هذا التجانس والخليط بين الجنسيات والديانات والحرف وتقاسم الأرزاق في الأسواق – أعني أسواق المنامة بالذات – قد لا تجد له مثيلاً في بعض القرى والمدن الأخرى مثل الزلاق والدراز وجو خاصةً في زمن مضى، والسبب بعد المسافات، وبطء وسائل النقل من حمير وبغال، والثاني وهم البغال انقرض من البحرين منذ أكثر من ستين سنة أو أكثر، إما الجمال فاستعمالها نادر، ولها حضور في الرفاعين والصخير قديماً، للزينة والركوب أحياناً، والفضل على تواجد الجمال في مملكة البحرين حتى الآن، يعود للأسرة الحاكمة التي حافظت على سفينة الصحراء ورعايتها والصرف عليها، كونها من الموروث العربي الأصيل، علماً بأن الشرطة في أوائل تأسيسها اتخذت من الجمال وسيلة لخفر السواحل «الهجانة».
هذا الاختلاط، ساعد أهل المنامة كثيراً على تعلم لغات كثيرة إلى جانب اللغة العربية الأم، وكونهم يتعايشون في أحياء متقاربة، وكما يتعامل أهل السوق بعضهم ببعض للتجارة والشراء والبيع، كذلك يلعب أطفالهم في الفرجان، مما أكسب أهل البحرين لغات غيرهم، وأهمها الهندية والفارسية – منذ 1932 وهو اكتشاف النفط، انضم كثير من شباب البحرين ورجالها للعمل في حقول النفط أيضاً اكتسبوا اللغة الإنجليزية وأجادوها – وبما أننا دولة إسلامية، كثير من أصحاب الديانات الأخرى والأعراق، اكتسبوا عاداتنا وثقافتنا، وأخذنا نحن عنهم، بما يعني تبادل ثقافات وحضارات.
شاءت الظروف عندما حصلت على رخصة تأسيس نادى اللؤلؤ بفريق الشيوخ «فريق بصرة»، عام 1958، الذي انخرط فيه جميع شبابنا الكرام، شاءت الظروف أيضاً أن نستأجر مقراً للنادي غير بيت طيب الذكر المرحوم على عبدالرحمن الوزان، وهو المقر الأول للنادي، وقع الاختيار على بيت بفريق النعيم تعود ملكيته إلى خضوري الصائغ، وهو منزل على الطراز القديم، وله مشربيات من الداخل، بعكس البيوت التي مثله لها مشربيات من الخارج، ومنسق تنسيقاً جميلاً، وحوش واسع وحديقة منزلية فيها العديد من النخيل والأشجار.
تم الاتفاق على استئجاره بمبلغ 300 روبية، عندما كان أحمد عبدالله الجاسم رئيساً للنادي، مرشحاً من قبل اللجنة المؤسسة المكونة من كاتب المقال وعبد العزيز الملا وصالح محمد عبيد وغلوم أحمد.
في عام 1967 وهوعام النكسة، وبدء توزيع منازل مدينة عيسى، هاجرت الأغلبية من أبناء الفريج إلى مدينة عيسى التي تم افتتاحها رسمياً عام 1968.
هذه الهجرة المباركة، واستقرار أسر فريج بوصرة، وانخراط الشباب بتكوين فرق كروية بين شباب المدينة من مختلف أرجاء البحرين، هذه الهجرة أثرت على ميزانية النادي، وقل النشاط المعهود في نادي اللؤلؤ إلا إنه ظل صامداً يؤدي واجباته الثقافية والرياضية والاجتماعية في محيطه والمحيط المجاور له، وأبعد من ذلك.
بعد أحمد الجاسم تولى الرئاسة عبد العزيز أحمد الملا، وبقيت أنا أحمل حقيبة المالية منذ تأسيس فريق اللؤلؤ لكرة القدم 1954 -1956، ثم واصلت حمل هذه المسؤولية في فترة الرئيسين السابقين.
