين!!».
الضجة الحاصلة في الشارع البحريني حول قضية الدكتورة شريفة سوار والطالبة في إحدى المدارس بالمرحلة الإعدادية وأمام مطالبة الناس الاهتمام بطرحها والتعقيب سيكون لنا عنها مقال تحليلي قادم بإذن الله، ولكننا في هذا المقال نود التطرق لمسألة تتكرر دائماً عند تداول هذه الحالات والقضايا الحساسة المفجعة.. دائماً ما نقع في نفس الأخطاء..
فالخطأ الأول هو التسرع والتنافس على نقل الأكاذيب والشائعات ومحاولة اصطياد صور أطراف القضايا ونشرها بكل برود وقلة ذوق وانتهاك خصوصيتهم دون مراعاة انعكاسات هذه التصرفات على جميع أطراف عائلاتهم وما سيتسببه الأمر من حساسيات ومشاكل بينهم.
ودائماً ما نجد عائلات أطراف القضايا يشعرون بمفاهيم «التآزر المجتمعي والتعاضد مع الآخرين وعدم القبول على الآخر ما لا تقبله على نفسك» باتت معدومة في هذا المجتمع.. السيناريو الحاصل في كل قضية رأي عام تثير ضجة هو نفسه وكأنه روتين بتنا نحفظه ونعرفه.
كثير من الناس للأسف يتهافت على متابعة القضية وكأنه يود فقط الفرجة المستمرة والهجوم بالنقد الجارح و»الطقطقة بالسخرية والنكت» دون أن تتحد وتتفاكر العقول للمطالبة بطرح خطوات جذرية للعلاج.. دون أن تكون هناك قوة مجتمعية ضاغطة تتضامن مع أصحاب هؤلاء القضايا كما يحصل في بعض الدول المتطورة عندما تتحول بعض القضايا لقضية رأي عام ونجد كيف مؤسسات ونشاط المجتمع المدني لهم حراكهم الجاد البعيد عن التصريحات الاستنكارية الإنشائية والعضلات الكلامية.
بعض الجهات عندما يراجعهم ولي الأمر وهو مكسور وثقل وأحزان الدنيا جاثمة كما الجبال فوق صدره حول قضية مؤلمة وحساسة من هذا النوع ويكون وقتها بالأصل لايزال في مرحلة الصدمة، يزداد صدمة أن بعض المسؤولين هداهم الله وستر عليهم وكأن بهم ازدواجية في الشخصية أي كشخصيتين في شخص واحد.. عند ظهور القضية يصرح أبناء الآخرين كما هم أبناؤه ويطرح كلاماً إنشائياً طويلاً مأخوذاً خيره، لكن من خلف الكواليس ووراء الأبواب المغلقة تتفاجأ وهو يشكك بأخلاق ولي الأمر الذي قدم إليه يشتكي إليه ويطلب منه حلاً، ثم يقول بكل برود: المسألة لم تتحول لظاهرة وهذه قضايا استثنائية ولا نستطيع أن نفعل لك شيئاً والأمر ليس بيدنا والقضية أصلاً تربوية وأخلاقية، في تلميح أنه لم يحسن تربية ابنه وقد يحوله لمسؤول آخر فآخر وهكذا، وكأنه يراهن على طول بال ولي الأمر القلق الذي يكون طيلة الوقت لا يعرف النوم ولا راحة البال، حتى يصل ولي الأمر إلى مرحلة الانفجار والتلفظ عليه بكلمات من نوع «لو كان ابنك حصل له ما حصل لابني لما ارتضيت بأن تسمع من أحدهم هذا الكلام ثم إن ضاع ابني ماذا عن بقية أبناء الناس.. لا أقبل أن يحصل للآخرين كما حصل معي»، لكن للأسف يصدم أمام برودهم وتعليقاتهم المستفزة!
