ولكل بداية نهاية، ولكل اللحظات الجميلة نهاية أجمل، جمعنا النور الذي أبصر به أهل النيجر مبصرين بالحياة، منيرين قلوبنا قبل أن ينير أطباؤنا أبصارهم بتوفيق الله عزوجل، هم أصحاب الأثر الأكبر علينا بفضل من الله عزوجل الذي يسر لنا هذه المهمة الإنسانية العظيمة.

يُخرج كل منا زكاة مختلفة، فالطبيب بوقته وجهده وطبه، والمدير بحنكته وقيادته، والمصور بنقل كل ذلك، والمتطوع بجهده وعرقه، وكل ذلك على حساب الكثير من الأمور الدنيوية المشغول بها، كل منا يبحث عن رضا الله عزوجل آخذاً طريق قضاء الحاجات في سبيل الله.

إن حملة «نور بوبيان 4»، بالتعاون مع الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية وبتنسيق من فريق الدارين، هي حملة استثنائية، فهي لا تهدف فقط لإعادة البصر ولا لزيارة الأيتام وعيادة المكفوفين، بل لها أبعاد أخرى تستحق تسليط الضوء عليها.

إن عمليات المياه البيضاء وإخراج شخص من العتمة إلى النور تعمل على تحويل الفرد من فرد غير منتج بسبب فقدانه البصر إلى شخص منتج يكسب عيشه بعرق جبينه، فإن كان صغيراً فسيعود للدراسة وإن كان شاباً فسيعود للعمل.

يقول باولو كويلو وهو يحكي عن قصة صبي مع والده: «كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة، ولكن ابنه الصغير لم يكف عن مضايقته.. وحين تعب الأب من ابنه قام بقطع ورقة في الصحيفة كانت تحتوي على خريطة العالم ومزقها إلى قطع صغيرة وقدمها لابنه وطلب منه إعادة تجميع الخريطة ثم عاد لقراءة صحيفته.. ظنًا منه بأن الطفل سيبقى مشغولًا بقية اليوم.. إلا أنه لم تمر خمسة عشر دقيقة حتى عاد الابن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة!

فتساءل الأب مذهولاً: هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا؟!

رد الطفل قائلاً: لا.. لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان.. أعدت بناء العالم».

كانت عبارة عفوية من الطفل، ولكنها كانت عبارة عبقرية وذات معنى عميق جداً.

فإعادتك للنظر لشعب فقير جداً تسهم في تحويله لشخص منتج في مجتمعه، شخص سيعيد ترميم نفسه ويشمر عن ساقيه وسواعده وسيطلب الرزق بعيداً عن التسول وانتظار قافلات الإمداد والمساعدات.

ولأن الحاجة كبيرة مع أعداد المصابين بمرض المياه البيضاء، لا يجب الاكتفاء ببناء مستشفى أو إرسال أطباء لإجراء هذه العمليات فهذه من الأمور المؤقتة، ولكن عندما ننتــــقل لمرحلة أخرى، وهي بناء مستشفى، ومن ثم توفير الأطباء، والانتقال لتعليم أبناء هذه الدولة، واستخراج المكــــنون لديهم ليكون لديك أطــــباء يخدمون بلدهم، وهذا ما حرصت عليـــه «نور بوبيان 4» بتوفير منح دراسية في طب العيون لبرنامج الماجســــتير ليكون لديك عدد كافي يسهم في إعادة البصر التي هي إعــــادة الحياة والتي هي بناء لإنسان جديــــد منتج في وطنه.