ماثيو جودون أستاذ العلوم السياسية بجامعة كنت البريطانية، أصدر كتاباً شيقاً بعنوان «الشعبوية الوطنية: الثورة ضد الديمقراطية الليبرالية»، تحدث فيه عن بروز الحركات الشعبوية «النابعة من الشعب» في الغرب، وتوقع من خلاله بقائها فترة طويلة خلافاً لما يظنه بعض المراقبين.
وحسب جودون، فإن الحركة الشعبوية الوطنية تعطي أولوية لثقافة ومصالح الدولة وتوعد بإيصال صوت من يشعرون بالإهمال من قبل النخب السياسية التي يطغى عليها حضور خريجي المدارس الخاصة والجامعات العريقة هناك والبعيدين عن واقع وهموم الناس عادة. ويؤكد أن هذه الحركة التي بدأت تطفو على السطح من خلال انتخاب زعيم شعبوي مثل ترامب في أمريكا والتصويت لصالح بريكست في بريطانيا لها جذور عميقة في المجتمعات الغربية وانطلاقتها بدأت منذ سنوات مع ظهور قيادات مثل مارين لو بان في فرنسا وماتيو سالفيني في إيطاليا وفيكتور أوربان في هنجاريا.
ويشك جودون أن الحركة الشعبوية تمثل الغاضبين من البيض من كبار السن Angry Old White Men فقط «وهو الاعتقاد السائد» فهو يرى أنها تمثل خليطاً أكثر تشعباً من هذا الوصف المبسط وتضم أغلبية الطبقة الكادحة والكثير من المحافظين اجتماعياً من الطبقة المتوسطة. فهؤلاء تولد لديهم شعور عدم ثقة في أداء النخب السياسية الحاكمة المترفة والتي تنتمي للأحزاب الغربية التقليدية ويساورهم القلق حول مصير مجتمعاتهم في ظل هجرة غير مسبوقة غيرت التركيبة السكانية والنسيج الاجتماعي ومتخوفين أشد تخوف من المهاجرين المسلمين بالذات والذين في الغالب لا يتفقون مع تحرر الغرب، كما لديهم توجس شديد من العولمة وآثارها خاصة بعد انتقال مصانعهم وتجارتهم وشركاتهم لدول آسيوية نامية.
ويثبت جودون حجته أن الشعبوية تضم خليطاً من الناس من خلال استشهاده بتركيبة المصوتين لبريكست، فمنهم البيض صغاراً وكباراً ومنهم المهاجرين القدامي من ذوي البشرة السمراء «أصول هندية أو أفريقية» كذلك. ولعل المهاجرين القدامى هم أكثر المتضررين من تدفق المهاجرين الأوروبيين من بولندا وغيرها لأنهم هم أكثر من فقدوا فرص العمل بسبب التواجد الكثيف حالياً للمهاجر الأوروبي. إضافة إلى أن المهاجر الأسمر يشعر بنوع من الظلم لأن المهاجر الأوروبي توفر له الحكومة البريطانية مميزات بحكم اتفاقياتها مع الاتحاد الأوروبي لا يحصل عليها هو.
ويلاحظ جودون أن الغرب لم يستوعب حتى الآن حجم وثقل الحركة الشعبوية فما زال الصحفيون والإعلام «اللذان يميلان إلى اليسار بشكل عام هناك و يعرف عنهم ليبراليتهم»، ينعتون الشعبويين بأوصاف غير صحيحة مثل العنصريين والمتطرفين ويعتقدون أن ظهورهم مجرد فقاعة ستنتهي قريباً. ويلوم جودون الأحزاب اليسارية كثيراً، لتركها قاعدتها التي طالما صوتت لها وكذلك لأنها أسرفت في المطالبات لفئات معينة في المجتمع كالمرأة والمثليين بالإضافة إلى تشجيعها المبالغ فيه للفرد على حساب الجماعة دون أن تتلمس نبض الشارع ومدى قبوله لهذا الإسراف.
الغرب يتغير فصعود الشعبويين في أكثر من بلد أوروبي وأمريكا والبرازيل يعطي مؤشراً واضحاً أن الناس هناك سئمت الإفراط في الانفتاح الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وملت من المبالغة في التحرر والإسراف في تبني الفلسفة الليبرالية وترغب في العودة إلى ضفة الأمان وتعيش بهدوء أكثر وبوجود الدين والعادات والتقاليد. لذلك ظهورها لن يكون وقتيا وإنما إيذاناً ببدء مرحلة جديدة بحيث تطغى المفاهيم المحافظة والمعتدلة ويخفت طغيان اليسار الليبرالي وينتهي مع مرور الوقت.
