زاد عدد التجار الصغار الذين يوظفون وسائل التواصل الاجتماعي لرفع شكواهم، وأسماؤهم معروفة وبوجوههم، أي لسنا في وارد اتهام جهات خارجية بتأجيج الشارع أو تحريضه.

وحين نتحدث عن هؤلاء «التجار» فنحن نتحدث عن رواد الأعمال وصغار الملاك، أي نتحدث عن شرائح من الطبقة المتوسطة لا يستهان بها هي من يشكل حراك السوق المحلي بمختلف قطاعاته الصناعية الصغيرة من تجار التجزئة وأصحاب المهن «حلاقة وخياطة ومطاعم و و و» والعقاريين كذلك والقطاعات المساندة لها، من موردين وقطاع النقل ومخلصين وغيرهم، ومعهم أصحاب البوانيش من صيادي السمك وبائعيه ومعهم أصحاب المزارع، كل هؤلاء يشكون ويئنون، وجميعهم تأثر مدخولهم وتناقص، وكثير منهم جلس في البيت وأغلق نشاطه ومهدد بالإفلاس، فإذا أضفنا لهم شريحة كبيرة من المتقاعدين ومن أصحاب الرواتب التي لا تتجاوز 300 دينار، فإننا نتحدث عن أكثر من نصف البحرينيين يعانون من تناقص دخلهم وضعف مواردهم وقدرتهم على تحمل الأعباء المعيشية.

فإذا كان التوظيف الحكومي توقف لعدم زيادة بند الرواتب، فإنك أمام طبقة وسطى تنقرض، وطبقة ذوي الدخل المحدود تتمدد وهي من ستعتمد الحكومة فيما بعد لمساعدتها تحت بند الإعانات!!

كنا نتمنى أن يكون القطاع الخاص هو المحرك كما وعدتنا رؤية 2030، وأن نركز جهدنا في زيادة دخل هذه الشرائح وتوسيع رقعة الطبقة المتوسطة التي ينتمون لها، لا أن نقلصها ونزيد عدد ذوي الدخل المحدود، هذه هي مهمة الدولة التي لم تنجح بها مع الأسف.

المفروض أن تكون لدى الدولة خطة وطنية لتحفيز السوق المحلي ومساعدة هذه الشرائح على زيادة دخلها، أعتقد أن هذا هو هدفنا لرؤية 2030، المفروض الآن أن أوسع دائرة وصندوق الأفكار لأبحث في الأسباب التي جعلت خطوات إصلاح سوق العمل متعثرة رغم أنها كانت مشروعاً ضخماً وجميلاً وممتازاً وجريئاً.

صحيح أن هناك عوامل خارجية ساهمت في هذا التعثر كأحداث 2011، وكالركود العالمي، وكانخفاض أسعار البترول، ولكن كما قلنا في مقال سابق، هذا أدعى أن أبحث الآن في كيفية تفادي هذا التعثر وعدم تفاقمه، ماذا أنتظر؟ ألا تكفي المؤشرات التي نراها كل يوم؟

نحتاج لمراجعة سياساتنا العامة، وبناء عليه وضع يدنا على مواطن الخلل ومواقع التعثر، نحتاج من أجل المساواة والعدالة في الفرص، وهو أحد أعمدة رؤية 2030، أن أنشط حملات التفتيش على المفسدين، تجار السجلات وتأجيرها من الباطن وناشري العمالة السائبة، فالبحر يعج بهم والنقل يعج بهم، ولم يجلبهم ويتركهم ليعيثوا في الأرض فساداً سوى بحرينيين بسجلات ورخص لممارسة أنشطة وهمية، فأين نحن من هذه المخالفات الجسيمة التي يعج بها سوقنا؟ أين هي المبادرات الخلاقة التي تساعد الحكومة في ضبط هذه المخالفات وتجعل من المواطن شريكاً في كشفها؟

لم ننشط «كالطوش» أو غلية الماء التي تفور ثم «نطخ»؟ وننسى ونبرد ويعود الفساد ليسرح ويمرح؟ لقد تعود المفسدون على فورتنا وهبوطنا، إنهم ينتظرون فترة انتهاء «الطوش» فقط!

لا نريد غلق السوق ومنع التنافس الحر، ولكن كيف أتغاضى عن اثنين مليار دولار تخرج من البلد سنوياً ولا أبحث في أسبابه أو كيفية الاحتفاظ بهذا المبلغ أو بأكبر قدر منه، إنها أموال تعادل ميزانية الحكومة بأكملها، لو بقيت في السوق المحلي لأغنت البحرينيين، كل هذه الأمور تحتاج إلى «مجابل» ونفس طويل وانفتاح على الناس وثقة بالعقول البحرينية التي يستعان بها، إن نجحنا في هذا ونشطنا السوق المحلي وساعدنا البحريني على تنمية دخله وزيادته ثلاثة أضعاف كما وعدتمونا، وإن وسعنا من الطبقة الوسطى وجعلنا القطاع الخاص هو المحرك للاقتصاد لا عبئاً عليه، حينها نكون قد حققنا أهداف 2030 ومازال في الوقت متسع على ألا نتأخر.