وعند ترشحي للانتخابات الجديدة، بانسحاب عبد العزيز الملا، تم انتخابي رئيساً للنادي.
ولظروف سفري للخارج للدراسة اقترحت على الإدارة ترشيح عبد الرحمن أحمد الملا رئيساً، كون مدة تواجدي في الخارج أربعة أشهر، ولا داعي لانتخابات جديدة، وعندما علم عبدالرحمن أن الميزانية تشكو، طلب إلي إيجاد مصدر لتغطية النقص المالي، وللتذكير، فإن راشد عبداللطيف الدلهان أيضاً تولى رئاسة النادي.
توجهت إلى خضوري الصائغ مالك البيت والذي يشغله نادي اللؤلؤ، توجهت إليه في شقته في عمارة هلال المطيري، ودعوته إلى زيارة منزلي لأمر هام، وسألني ما هو الأمر الهام؟!، أجبته ستعلمه عند حضورك وتشريفك لمنزلي فوافق.
وفعلاً حضر واستقبلته في بيتي، وقدمنا له حق الضيافة التي يستحقها.
فاتحته بأسباب دعوته، وأن النادي يمر بأزمة مالية، وأتعشم بك خيراً، قال ماهو؟ قلت تخفيض إيجار النادي إلى مائتين وخمسين روبية بدل ثلاثمائة روبية، وبكل رحابة صدر وافق، وقال أنتم شباب تستاهلون المساعدة، فشكرته وودعته بكل تقدير.
هذا موقف عايشته مع السيد الصائغ ويقوم شاهداً على أن البحرينيين من كل الأجناس والأعراق والديانات، عاشوا وما زالوا يربطهم الحب لهذا الوطن العزيز، لكن عبد الرحمن الملا لم يقتنع لأن النقص لازال موجوداً، فحررت كتاباً إلى المغفور له أميرنا الراحل الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، مطالباً مساعدة سنوية للنادي، فتكرم علينا بمبلغ ألف روبية سنوياً أسوةً بالأندية الأخرى، وهنا قال لي عبد الرحمن الملا الآن سافر بالسلامة، وفي عهد مليكنا المفدى ورعايته للأندية كاملاً، وتبنيه لشعار المملكة بيت لكل بحريني مخلص، بغض النظر عن جنسه وديانته، وتعايش بسلام، ووئام يربط الجميع، حفظ الله تعالى جلالته وأنعم عليه بالصحة والعافية وطول العمر والتوفيق، والدعاء موصول إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق، وناشط اجتماعي
{{ article.visit_count }}
هذا الاختلاط، ساعد أهل المنامة كثيراً على تعلم لغات كثيرة إلى جانب اللغة العربية الأم، وكونهم يتعايشون في أحياء متقاربة، وكما يتعامل أهل السوق بعضهم ببعض للتجارة والشراء والبيع، كذلك يلعب أطفالهم في الفرجان، مما أكسب أهل البحرين لغات غيرهم، وأهمها الهندية والفارسية – منذ 1932 وهو اكتشاف النفط، انضم كثير من شباب البحرين ورجالها للعمل في حقول النفط أيضاً اكتسبوا اللغة الإنجليزية وأجادوها – وبما أننا دولة إسلامية، كثير من أصحاب الديانات الأخرى والأعراق، اكتسبوا عاداتنا وثقافتنا، وأخذنا نحن عنهم، بما يعني تبادل ثقافات وحضارات.
شاءت الظروف عندما حصلت على رخصة تأسيس نادى اللؤلؤ بفريق الشيوخ «فريق بصرة»، عام 1958، الذي انخرط فيه جميع شبابنا الكرام، شاءت الظروف أيضاً أن نستأجر مقراً للنادي غير بيت طيب الذكر المرحوم على عبدالرحمن الوزان، وهو المقر الأول للنادي، وقع الاختيار على بيت بفريق النعيم تعود ملكيته إلى خضوري الصائغ، وهو منزل على الطراز القديم، وله مشربيات من الداخل، بعكس البيوت التي مثله لها مشربيات من الخارج، ومنسق تنسيقاً جميلاً، وحوش واسع وحديقة منزلية فيها العديد من النخيل والأشجار.