أغلب ما تطالب به الحركات الشعبوية مفهوم إلى حد كبير ومبرر، لكن بلا شك سيدفع ثمنه المهاجرون المسلمون الذين تعتبرهم هذه الحركات أحد أكبر الأخطار على الغرب وثقافته وأسلوب حياته «خاصة في أوروبا». وهكذا يبدأ صراع جديد، فيا ترى مع من سنكون نحن؟
{{ article.visit_count }}
وحسب جودون، فإن الحركة الشعبوية الوطنية تعطي أولوية لثقافة ومصالح الدولة وتوعد بإيصال صوت من يشعرون بالإهمال من قبل النخب السياسية التي يطغى عليها حضور خريجي المدارس الخاصة والجامعات العريقة هناك والبعيدين عن واقع وهموم الناس عادة. ويؤكد أن هذه الحركة التي بدأت تطفو على السطح من خلال انتخاب زعيم شعبوي مثل ترامب في أمريكا والتصويت لصالح بريكست في بريطانيا لها جذور عميقة في المجتمعات الغربية وانطلاقتها بدأت منذ سنوات مع ظهور قيادات مثل مارين لو بان في فرنسا وماتيو سالفيني في إيطاليا وفيكتور أوربان في هنجاريا.
ويشك جودون أن الحركة الشعبوية تمثل الغاضبين من البيض من كبار السن Angry Old White Men فقط «وهو الاعتقاد السائد» فهو يرى أنها تمثل خليطاً أكثر تشعباً من هذا الوصف المبسط وتضم أغلبية الطبقة الكادحة والكثير من المحافظين اجتماعياً من الطبقة المتوسطة. فهؤلاء تولد لديهم شعور عدم ثقة في أداء النخب السياسية الحاكمة المترفة والتي تنتمي للأحزاب الغربية التقليدية ويساورهم القلق حول مصير مجتمعاتهم في ظل هجرة غير مسبوقة غيرت التركيبة السكانية والنسيج الاجتماعي ومتخوفين أشد تخوف من المهاجرين المسلمين بالذات والذين في الغالب لا يتفقون مع تحرر الغرب، كما لديهم توجس شديد من العولمة وآثارها خاصة بعد انتقال مصانعهم وتجارتهم وشركاتهم لدول آسيوية نامية.
ويثبت جودون حجته أن الشعبوية تضم خليطاً من الناس من خلال استشهاده بتركيبة المصوتين لبريكست، فمنهم البيض صغاراً وكباراً ومنهم المهاجرين القدامي من ذوي البشرة السمراء «أصول هندية أو أفريقية» كذلك. ولعل المهاجرين القدامى هم أكثر المتضررين من تدفق المهاجرين الأوروبيين من بولندا وغيرها لأنهم هم أكثر من فقدوا فرص العمل بسبب التواجد الكثيف حالياً للمهاجر الأوروبي. إضافة إلى أن المهاجر الأسمر يشعر بنوع من الظلم لأن المهاجر الأوروبي توفر له الحكومة البريطانية مميزات بحكم اتفاقياتها مع الاتحاد الأوروبي لا يحصل عليها هو.
ويلاحظ جودون أن الغرب لم يستوعب حتى الآن حجم وثقل الحركة الشعبوية فما زال الصحفيون والإعلام «اللذان يميلان إلى اليسار بشكل عام هناك و يعرف عنهم ليبراليتهم»، ينعتون الشعبويين بأوصاف غير صحيحة مثل العنصريين والمتطرفين ويعتقدون أن ظهورهم مجرد فقاعة ستنتهي قريباً. ويلوم جودون الأحزاب اليسارية كثيراً، لتركها قاعدتها التي طالما صوتت لها وكذلك لأنها أسرفت في المطالبات لفئات معينة في المجتمع كالمرأة والمثليين بالإضافة إلى تشجيعها المبالغ فيه للفرد على حساب الجماعة دون أن تتلمس نبض الشارع ومدى قبوله لهذا الإسراف.
الغرب يتغير فصعود الشعبويين في أكثر من بلد أوروبي وأمريكا والبرازيل يعطي مؤشراً واضحاً أن الناس هناك سئمت الإفراط في الانفتاح الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وملت من المبالغة في التحرر والإسراف في تبني الفلسفة الليبرالية وترغب في العودة إلى ضفة الأمان وتعيش بهدوء أكثر وبوجود الدين والعادات والتقاليد. لذلك ظهورها لن يكون وقتيا وإنما إيذاناً ببدء مرحلة جديدة بحيث تطغى المفاهيم المحافظة والمعتدلة ويخفت طغيان اليسار الليبرالي وينتهي مع مرور الوقت.
أغلب ما تطالب به الحركات الشعبوية مفهوم إلى حد كبير ومبرر، لكن بلا شك سيدفع ثمنه المهاجرون المسلمون الذين تعتبرهم هذه الحركات أحد أكبر الأخطار على الغرب وثقافته وأسلوب حياته «خاصة في أوروبا». وهكذا يبدأ صراع جديد، فيا ترى مع من سنكون نحن؟