دخل شاب في مقتبل العمر إلى موظف البنك في خدمة الزبائن وبدأ يسأل عن القروض وكيفية السداد والأوراق المطلوبة، وطبعاً الإجابات كانت حاضرة من الموظف الملم بعمله بشكل واضح، واصل طرح الأسئلة بينما أنا أنتظر إتمام معاملتي وبدأت بالاندماج في أحاديثهم التي كانت تجول في خاطري قبل 10 سنوات، فالشاب يريد قرضاً لشراء سيارة فارهة ومبلغاً إضافياً لشراء آيفون 11 بالإضافة لسفرة في الصيف مع أصدقائه، واصل موظف البنك حساباته وأطلعه على الأرقام والمبالغ وكيفية إتمام عملية الاقتراض من البنك فكان القسط على 7 سنوات يقتطع نصف راتبه بالضبط.
انتهت معاملتي وبقيت للحظات أرقب هذا المشهد الذي دفعني لكتابة هذه المقالة، فحمى الكماليات قد اجتاحت جسد المجتمع وأصبح خاوياً من الداخل مهتماً بالشكل الخارجي وما يرضي أو بالأصح ما يثير إعجاب الذين حولك، فمع غيوم التواصل الاجتماعي ونجومها الذين دخلوا كل بيت وترويجهم للمنتجات التي يعملون لصالحها، قاموا بخلق احتياجات وهمية للجيل الصاعد الذي أصبح يبحث عن المظاهر لإرضاء مرض التقليد الذي أصاب المجتمع.
مع تقدم هذا الشاب في العمر ودخوله في معترك الحياة الواقعية يكتشف خلال رحلة النضوج مدى هشاشة أحلامه التي سعى لتحقيقها وها هو الآن يدفع ضريبة قلة ذاك الوعي، وفقدان البوصلة في تلك المرحلة العمرية، فأكبر المستفيدين هو البنك ومن يدفع ثمن خيبات لم يكن يحتاجها إلا بهاجس "الشو" و"الاستعراض" هو أنت.
ولعل هذا الشاب لم يقدم على كل تلك التصرفات لو وجد توجيهاً مختلفاً واقعياً لتخطيط حياته المالية قبل دخوله إلى الحياة الواقعية، ففي كثير من الدول يتم إدراج التخطيط المالي من ضمن المناهج الدراسية بحيث يستطيع هذا الطالب ترتيب أولوياته الحياتية والمالية ليبتعد عن مأزق المظاهر التي رسمها له البنك المستفيد بتوجيه من سحاب التواصل الاجتماعي.
إن البحث عن المظاهر يمتد لأبعاد أعمق من هذه القصة القصيرة، فكثيراً ما نرى الناس المهندمة الأنيقة مطلين علينا في أبهى صورهم ولكن دواخلهم "مقرفة"، فمع انبهارك بحديثهم وحضورهم واتساع ثقافتهم وخارجهم تقف منبهراً من كمية الجمال التي هي أمامك، ولكن مع اقترابك منهم ونبشك في ذواتهم تنصدم بالفوارق بين الظاهر والباطن وستبدأ استنتاجاتك بالتهاوي أمامك بين ما يقولون وماذا يفعلون.
فسلام على من مر بحياتنا وبقي كما كان، وسلام على الذين استوطنوا قلوبنا بكل صدق ولم يعبثوا فيها، وسلام على كل مَن حافظوا على صورتهم في قلوبنا بمثل لقائنا الأول.. أنتم كل الجمال والحب.
{{ article.visit_count }}
انتهت معاملتي وبقيت للحظات أرقب هذا المشهد الذي دفعني لكتابة هذه المقالة، فحمى الكماليات قد اجتاحت جسد المجتمع وأصبح خاوياً من الداخل مهتماً بالشكل الخارجي وما يرضي أو بالأصح ما يثير إعجاب الذين حولك، فمع غيوم التواصل الاجتماعي ونجومها الذين دخلوا كل بيت وترويجهم للمنتجات التي يعملون لصالحها، قاموا بخلق احتياجات وهمية للجيل الصاعد الذي أصبح يبحث عن المظاهر لإرضاء مرض التقليد الذي أصاب المجتمع.
مع تقدم هذا الشاب في العمر ودخوله في معترك الحياة الواقعية يكتشف خلال رحلة النضوج مدى هشاشة أحلامه التي سعى لتحقيقها وها هو الآن يدفع ضريبة قلة ذاك الوعي، وفقدان البوصلة في تلك المرحلة العمرية، فأكبر المستفيدين هو البنك ومن يدفع ثمن خيبات لم يكن يحتاجها إلا بهاجس "الشو" و"الاستعراض" هو أنت.
ولعل هذا الشاب لم يقدم على كل تلك التصرفات لو وجد توجيهاً مختلفاً واقعياً لتخطيط حياته المالية قبل دخوله إلى الحياة الواقعية، ففي كثير من الدول يتم إدراج التخطيط المالي من ضمن المناهج الدراسية بحيث يستطيع هذا الطالب ترتيب أولوياته الحياتية والمالية ليبتعد عن مأزق المظاهر التي رسمها له البنك المستفيد بتوجيه من سحاب التواصل الاجتماعي.
إن البحث عن المظاهر يمتد لأبعاد أعمق من هذه القصة القصيرة، فكثيراً ما نرى الناس المهندمة الأنيقة مطلين علينا في أبهى صورهم ولكن دواخلهم "مقرفة"، فمع انبهارك بحديثهم وحضورهم واتساع ثقافتهم وخارجهم تقف منبهراً من كمية الجمال التي هي أمامك، ولكن مع اقترابك منهم ونبشك في ذواتهم تنصدم بالفوارق بين الظاهر والباطن وستبدأ استنتاجاتك بالتهاوي أمامك بين ما يقولون وماذا يفعلون.
فسلام على من مر بحياتنا وبقي كما كان، وسلام على الذين استوطنوا قلوبنا بكل صدق ولم يعبثوا فيها، وسلام على كل مَن حافظوا على صورتهم في قلوبنا بمثل لقائنا الأول.. أنتم كل الجمال والحب.