أستذكر جيداً أيام كنَّا صغاراً في مطلع السبعينيات من القرن المنصرم، حين نستقلّ باص «النقل العام» الأحمر من أطراف جامع الفاضل بالمنامة لنقطع تذكرة العبور إلى المحرق بخمس من الأفلاس الصغيرة. كانت الرحلة شيقة جداً ونحن نحدق من نوافذ «الباص» ابتداء من جامع رأس الرمان ومروراً على الجسر القديم، ثم بعد ذلك ننزل في محطة النقل العام بمدينة المحرق. ومن هناك يبدأ مشوارنا الممتع.
نتجول في أزقة القيصرية شبراً شبراً، ثم نقوم بجولة في بقية سوق المحرق حتى تأخذنا أقدامنا الصغيرة لدخول «دواعيس الفرجان»، حتى نجد أنفسنا وسط «الحالة»، وقبل أن تغلق محطة «الباصات» أبوابها، نستقل آخر «باص» في المحطة والذي يعود بنا إلى «فريج الفاضل» قبل حلول الليل. كنَّا نكرر هذه الرحلة الممتعة كل يوم، نعم، في كل يوم نشتاق للمحرق.
بعد نحو 45 عاماً أو أكثر وبجهود وطنية مضنية من هيئة البحرين للثقافة والآثار، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم «اليونسكو» مدينة المحرّق على قائمة «المدن المبدعة» في مجال التصميم، ضمن 66 مدينة مبدعة جديدة من مختلف دول العالم أضيفت إلى القائمة. وفوق كل هذا الإرث فإن «مدينة المحرّق اكتسبت أهمية عالمية خلال العقد الأخير، حيث فازت خلال سبتمبر الماضي بجائزة الأغا خان للعمارة لعام 2019 لقاء مشروع «إعادة إحياء منطقة المحرّق»، الذي يعكس عمل القطاع الأهلي ممثلاً بمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث والقطاع العام ممثلاً بهيئة البحرين للثقافة والآثار. كما فازت باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2018. كذلك تم تسجيل موقع طريق اللؤلؤ على قائمة التراث العالمي عام 2012 وفاز جناح البحرين الذي تم تقديمه في بينالي فينيس بجائزة الأسد الذهبي عام 2010، حيث اعتمد الجناح في تكوينه على عناصر عمرانية من مدينة المحرّق عكست علاقة الإنسان البحريني بالبحر».
لم يأتِ اختيار المحرق كمدينة مبدعة حول العالم من طرف «اليونيسكو» من فراغ، ولم يكُ اختيارنا لهذه المدينة أيام صبانا لتكون وجهتنا الحقيقية نحو الأرض والتاريخ والأصالة من فراغٍ أيضاً، فكل شيء في المحرق يشد كل إنسان نحوها، فأرضها وجوها وبحرها وسواحلها وقبل ذلك إنسانها، كلها أشياء تجذبك إلى حيث الحضارة الحقيقية، وما زالت المحرق لمن عرفها قبل أكثر من 50 عاماً لم تتغير فيها رائحة البخور وأصداء جدر القيصرية، وإن كنَّا نطالب أن تعود بالكامل إلى أهلها بعد ما تم العبث ببعض فرجانها بطريقة مدمرة.
وهنا لعلنا نختم حديثنا هذا بما أكدته معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة بعد إدراج المحرق على قائمة المدن المبدعة حين قالت بأن «المحرّق بكل ما فيها من إرث عمراني وتاريخ حضاري تعكس بهذا اللقب الجديد إيمان مملكة البحرين بالعمل الثقافي الذي نروّج عبره لصورتنا الأجمل». فسلامي للمحرق ولأهلها الأعزاء الذين لم يخرجوا منها صوناً لها ولتاريخها.
نتجول في أزقة القيصرية شبراً شبراً، ثم نقوم بجولة في بقية سوق المحرق حتى تأخذنا أقدامنا الصغيرة لدخول «دواعيس الفرجان»، حتى نجد أنفسنا وسط «الحالة»، وقبل أن تغلق محطة «الباصات» أبوابها، نستقل آخر «باص» في المحطة والذي يعود بنا إلى «فريج الفاضل» قبل حلول الليل. كنَّا نكرر هذه الرحلة الممتعة كل يوم، نعم، في كل يوم نشتاق للمحرق.
بعد نحو 45 عاماً أو أكثر وبجهود وطنية مضنية من هيئة البحرين للثقافة والآثار، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم «اليونسكو» مدينة المحرّق على قائمة «المدن المبدعة» في مجال التصميم، ضمن 66 مدينة مبدعة جديدة من مختلف دول العالم أضيفت إلى القائمة. وفوق كل هذا الإرث فإن «مدينة المحرّق اكتسبت أهمية عالمية خلال العقد الأخير، حيث فازت خلال سبتمبر الماضي بجائزة الأغا خان للعمارة لعام 2019 لقاء مشروع «إعادة إحياء منطقة المحرّق»، الذي يعكس عمل القطاع الأهلي ممثلاً بمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث والقطاع العام ممثلاً بهيئة البحرين للثقافة والآثار. كما فازت باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2018. كذلك تم تسجيل موقع طريق اللؤلؤ على قائمة التراث العالمي عام 2012 وفاز جناح البحرين الذي تم تقديمه في بينالي فينيس بجائزة الأسد الذهبي عام 2010، حيث اعتمد الجناح في تكوينه على عناصر عمرانية من مدينة المحرّق عكست علاقة الإنسان البحريني بالبحر».
لم يأتِ اختيار المحرق كمدينة مبدعة حول العالم من طرف «اليونيسكو» من فراغ، ولم يكُ اختيارنا لهذه المدينة أيام صبانا لتكون وجهتنا الحقيقية نحو الأرض والتاريخ والأصالة من فراغٍ أيضاً، فكل شيء في المحرق يشد كل إنسان نحوها، فأرضها وجوها وبحرها وسواحلها وقبل ذلك إنسانها، كلها أشياء تجذبك إلى حيث الحضارة الحقيقية، وما زالت المحرق لمن عرفها قبل أكثر من 50 عاماً لم تتغير فيها رائحة البخور وأصداء جدر القيصرية، وإن كنَّا نطالب أن تعود بالكامل إلى أهلها بعد ما تم العبث ببعض فرجانها بطريقة مدمرة.
وهنا لعلنا نختم حديثنا هذا بما أكدته معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة بعد إدراج المحرق على قائمة المدن المبدعة حين قالت بأن «المحرّق بكل ما فيها من إرث عمراني وتاريخ حضاري تعكس بهذا اللقب الجديد إيمان مملكة البحرين بالعمل الثقافي الذي نروّج عبره لصورتنا الأجمل». فسلامي للمحرق ولأهلها الأعزاء الذين لم يخرجوا منها صوناً لها ولتاريخها.