لم يصدّق الجميع خبر رحيل الفنان المتواضع جداً، والبسيط جداً، واللطيف جداً، والطيب جداً، العزيز على قلوبنا علي الغرير، وذلك بعد رحيله على حين غرَّة إثر سكتة قلبية، حيث اختاره الله تعالى إلى جواره.

صُعِق الجميع بوفاة الشاب الذي استطاع أن يفعل ما لم يستطع فعله غالبية نجوم الفن العربي من أسر واستقطاب أفئدة الكبار قبل الصغار بلطفه وحنانه وبحرينيته اللافتة، فلم نسمع ولو صوتاً واحداً ينتقد الفنان الراحل، لأنه وبكل بساطة لم يدخل في معارك الفنانين ولا السياسيين ولا المهرطقين، بل عاش بسيطاً ومات بسيطاً وظل كبيراً. هكذا يرحل الكبار.

لا غرابة أن يخرج هذا الفنان الراحل بكل هذا الزخم من المحبة والاحترام والتفاعل من قبل كل البحرينيين والعرب، فالإنسان الذي نشأ وترعرع في «فريج الفاضل» وضواحيه يدرك جيداً ماهية هذا «الفريج» الذي تخرج من كنفه الفنان والوزير والمسؤول والمهندس والمبدع والتاجر والمثقف والأديب. «الفريج» الذي عرف بأنه مصنع الرجال والنخبة من أبناء البحرين. وما الراحل علي الغرير إلا أحد هؤلاء الكبار.

الراحل علي الغرير عليه الرحمة هو الإنسان الحقيقي الذي يمثل الشخصية «البحرينية» بأروع وأنظف تجلياتها وصورها، فهو الشخص المحبوب المتواضع الذي لم يجد في المال مكسبه ومأربه، بل ذهب لجهة فخمة من حياة الإنسان، حيث اقترب إلى قلبه وعقله وعاطفته وإنسانيته، ولهذا استطاع الوصول بسرعة فائقة لقلوب محبيه من الصغار والكبار، كما استطاع أن يبني له صرحاً في ذاكرة الوطن لن يمحوها أي شيء.

الراحل علي الغرير هو أحد أبناء عائلة الغرير الكرام الذين عاشوا مع الناس ببساطتهم وعفويتهم، فكانت هذه الأسرة المميزة محبوبة بين الجميع، وهذه ليست ميزة خاصة يختص بها الفنان الراحل فقط، وإنما أيضاً ميزة كان يتمتع بها إخوانه الأعزاء كذلك.

إن أول ردود فعل تكريم الفنان الراحل العبقري البسيط علي الغرير بعد رحيله، هو إظهار الشعب البحريني مقدار حبه له وتعاطفه معه، فجاءت ردود الأفعال بحجم الحدث، وكانت مشاعر الناس ومحبتهم أصدق من كل الكلمات والمقالات في حق فناننا الراحل.

على الضفة الأخرى، ومن باب التكريم الفعلي للراحل ولعائلته الكريمة، وجه سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس مجلس أمناء المؤسسة الخيرية الملكية للتكفل برعاية أبناء فقيد الوطن الفنان علي الغرير رحمه الله، ليكتمل نصاب الحب والتقدير معاً.

رحم الله تعالى فقيدنا الفنان الراحل بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، وربط الله على قلوب أسرته ومحبيه. آمين رب العالمين.