وأخيراً، تحقق حلم الشعب البحريني منذ خمسين سنة وأخذت البحرين كأس الخليج، جيل الطيبين كان يردد «هذا الكاس يلمع والعيون تدمع»، واليوم دمعت أعيننا فرحاً وسعادة ولم ننم تلك الليلة فقد خطف الفرح النوم بعد أن جبر المنتخب الوطني لكرة القدم خواطر الملايين من مشجعي كرة القدم البحرينية من داخل البحرين وخارجها ولعب مباراة قوية، وكافح من أجل الكأس والوطن والشعب، الذي كان يترقب بخوف وحرارة مصير كأس الخليج، ولله الحمد والمنة على التوفيق، وبها خطفنا الكأس من عمالقة الفرق في كأس الخليج العربي 24.

الانتماء للأرض هو ممارسة فعلية في حب الوطن، وهو ترجمة واضحة للمواطنة الصالحة، مؤازرة منتخب البحرين الوطني في خليجي 24 يمثل معنى جميلاً للانتماء، عندما يلتقي المجتمع البحريني بجميع أطيافه في حب البحرين، لنعيش معاً اللحظة الوطنية، التي لطالما حلمنا بأن يصل المنتخب البحريني لكرة القدم إلى هذه المرحلة الجميلة في الرياضة الخليجية، حيث تؤثر كرة القدم كثيراً على الشعوب الخليجية والعالم بأسره، فهي الروح الوطنية التي فاقت عنان السماء في ممارسة الانتماء في حب الوطن، لحظات تسطر بماء من ذهب للوطنية الجامحة، التي لا تتقيد بل تفوق التصور، عندما يأتي معنى الوحدة والالتفاف على أعتاب الوطن.

يعد كأس الخليج العربي من الكؤوس المهمة والمرتقبة في المنطقة، لذا يشتد التنافس للفوز بأغلى الكؤوس بالنسبة لدول مجلس التعاون، فالمنتخب الوطني البحريني لكرة القدم قدم في خليجي 24 أداء متميزاً يفخر به المجتمع البحريني ويشيد بهم الرياضيون، فمملكة البحرين ولادة للمواهب الرياضية، وتفخر بهم في كل مجال، عندما تختلط العزيمة وحب هذه الأرض لرفع اسم الوطن عالياً خفاقاً في جميع المحافل الدولية.

تعددت صور حب الوطن ومؤازرة الفريق البحريني لكرة القدم في خليجي 24، فكانت هناك مبادرة طيبة من الناقلة الوطنية شركة طيران الخليج بتخصيص طائرات لنقل مشجعي الفريق الوطني للبلد المستضيف لكرة القدم، وشركة البحرين للسينما تفاعلت مع الحدث الوطني لنقل المباراة النهاية في صالات العروض السينمائية في المجمعات التجارية المختلفة، حتى يتسنى للجميع مشاهدة المباراة، ناهيك عن المطاعم والمقاهي المتعددة والجامعات. وفي كل بيت كانت الأعلام والزينة ترفرف تسبقها فرحة النساء والأطفال عند التفافهم حول التلفزيون لمشاهدة اللحظة التاريخية والمصيرية في كرة القدم، فروح المواطنة والانتماء كانت واضحة الملامح في كل مدينة وقرية وفي كل «داعوس» و»زرنوق».

وبمناسبة فوز مملكة البحرين، أتقدم بالتهنئة الحارة إلى مقام حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه وأيده، وإلى شعب البحرين الوفي بمناسبة تتويج المنتخب البحريني لكرة القدم بطلاً لكأس الخليج، وأتقدم بجزيل الشكر والعرفان إلى سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة على دعمه الكبير للمنتخب وإيمانه القوي بالشباب البحريني القادر على انتزاع البطولات الرياضية، وأتقدم أيضاً بالتهنئة الحارة إلى معالي الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة وما خلفه من مسيرة تاريخية ساهمت في تأسيس بطولات كأس الخليج العربي لكرة القدم.

ووسط فرحتنا العارمة، أحب أن أشكر اللاعبين الأوائل لمنتخب البحرين لكرة القدم الذين قدموا في تلك الفترة أروع المباريات الخليجية فقد كانوا عمالقة كرة القدم، أمثال الكابتن الأسطورة حمود سلطان، وخليل شويعر، وفؤاد بوشقر ومن تولى من بعدهم أمثال محمد صالح ومحمد سالمين وحسين بابا وأسماء لامعة كثيرة توالت -لا يسعني أذكرها- فلولاهم ما وصلت الكرة البحرينية لهذا المستوى الجميل، لأنهم كانوا قدوة للشباب البحريني وقد قدموا في السنوات الماضية مباريات جميلة لا ننكرها أبداً، ولكنه الحظ الذي لم يحالفنا في تلك الفترة ولكن حالفنا مع شباب أخذوا الراية وأبدعوا في كأس الخليج و»فرحونا»، بهذه البطولة، التي حلمنا بها منذ الصغر. شكراً منتخب البحرين الوطني لكرة القدم «رفعتوا راسنا» وإن شاء الله «دوم نفرح» بالبطولات القادمة، و»ما للزعامة غير شعب الزعامة».