ودعت ثاني رئيس وزراء أنثى في بريطانيا منصبها بعد أن قضت فيه ثلاث سنوات فقط. ودعت المنصب بعد أن لم يبق لها أي حليف يدعمها أو يدعم سياساتها. نهاية مؤلمة لامرأة عرفت بقوة شخصيتها وصلابتها، لكن الكثرة تغلب الشجاعة كما يقال.
تيريزا ماي - التي كانت وزيرة ناجحة للداخلية قبل أن يورطها ديفيد كاميرون برئاسة الوزراء بعد استقالته المفاجئة وبمهمة تولي ملف خروج بريطانيا من أوروبا البالغ التعقيد والصعوبة. لم تصمد طويلاً أمام الرفض الكبير لكل محاولاتها في الوصول إلى اتفاقية خروج يوافق عليها البرلمان البريطاني. حاولت ثلاث مرات، وفي كل مرة يزداد المعارضون لخططها حول الخروج وللتنازلات التي قد تقدمها للأوروبيين، حتى انقلب عليها الجميع.
ولم تشهد حكومة في تاريخ بريطانيا ما شهدته حكومة ماي من رفض قاطع لأحد مشاريعها. فمشروع «بريكست» الذي قدمته ماي بداية هذا العام خسر في التصويت عليه بفارق كبير وصل إلى 230 صوتاً وهو رقم جديد لم يسجل قط. هذا بالإضافة إلى إجبارها على الدخول في تصويت «عدم الثقة» مرة من قبل حزبها والمرة الثانية من قبل الحزب المعارض.
ولا تلام هذه المرأة - التي سخرت حياتها لعملها وتقدمها الوظيفي خاصة وأنها لم ترزق بالأبناء - إذا بكت أو نزلت دموعها وهي تقدم خطاب الاستقالة المهين أمام الكاميرات، فما مرت به وعلى مدى شهور طويلة متواصلة من النادر أن يتحمله بشر. فمن جانب، لم تتوقف الصحافة البريطانية عن انتقادها الدائم والتقليل من عملها وعطائها، ومن جانب آخر واجهت معارضة شرسة ومتربصة لها متمثلة في حزب العمال، كانت تعرقل كل اقتراح قدمته من أجل الخروج من أوروبا. وأخيراً عارض سياستها أعضاء حزبها، حزب المحافظين. يعني ببساطة، الكل كان ضدها!
وأعتقد أن المشكلة ليست في «ماي» وسياستها أو أسلوب مفاوضاتها مع الأوروبيين، بل المشكلة تكمن في البريطانيين أنفسهم المنقسمين أشد الانقسام حول موضوع الخروج من الاتحاد الأوروبي. فمع مرور الوقت - وعلى الرغم من حسم المسألة بالاستفتاء الشعبي حول الخروج من أوروبا - إلا أن أصوات من يرون أن بقاء بريطانيا في أوروبا أمر ينفعها وينفع اقتصادها وتبادلاتها التجارية ويمنع انعزالها ارتفعت أكثر.
البريطانيون لديهم حالياً ما يسمى Mixed Feelings أي المشاعر المختلطة، فهم منزعجون أشد الانزعاج من الهجرة المكثفة التي يجلبها البقاء في الاتحاد الأوروبي وانعكاساتها السلبية على تركيبة المجتمع ولا يعجبهم أن تقوم بروكسل بإملاء الشروط والقرارات عليهم في كثير من أمورهم الداخلية ولكنهم في نفس الوقت سعداء بالتبادل التجاري ومن سهولة نقل البضائع إلى داخل أوروبا بالإضافة إلى الامتيازات في الشراء والامتلاك وغيرها التي يوفرها الاتحاد لأعضائه.
وهذه المشاعر بالإضافة إلى الضوضاء الإعلامية المخيفة التي شهدتها بريطانيا في الفترة الأخيرة عقدت الأمر أكثر وأكثر وجعلت من الوصول إلى توافق حول موضوع الخروج أمراً مستحيلاً. وانعكس ذلك على محاولات تيريزا ماي للوصول إلى حلول.