المحزن أكثر فوق القهر والألم الطاحن التنمر المجتمعي الذي يحصده أولياء أمور من هذه القضايا، ونحن هنا لا نبرئ ساحتهم جميعاً، فهناك أولياء أمور يستحقون نتيجة إهمالهم وانشغالهم ما يحصل لأبنائهم، وهذا أيضاً استثناء.. نحن نتحدث عن من هو مشغول بتطوير أبنائه وزرع أحلامه التي لم يحققها فيهم ثم يأتي بغمضة عين من يغررهم ويغسل أدمغتهم ويختطف ابنه عقلياً، خاصة إن كان الابن من نوع «عقله صغير ويتأثر بسرعة في أي محيط يتواجد به أو ضعيف الشخصية»، ثم يجد الناس بكل برود تتسابق في نشر صور ابنه وأفراد عائلته ونشر أي خبر هو بالأصل إشاعة تحمل الكثير من المغالطات، ويصل الأمر لكتابة تحليلات حمقاء دون أن يتمهل أحدهم و «يوخزه» ضميره ويضع نفسه مكان هذا الأب أو الأم ويسأل نفسه إن تعرض يوماً لما تعرض له غيره هل سيقبل أن تكون «الذمة وسيعة» وتصبح قضيته فرجة أمام العالم والناس بدون إحساس ووعي؟ هل هناك إنسان واحد من الممكن أن يقبل يأتيه أحدهم شامتاً وبدون إحساس وفوق القهر يخبره أن المسألة تعود لك لأنك لم تربّه؟!
قد يقول أحدهم، البنت لم تظهر بمقطع الفيديو إلا بعلم من والدتها وهي من سمحت لنفسها أن تكون فرجة، ولربما هذا صحيح ولكن بالتأكيد لا توجد أم ستلجأ لذلك إلا لأنها وجدت ألا حيلة لها والأبواب مغلقة أمام مصيبتها في ابنتها التي بالأصل هي صغيرة وغرر بها.. ثم هل هذا عذر ومنطق لاستباحة شرف العائلة وسمعتها ونشر صور الفتاة، وهل معنى هذا الكلام أن أي شخص يتكلم عنهم ويعيد نشر صورهم لن يحاسبه الله على ظلمه وإساءته ورميه لأعراض الغير مثلاً؟ «استغفر الله يعني».
منذ متى ومجتمعنا «يقطع» في أعراض الناس ويشهر بهم ولا يشعر بمعاناة الآخر وألم الأم أو الأب على أبنائه الذين خسرهم، ويرى مستقبلهم وقد ضاع وتهاوت أحلامه فيه، ويرى الناس لا تحس وتتنمر عليهم، ويجعل الدول من حولنا تصلهم صور أصحاب القضايا الحساسة فتتفرج عليهم وعلى قصص تحصل داخل بيوتنا وفي مناطقنا بطريقة نسيء فيها نحن لأنفسنا قبل أن يسيء لنا العالم الخارجي؟
الضجة الحاصلة في الشارع البحريني حول قضية الدكتورة شريفة سوار والطالبة في إحدى المدارس بالمرحلة الإعدادية وأمام مطالبة الناس الاهتمام بطرحها والتعقيب سيكون لنا عنها مقال تحليلي قادم بإذن الله، ولكننا في هذا المقال نود التطرق لمسألة تتكرر دائماً عند تداول هذه الحالات والقضايا الحساسة المفجعة.. دائماً ما نقع في نفس الأخطاء..
فالخطأ الأول هو التسرع والتنافس على نقل الأكاذيب والشائعات ومحاولة اصطياد صور أطراف القضايا ونشرها بكل برود وقلة ذوق وانتهاك خصوصيتهم دون مراعاة انعكاسات هذه التصرفات على جميع أطراف عائلاتهم وما سيتسببه الأمر من حساسيات ومشاكل بينهم.
ودائماً ما نجد عائلات أطراف القضايا يشعرون بمفاهيم «التآزر المجتمعي والتعاضد مع الآخرين وعدم القبول على الآخر ما لا تقبله على نفسك» باتت معدومة في هذا المجتمع.. السيناريو الحاصل في كل قضية رأي عام تثير ضجة هو نفسه وكأنه روتين بتنا نحفظه ونعرفه.
كثير من الناس للأسف يتهافت على متابعة القضية وكأنه يود فقط الفرجة المستمرة والهجوم بالنقد الجارح و»الطقطقة بالسخرية والنكت» دون أن تتحد وتتفاكر العقول للمطالبة بطرح خطوات جذرية للعلاج.. دون أن تكون هناك قوة مجتمعية ضاغطة تتضامن مع أصحاب هؤلاء القضايا كما يحصل في بعض الدول المتطورة عندما تتحول بعض القضايا لقضية رأي عام ونجد كيف مؤسسات ونشاط المجتمع المدني لهم حراكهم الجاد البعيد عن التصريحات الاستنكارية الإنشائية والعضلات الكلامية.
