اقتربت منه بعد أن انتهى من الغناء، وسالته: ما الذي يجبرك أن تقف هنا في البرد لتغني لنفر من الناس، لا تظهر عليك ملامح الحاجة أو العوز؟ فابتسم قائلاً: ما يدفعني هو الواجب تجاه جمهوري، فكل شخص مما أسميتهم «بالنفر» هو بالنسبة لي عالم كامل!! انحرجت من رده علي والذي كان كما نقول «في منتصف الجبهة»، فحاولت أن أتماسك لأظهر له بأن إجابته لم تهزني وتابعت: لربما هو تقصير من المسؤولين في دعم الفنانين كما يشاع؟ فلو أن هناك اهتماماً أكبر بالفن والفنانين لكان الوضع مختلفاً؟ فضحك مرة أخرى وتحدث بكبرياء قائلاً: انظري إلى الحب الذي يملأ عيون جماهيري، أليس هذا بكافٍ لأن أغني من أجلهم، لو انتظرت الدعم لأغني فإنني سأحرم من هذا العشق المتصل بيني وبين جماهيري التي قلتِ عنهم بأنهم «نفر».. احمرت وجنتاي واضطررت أن أعتذر علناً وقلت له، لا أقصد أن أهين عدد جمهورك، فقاطعني قائلاً: لا أهتم فلو أن هناك واحداً يستهويه الفن الذي أؤديه فإنني سأستمر..
كان فناناً مغروراً مستفزاً، أفسد عليّ نشوة الجولة السياحية التي كنت أقوم بها، أو لعلي كنت فضولية أكثر من اللازم!! ولكن شكله لفت نظري، فهو ليس كغيره من الفنانين الذين يغنون في الطرق لطلب الرزق، كان أنيقا، يرتدي لباساً فاخراً، كما أنه لم يضع أمامه علبة أو شيئاً لوضع النقود فيها كغيره.
كان يحتضن الجيتار وكأنه عاشق ولهان، ويؤدي الأغاني بحماسة واحترافية، وكان الناس يجلبون قهوتهم ويلتفون حوله!! ولا يغادرون المكان إلا عندما ينتهي من الغناء.
لم يقطع علي التفكير في الموضوع إلا إحدى الحضور هناك، والتي سألتني عن جنسيتي، فأجبتها بأنني من مملكة البحرين، من الخليج العربي تحديداً، فسألتني عن رأيي في الفن الذي يقدمه هذا الفنان، فقلت لها إنه رائع، وإنني مستغربه من أنه يغني دونما مقابل!! فقالت لي إنه موظف في أحد أشهر البنوك، ولكنه يهوى الفن ولهذا هو حريص على الاجتماع بجمهوره هنا أسبوعياً. وإنه يحترم جمهوره كثيراً ولهذا فإنهم حريصون على التواجد هنا أسبوعياً للاتقاء به.
فسألتها، لماذا لا يغني على مسرح، أو يحظى بأي دعم من الدولة؟
فقالت لي: لن يمانع إذا ما أتيحت له الفرصة، ولكن الفرص أحياناً لا تتوافر، وفي رحلة انتظار «الفرصة» سيكون موجوداً هنا بين جمهوره.
ردها الراقي فتح في بابي نافذة وتذكرت تعليق الفنان البحريني خالد الشيخ في حفله الأخير عندما قال «حب الناس هدية».
في الوسط الإعلامي الذي أعمل فيه أقابل العديد من الفنانين الذين يبدون استياءهم من عدم التقدير!! فمن من ينتظر الفنان البحريني التقدير؟؟ من المسؤولين أم من الجمهور؟؟
إذا كان ينتظر التقدير من المسؤولين فليأخذ مكانه في الصف الذي ربما يطول أو يقصر على حسب تقدير المسؤول!! أما إذا كان ينتظر التقدير من الجمهور، فإنهم هنا.. متعطشون لكم.. يحبونكم.. ويقدرونكم..
كنت في رحلة قبل أشهر إلى مدينة الرياض، وكان برفقتي عدد من الفنانين البحرينيين، وكان من بينهم الفنانة البحرينية سلوى بخيت، أم كما نعرفها بأم هلال، وبما أننا كنا نستقل ذات السيارة، فلقد شاهدت بأم عيني حب الناس لها، وكيف أن الناس تتسابق للحديث والتصوير معها، فهل هناك أجمل من هذه المحبة؟؟
يقول لي الكثير من الفنانين إننا محرومون من المشاركات، إننا مستثنون من الأعمال، إننا لا نملك مسرحاً يجمعنا بجمهورنا.
فأقول: إن الحب لا يحتاج إلى مكان للقاء!! فالأرض كلها ملكاً لكم.. فقط كونوا قريبين من جمهوركم..
