عندما تجد زائراً أو سائحاً يوقفك في الشارع ويسألك عن مكان ما فتبادر بمطالبته بأن يتبعك، وتقرر أن توصله إلى المكان خاصة إن كان المكان في منطقة قد «يضيع في متاهات مداخلها ومخارجها وشوارعها الفرعية»، فهنا أنت قدمت ثلاث خدمات.. خدمة لهذا الزائر الذي وصل إلى وجهته، فأخذ انطباعاً حسناً عن أخلاق أهل البلد، وخدمة إلى وطنك لأنك مثلته خير تمثيل، وكنت بمثابة السفير الحسن له، وخدمة لنفسك في كسب الأجر فعند الله لا يضيع العمل الصالح، وقد ترده الأيام لك وقد يرد لك في دار الآخرة لأنك يسرت على إنسان المشقة والجهد، واختصرت عليه الوقت فالسفر يحمل مشقة، وهو كما يقال منح ومحن وأجر الآخرة هو الأفضل طبعاً.

عندما يسألك أحدهم عن أهم الأماكن السياحية والعائلية في مملكة البحرين وأفصل المطاعم والأسواق، وتروح تجيبه بتفصيل بل وتقدم له المعلومات الوفيرة، وترسل له مواقع هذه الأماكن أنت هنا قدمت أربع خدمات.. خدمت هذا الضيف وخدمت أصحاب هذه المحلات والمطاعم، وجعلتها تتكسب مادياً، ولك الأجر عند الله وخدمة سياحة وطنك البحرين وتعزيزها، وقد تجعل هذا السائح يعاود زيارة هذه الأماكن، وخدمت وطنك بإيجاد سمعة طيبة له، وخدمت نفسك أيضاً بكسب الأجر وإخلاص النية.

عندما يتواصل معك أحدهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أو يتحاور أو يتناقش فتتواصل وتتحاور معه بكل خير وأدب واحترام، وحتى إن شتمك وحاول ملاسنتك واستفزازك فتجاهلته واكتفيت بخاصية الحظر، فأنت هنا قدمت أربع خدمات، خدمت سمعة وطنك وأهله أمام عالم مهول ومفتوح على الآخر قد يتابع هذا السيناريو والمشهد الحاصل، ويأخذ فكرة وانطباعاً عنك وعنه، وخدمت والديك بأجر تربيتهم لك بأحسن الأخلاق، وخدمت نفسك بالأول والأخير بإيجاد سمعة طيبة عنك وحصد الأجر والثواب.

عندما تقوم بنشر منشورات وطنية ومظاهر جميلة لوطنك ومحاولة التركيز على الإيجابيات والإنجازات المشرقة، ونقل الواقع البحريني الجميل على مواقع التواصل الاجتماعي مع مراعاة الخطوط الحمراء، وعدم التجاوز بتصوير ما قد يسيء لوطنك أو القدح والذم والكتابة بمستوى «يؤتي بشماتة أعداء البحرين»، وبأسلوب لا يضيف لتعزيز صورته الخارجية، فأنت هناك قدمت عدة خدمات خدمة وطنية وخدمة لشعب وطنك وخدمة لنفسك، والأهم أنك حتى خدمت دينك بالإحسان لوطنك وطاعة ولي الأمر «هل يتفقه البعض أنه كما لك حقوق هناك واجبات ومن الواجبات الدينية على المسلم تجاه وطنه خدمته، والتضحية في سبيله وطاعة ولي أمره واحترامه بل والدعاء له؟».

عندما تتفاعل مع الأحداث الوطنية والإنجازات والأفراح البحرينية، وتحتفل بكل لباقة وذوق واحترام بعيداً عن المظاهر غير الأخلاقية، والتي لم يألفها مجتمعنا المحافظ وعاداتنا وتقاليدنا فأنت هنا قدمت أربع خدمات، خدمت مسؤولياتك الوطنية بأن تكون شريكاً أساسياً وحاضراً، وخدمت مجتمعك بالمحافظة على أعرافه وقوانينه وشخصاً مسؤولاً، وخدمت أهلك الذين لم تبدد تربيتهم هباءً منثوراً، وخدمت نفسك بالأول والأخير بل حتى محافظتك على لبسك الذي يدخل في هويتنا الوطنية، وتجنب اللباس الفاضح وغير المحتشم يعتبر خدمة لمجتمعك ووطنك إلى جانب خدمة أخلاق وبيئة أهلك.