بعض الجهات عندما يراجعهم ولي الأمر وهو مكسور وثقل وأحزان الدنيا جاثمة كما الجبال فوق صدره حول قضية مؤلمة وحساسة من هذا النوع ويكون وقتها بالأصل لايزال في مرحلة الصدمة، يزداد صدمة أن بعض المسؤولين هداهم الله وستر عليهم وكأن بهم ازدواجية في الشخصية أي كشخصيتين في شخص واحد.. عند ظهور القضية يصرح أبناء الآخرين كما هم أبناؤه ويطرح كلاماً إنشائياً طويلاً مأخوذاً خيره، لكن من خلف الكواليس ووراء الأبواب المغلقة تتفاجأ وهو يشكك بأخلاق ولي الأمر الذي قدم إليه يشتكي إليه ويطلب منه حلاً، ثم يقول بكل برود: المسألة لم تتحول لظاهرة وهذه قضايا استثنائية ولا نستطيع أن نفعل لك شيئاً والأمر ليس بيدنا والقضية أصلاً تربوية وأخلاقية، في تلميح أنه لم يحسن تربية ابنه وقد يحوله لمسؤول آخر فآخر وهكذا، وكأنه يراهن على طول بال ولي الأمر القلق الذي يكون طيلة الوقت لا يعرف النوم ولا راحة البال، حتى يصل ولي الأمر إلى مرحلة الانفجار والتلفظ عليه بكلمات من نوع «لو كان ابنك حصل له ما حصل لابني لما ارتضيت بأن تسمع من أحدهم هذا الكلام ثم إن ضاع ابني ماذا عن بقية أبناء الناس.. لا أقبل أن يحصل للآخرين كما حصل معي»، لكن للأسف يصدم أمام برودهم وتعليقاتهم المستفزة!
المحزن أكثر فوق القهر والألم الطاحن التنمر المجتمعي الذي يحصده أولياء أمور من هذه القضايا، ونحن هنا لا نبرئ ساحتهم جميعاً، فهناك أولياء أمور يستحقون نتيجة إهمالهم وانشغالهم ما يحصل لأبنائهم، وهذا أيضاً استثناء.. نحن نتحدث عن من هو مشغول بتطوير أبنائه وزرع أحلامه التي لم يحققها فيهم ثم يأتي بغمضة عين من يغررهم ويغسل أدمغتهم ويختطف ابنه عقلياً، خاصة إن كان الابن من نوع «عقله صغير ويتأثر بسرعة في أي محيط يتواجد به أو ضعيف الشخصية»، ثم يجد الناس بكل برود تتسابق في نشر صور ابنه وأفراد عائلته ونشر أي خبر هو بالأصل إشاعة تحمل الكثير من المغالطات، ويصل الأمر لكتابة تحليلات حمقاء دون أن يتمهل أحدهم و «يوخزه» ضميره ويضع نفسه مكان هذا الأب أو الأم ويسأل نفسه إن تعرض يوماً لما تعرض له غيره هل سيقبل أن تكون «الذمة وسيعة» وتصبح قضيته فرجة أمام العالم والناس بدون إحساس ووعي؟ هل هناك إنسان واحد من الممكن أن يقبل يأتيه أحدهم شامتاً وبدون إحساس وفوق القهر يخبره أن المسألة تعود لك لأنك لم تربّه؟!
قد يقول أحدهم، البنت لم تظهر بمقطع الفيديو إلا بعلم من والدتها وهي من سمحت لنفسها أن تكون فرجة، ولربما هذا صحيح ولكن بالتأكيد لا توجد أم ستلجأ لذلك إلا لأنها وجدت ألا حيلة لها والأبواب مغلقة أمام مصيبتها في ابنتها التي بالأصل هي صغيرة وغرر بها.. ثم هل هذا عذر ومنطق لاستباحة شرف العائلة وسمعتها ونشر صور الفتاة، وهل معنى هذا الكلام أن أي شخص يتكلم عنهم ويعيد نشر صورهم لن يحاسبه الله على ظلمه وإساءته ورميه لأعراض الغير مثلاً؟ «استغفر الله يعني».
منذ متى ومجتمعنا «يقطع» في أعراض الناس ويشهر بهم ولا يشعر بمعاناة الآخر وألم الأم أو الأب على أبنائه الذين خسرهم، ويرى مستقبلهم وقد ضاع وتهاوت أحلامه فيه، ويرى الناس لا تحس وتتنمر عليهم، ويجعل الدول من حولنا تصلهم صور أصحاب القضايا الحساسة فتتفرج عليهم وعلى قصص تحصل داخل بيوتنا وفي مناطقنا بطريقة نسيء فيها نحن لأنفسنا قبل أن يسيء لنا العالم الخارجي؟