* رأيي المتواضع:
صناعة النجومية، هي مطلب رئيس، فكما تهتم أن يكون عندك لاعب يمثل البحرين ويجلب لك الذهب، يجب أن يكون هناك أيضاً فنان يرفع اسم البحرين في مختلف المحافل.
هناك تعطش للفن البحريني ظهر جلياً في الحفل الذي أقيم للفنان خالد الشيخ، ويظهر في كل احتفال يضم فناناً بحرينياً.. فمتى سنرى اهتماماً بالفنانين البحرينيين؟؟ ومتى سنرى لقاءات غير منقطعة بين الفنانين البحرينيين وجماهيرهم المحبة لهم؟
{{ article.visit_count }}
كان فناناً مغروراً مستفزاً، أفسد عليّ نشوة الجولة السياحية التي كنت أقوم بها، أو لعلي كنت فضولية أكثر من اللازم!! ولكن شكله لفت نظري، فهو ليس كغيره من الفنانين الذين يغنون في الطرق لطلب الرزق، كان أنيقا، يرتدي لباساً فاخراً، كما أنه لم يضع أمامه علبة أو شيئاً لوضع النقود فيها كغيره.
كان يحتضن الجيتار وكأنه عاشق ولهان، ويؤدي الأغاني بحماسة واحترافية، وكان الناس يجلبون قهوتهم ويلتفون حوله!! ولا يغادرون المكان إلا عندما ينتهي من الغناء.
لم يقطع علي التفكير في الموضوع إلا إحدى الحضور هناك، والتي سألتني عن جنسيتي، فأجبتها بأنني من مملكة البحرين، من الخليج العربي تحديداً، فسألتني عن رأيي في الفن الذي يقدمه هذا الفنان، فقلت لها إنه رائع، وإنني مستغربه من أنه يغني دونما مقابل!! فقالت لي إنه موظف في أحد أشهر البنوك، ولكنه يهوى الفن ولهذا هو حريص على الاجتماع بجمهوره هنا أسبوعياً. وإنه يحترم جمهوره كثيراً ولهذا فإنهم حريصون على التواجد هنا أسبوعياً للاتقاء به.
فسألتها، لماذا لا يغني على مسرح، أو يحظى بأي دعم من الدولة؟
فقالت لي: لن يمانع إذا ما أتيحت له الفرصة، ولكن الفرص أحياناً لا تتوافر، وفي رحلة انتظار «الفرصة» سيكون موجوداً هنا بين جمهوره.
ردها الراقي فتح في بابي نافذة وتذكرت تعليق الفنان البحريني خالد الشيخ في حفله الأخير عندما قال «حب الناس هدية».
في الوسط الإعلامي الذي أعمل فيه أقابل العديد من الفنانين الذين يبدون استياءهم من عدم التقدير!! فمن من ينتظر الفنان البحريني التقدير؟؟ من المسؤولين أم من الجمهور؟؟
إذا كان ينتظر التقدير من المسؤولين فليأخذ مكانه في الصف الذي ربما يطول أو يقصر على حسب تقدير المسؤول!! أما إذا كان ينتظر التقدير من الجمهور، فإنهم هنا.. متعطشون لكم.. يحبونكم.. ويقدرونكم..
كنت في رحلة قبل أشهر إلى مدينة الرياض، وكان برفقتي عدد من الفنانين البحرينيين، وكان من بينهم الفنانة البحرينية سلوى بخيت، أم كما نعرفها بأم هلال، وبما أننا كنا نستقل ذات السيارة، فلقد شاهدت بأم عيني حب الناس لها، وكيف أن الناس تتسابق للحديث والتصوير معها، فهل هناك أجمل من هذه المحبة؟؟
يقول لي الكثير من الفنانين إننا محرومون من المشاركات، إننا مستثنون من الأعمال، إننا لا نملك مسرحاً يجمعنا بجمهورنا.
فأقول: إن الحب لا يحتاج إلى مكان للقاء!! فالأرض كلها ملكاً لكم.. فقط كونوا قريبين من جمهوركم..
* رأيي المتواضع:
صناعة النجومية، هي مطلب رئيس، فكما تهتم أن يكون عندك لاعب يمثل البحرين ويجلب لك الذهب، يجب أن يكون هناك أيضاً فنان يرفع اسم البحرين في مختلف المحافل.
هناك تعطش للفن البحريني ظهر جلياً في الحفل الذي أقيم للفنان خالد الشيخ، ويظهر في كل احتفال يضم فناناً بحرينياً.. فمتى سنرى اهتماماً بالفنانين البحرينيين؟؟ ومتى سنرى لقاءات غير منقطعة بين الفنانين البحرينيين وجماهيرهم المحبة لهم؟