أتوقع أن الأيام ستكشف لنا عن مفاجآت أخرى حول الخروج البريطاني الوعر من أوروبا والذي يرى محللون أنه قد لا يحدث أصلا خاصة مع وجود مطالبات باستفتاء جديد.
تيريزا ماي - التي كانت وزيرة ناجحة للداخلية قبل أن يورطها ديفيد كاميرون برئاسة الوزراء بعد استقالته المفاجئة وبمهمة تولي ملف خروج بريطانيا من أوروبا البالغ التعقيد والصعوبة. لم تصمد طويلاً أمام الرفض الكبير لكل محاولاتها في الوصول إلى اتفاقية خروج يوافق عليها البرلمان البريطاني. حاولت ثلاث مرات، وفي كل مرة يزداد المعارضون لخططها حول الخروج وللتنازلات التي قد تقدمها للأوروبيين، حتى انقلب عليها الجميع.
ولم تشهد حكومة في تاريخ بريطانيا ما شهدته حكومة ماي من رفض قاطع لأحد مشاريعها. فمشروع «بريكست» الذي قدمته ماي بداية هذا العام خسر في التصويت عليه بفارق كبير وصل إلى 230 صوتاً وهو رقم جديد لم يسجل قط. هذا بالإضافة إلى إجبارها على الدخول في تصويت «عدم الثقة» مرة من قبل حزبها والمرة الثانية من قبل الحزب المعارض.
ولا تلام هذه المرأة - التي سخرت حياتها لعملها وتقدمها الوظيفي خاصة وأنها لم ترزق بالأبناء - إذا بكت أو نزلت دموعها وهي تقدم خطاب الاستقالة المهين أمام الكاميرات، فما مرت به وعلى مدى شهور طويلة متواصلة من النادر أن يتحمله بشر. فمن جانب، لم تتوقف الصحافة البريطانية عن انتقادها الدائم والتقليل من عملها وعطائها، ومن جانب آخر واجهت معارضة شرسة ومتربصة لها متمثلة في حزب العمال، كانت تعرقل كل اقتراح قدمته من أجل الخروج من أوروبا. وأخيراً عارض سياستها أعضاء حزبها، حزب المحافظين. يعني ببساطة، الكل كان ضدها!
وأعتقد أن المشكلة ليست في «ماي» وسياستها أو أسلوب مفاوضاتها مع الأوروبيين، بل المشكلة تكمن في البريطانيين أنفسهم المنقسمين أشد الانقسام حول موضوع الخروج من الاتحاد الأوروبي. فمع مرور الوقت - وعلى الرغم من حسم المسألة بالاستفتاء الشعبي حول الخروج من أوروبا - إلا أن أصوات من يرون أن بقاء بريطانيا في أوروبا أمر ينفعها وينفع اقتصادها وتبادلاتها التجارية ويمنع انعزالها ارتفعت أكثر.
البريطانيون لديهم حالياً ما يسمى Mixed Feelings أي المشاعر المختلطة، فهم منزعجون أشد الانزعاج من الهجرة المكثفة التي يجلبها البقاء في الاتحاد الأوروبي وانعكاساتها السلبية على تركيبة المجتمع ولا يعجبهم أن تقوم بروكسل بإملاء الشروط والقرارات عليهم في كثير من أمورهم الداخلية ولكنهم في نفس الوقت سعداء بالتبادل التجاري ومن سهولة نقل البضائع إلى داخل أوروبا بالإضافة إلى الامتيازات في الشراء والامتلاك وغيرها التي يوفرها الاتحاد لأعضائه.
وهذه المشاعر بالإضافة إلى الضوضاء الإعلامية المخيفة التي شهدتها بريطانيا في الفترة الأخيرة عقدت الأمر أكثر وأكثر وجعلت من الوصول إلى توافق حول موضوع الخروج أمراً مستحيلاً. وانعكس ذلك على محاولات تيريزا ماي للوصول إلى حلول.
أتوقع أن الأيام ستكشف لنا عن مفاجآت أخرى حول الخروج البريطاني الوعر من أوروبا والذي يرى محللون أنه قد لا يحدث أصلا خاصة مع وجود مطالبات باستفتاء جديد.