تم الاتفاق على استئجاره بمبلغ 300 روبية، عندما كان أحمد عبدالله الجاسم رئيساً للنادي، مرشحاً من قبل اللجنة المؤسسة المكونة من كاتب المقال وعبد العزيز الملا وصالح محمد عبيد وغلوم أحمد.
في عام 1967 وهوعام النكسة، وبدء توزيع منازل مدينة عيسى، هاجرت الأغلبية من أبناء الفريج إلى مدينة عيسى التي تم افتتاحها رسمياً عام 1968.
هذه الهجرة المباركة، واستقرار أسر فريج بوصرة، وانخراط الشباب بتكوين فرق كروية بين شباب المدينة من مختلف أرجاء البحرين، هذه الهجرة أثرت على ميزانية النادي، وقل النشاط المعهود في نادي اللؤلؤ إلا إنه ظل صامداً يؤدي واجباته الثقافية والرياضية والاجتماعية في محيطه والمحيط المجاور له، وأبعد من ذلك.
بعد أحمد الجاسم تولى الرئاسة عبد العزيز أحمد الملا، وبقيت أنا أحمل حقيبة المالية منذ تأسيس فريق اللؤلؤ لكرة القدم 1954 -1956، ثم واصلت حمل هذه المسؤولية في فترة الرئيسين السابقين.
وعند ترشحي للانتخابات الجديدة، بانسحاب عبد العزيز الملا، تم انتخابي رئيساً للنادي.
ولظروف سفري للخارج للدراسة اقترحت على الإدارة ترشيح عبد الرحمن أحمد الملا رئيساً، كون مدة تواجدي في الخارج أربعة أشهر، ولا داعي لانتخابات جديدة، وعندما علم عبدالرحمن أن الميزانية تشكو، طلب إلي إيجاد مصدر لتغطية النقص المالي، وللتذكير، فإن راشد عبداللطيف الدلهان أيضاً تولى رئاسة النادي.
توجهت إلى خضوري الصائغ مالك البيت والذي يشغله نادي اللؤلؤ، توجهت إليه في شقته في عمارة هلال المطيري، ودعوته إلى زيارة منزلي لأمر هام، وسألني ما هو الأمر الهام؟!، أجبته ستعلمه عند حضورك وتشريفك لمنزلي فوافق.
وفعلاً حضر واستقبلته في بيتي، وقدمنا له حق الضيافة التي يستحقها.
فاتحته بأسباب دعوته، وأن النادي يمر بأزمة مالية، وأتعشم بك خيراً، قال ماهو؟ قلت تخفيض إيجار النادي إلى مائتين وخمسين روبية بدل ثلاثمائة روبية، وبكل رحابة صدر وافق، وقال أنتم شباب تستاهلون المساعدة، فشكرته وودعته بكل تقدير.
هذا موقف عايشته مع السيد الصائغ ويقوم شاهداً على أن البحرينيين من كل الأجناس والأعراق والديانات، عاشوا وما زالوا يربطهم الحب لهذا الوطن العزيز، لكن عبد الرحمن الملا لم يقتنع لأن النقص لازال موجوداً، فحررت كتاباً إلى المغفور له أميرنا الراحل الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، مطالباً مساعدة سنوية للنادي، فتكرم علينا بمبلغ ألف روبية سنوياً أسوةً بالأندية الأخرى، وهنا قال لي عبد الرحمن الملا الآن سافر بالسلامة، وفي عهد مليكنا المفدى ورعايته للأندية كاملاً، وتبنيه لشعار المملكة بيت لكل بحريني مخلص، بغض النظر عن جنسه وديانته، وتعايش بسلام، ووئام يربط الجميع، حفظ الله تعالى جلالته وأنعم عليه بالصحة والعافية وطول العمر والتوفيق، والدعاء موصول إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق، وناشط اجتماعي