عندما تحرص على أن لا يخرج أطفالك أو أبناءك إلى الشارع للقيام بتصرفات غير لائقة، وتنصحهم بأهمية المحافظة على عاداتنا وتقاليدناً وتكون نموذجاً صالحاً للمواطن الصالح والمسؤول عن تصرفاته وتصرفات أبنائه، وقدوة حسنة في المشاركة بالأفراح والاحتفالات الوطنية بكل أدب، وتماشياً مع النظام العام أنت هنا قدمت مجموعة خدمات خدمة لمجتمعك وخدمة للآخرين بعدم تعريضهم للأذى والمخاطر والإزعاج بالأخص لو قام ابنك أو ابنتك بقيادة السيارة بتهور أو «التفحيط»، وخدمة لنفسك بكسب الأجر وخدمة لأبنائك تخدمهم مستقبلاً عندما يخالطون الآخرين فيكونون خير سفراء للتربية الحسنة والأخلاق.

عندما تلمح مقطعاً مسيئاً لأخلاقنا وقيمنا البحرينية يرسل لك على هاتفك فلا تعيد إرساله، وتحرص على أن لا تعيد نشره من باب مراعاة الأبعاد الأخلاقية وسمعة واسم وطنك البحرين، وحتى لا يستغل في الإساءة لنا وتشويه صورتنا كبحرينيين، وتكون حريصاً أشد الحرص على أن لا يظهر فمواقع التواصل الاجتماعي بالنهاية مواقع توثق كل شيء وهي بمثابة الأرشيف الذي باستطاعة أي شخص في أي مكان في العالم مطالعة ما ينشر عليها بخاصية البحث، ولو بعد عشرين سنة من الآن، فأنت هنا بمثابة المواطن الأمين النزيه، الذي يتحلى بقيم المسؤولية الوطنية والأخلاقية، ولك عدة أجور، أجر الحفاظ على سمعة وطنك، وأجر عدم نشر مظاهر الانحلال الأخلاقي، وأجر الستر، وأجر نية الخير، وإغلاق باب الفتن.

لو لاحظ البعض أن معظم الفنانين ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي عندما اهتموا بإدراج التهاني إلى مملكة البحرين بمناسبة العيد الوطني المجيد وذكرى جلوس حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، حفظه الله ورعاه، مؤخراً، فالغالبية العظمى منهم تطرقوا إلى أننا «أطيب شعب» وتكررت كلمات وعبارات من نوع «إلى أهل الطيبة.. إلى من تسكنهم الطيبة.. إلى أطيب الشعوب.. نحبكم لأنكم طيبيين»، فنحن البحرينيون نشتهر فعلاً بالطيبة التي تتقدم اسمنا وعلى مر السنين لم نعرف خليجياً وعربياً وحتى عالمياً إلا بالطيبة، وحسن الأخلاق والأدب بل إننا نلاحظ إنه عندما يتداول مقطع لا يمثل أخلاقياتنا و»سنعنا» نلمح تعليقات الإخوة الخليجيين أو العرب بالقول «بالتأكيد هذا ليس مواطن بحريني ولا يمثلهم!».

نقول هذا الكلام من باب التذكرة والتشديد والحرص على أن نظل كما كنا «أطيب شعب» شعب مسالم متسامح لا يؤذي ولا يخرج بمظاهر شاذة وأعراف مخالفة لما فطرنا عليه، وأمرنا به ديننا الحنيف ليشمت الآخرين بنا فيتناقلوها كمقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي تسيء إلى منجزاتنا وتؤثر على صورة وسمعة مملكة البحرين، فحتى في احتفالاتنا الوطنية وإنجازاتنا البحرينية علينا أن نظل محافظين على هذا المكسب، فشعوب العالم حتى وهي فرحة بإنجازاتنا كانت كلمة الطيبة تتقدم تهانيهم بالقول «يستاهلون لأنهم أطيب شعب».