منذ فترة كنا نفكر في طرح هذا الموضوع بعد أن رصدنا عدة مواقف وتصرفات أخذت تكثر في الآونة الأخيرة بين الناس دون مراعاة معاناة الآخرين وأحزانهم وفاجعتهم بوفاة قريب لهم، إلا أن التصرفات الأخيرة التي رأيناها وما حدث خلال جنازة المغفور له بإذنه الفنان علي الغرير رحمه الله دفعتنا للكتابة بجدية عن هذه الظاهرة الغريبة.
فالبعض استهجن واستغرب مما قام به البعض من الحضور إلى جنازة الغرير ومن ثم أيام العزاء اللاحقة والاهتمام بتصوير أكبر عدد ممكن من اللقطات ومقاطع الفيديو و«كأنه في تغطية صحفية أو في حدث هام جداً لا بد أن ينقل ويراه جميع من في العالم» حتى إن البعض أخذ يكتب على مواقع التواصل الاجتماعي ويرسل رسائل على الواتساب بأهمية حذف بعض المقاطع التي صورت والتي تحمل الكثير من الخصوصية لأهل وأصدقاء الغرير رحمه الله بالأخص المقاطع التي يظهر فيها البعض وهم متأثرون ويبكون، ولا ندري هل البعض قد اهتم بالحضور معزياً ومواسياً ومهتماً بتقديم واجب العزاء لأسرة الفقيد لأجل هذه الغاية فقط، أم أنه كان مهتماً بأن يخبر العالم وكل من معه على حساباته ومواقع التواصل الاجتماعي أنه حضر وقام بأداء الواجب ويريهم كيف كانت الأجواء فيما يخص تغطية كل لقطة وكل حركة وكل شاردة وواردة؟
بعيداً عما حصل للفنان المحبوب والجماهيري «علي الغرير» رحمه الله، نرى أنه كثرت مثل هذه التصرفات التي لا تراعي خصوصية الناس ولا تحترم حرمة منازلهم وعائلاتهم، فعلى مر السنين رأينا الكثير من المواقف المماثلة حينما يقوم أحدهم بالإمساك بالهاتف طيلة الوقت وبتصوير ردة فعل أهل فقيد من توفاه الله أو نشر صور أبنائه وأهله بل يدخل منازلهم ويقوم بتصوير المتواجدين وهم في حال يرثى لها، ثم ينشر الصور مع كتابة عبارات تعزية «طيب ما أنت رحت وعزيتهم ترد تعزيهم على مواقع التواصل الاجتماعي مع نشر صور شخصية لهم لماذا؟»، سيقول البعض قد يفعل هذا من باب حث الآخرين على أداء واجب التعزية ومن مبدأ إشاعة التكافل الاجتماعي» طيب ممكن دعم هذا المبدأ الاجتماعي بطريقة أخرى وبأسلوب يحمل مراعاة لأهل الفقيد تختلف عن الشو اللي تعمله».
من المظاهر الغريبة التي بتنا نراها في العزاء، أن يأتي البعض للعزاء وبدلاً من تقديم واجب العزاء والجلوس قليلاً من الوقت ثم المغادرة يأتي ويتصدر الجلسة ولا يبقى شخص لا يتحدث معه، بل وتصل الأمور أحياناً إلى النقاشات، وهناك من يحول العزاء إلى جلسات «العقرة وأخذ العلوم» بالأخص في العزاءات النسائية «شوفي فلانة شكلها متغير.. شوفي علانة شكلها حامل وخاشه الموضوع!!»، لا ندري هل هم جاؤوا للتعزية أم للتركيز على الآخرين وأحوالهم، وهناك من يرى من العزاء برنامجاً لأجل إحداث المشاكل وإيقاع الخلافات وفرصة لإيذاء الآخرين، والأدهى هناك من يقوم بالتصوير دون أن يعلم الناس ويرسل الصور على قروب واتساب خاص بالصديقات المقربات، «شوفي شكلها شلون بدون مكيب.. فلانة ما كانت تصيح ولا متأثرة..علانة ما كانت جالسة مع فلانة.. فلانة صاحت وايد وكانت متأثرة هذي حوبتي تستاهل الله عطاها حزن في أعز أهلها»، وهكذا يتحول العزاء إلى حدث تحليلي بين البعض ومصدر شماتة، وهناك من يهتم برؤية من بكى كثيراً ومن بكى قليلاً لعقد المقارنات أيهم أكثر حزناً «والله إنه لمخجل ومعيب أن نصل إلى هذه المستويات الطفولية والهابطة جداً».
أذكر إحداهن وهي تشتكي لنا وتخبرنا أنه حصل لهم عزاء خلال أيام رمضان المبارك، وكان واجب العزاء في منزلها، وكان الناس يأتون لهم من الساعة السابعة صباحاً ويجلسون لحين فترة المغرب دون مراعاة مشاعر أهل الفقيد، فهم بلا شك إلى جانب حزنهم الشديد متعبون ومرهقون، بل بعض أقارب الفقيد أودع المستشفى وترك بالملاحظة طيلة الليل لكونه متأثراً وهم يعلمون بذلك، ورغم ذلك لم يفكروا بأهمية ألا يطيلوا الجلوس، فأهل الفقيد بالأصل مرضى ومرهقون فيما البعض كانوا يأتون إلى منزلهم معزين في تمام الساعة الواحدة فجراً، أي بعد أن ينتهوا من صلاة القيام وينتهوا من زيارة المجالس النسائية والواجبات ويجلسون معهم إلى فترة السحور، فيضطرون يومياً إلى توفير وجبات للسحور إلى جانب الإفطار والعشاء.
ويحصل أحياناً أن تمتد أيام العزاء إلى أسبوع وأكثر رغم أنه بإعلان العزاء قد ذكروا أنه لمدة ثلاثة أيام وهناك من يذكر أن العزاء من الساعة التاسعة صباحاً إلى الواحدة ظهراً، ورغم ذلك لا يلتزمون بالوقت ويأتون من السابعة صباحاً، وهنا تحصل الخلافات غالباً بين أهل الفقيد فيما يخص مكان العزاء ومصاريفه وعدم تواجد بعض أهل الفقيد أمام حضور الناس مبكراً.
بل هناك من يأتي للعزاء لأجل أن يلتقي بشخصية يعلم أن لها صلة بأهل الفقيد كي يطلب منه طلب أو خدمة خاصة، وهناك من وصلت «المواصيل فيه» أن يقيم ويقارن بين عزاء فلان وعلان، بل وتصل فيه الجرأة إلى أن ينتقد عزاء البعض لأنهم لم يقدموا سوى الماء والعصائر مقابل عزاء آخر تقدم فيه عدد من الأطعمة والأنواع المتعددة من القهوة والشاي.
هناك أيضاً ظاهرة أغرب باتت تكثر وهو البكاء وافتعال التأثر والاهتمام بالعزاء على حسب مكانة الشخص في المجتمع من ناحية وضعه الاقتصادي «وهو الأهم» أو مكانته الاجتماعية والعائلية وغيرها «باختصار إن كان إنساناً مهماً ترى البعض يهتم بل وحتى» يعصر نفسه للبكاء «في حين يتجاهل حضور عزاء الناس العاديين» الذين يعلم أنه لن تحضر لهم شخصيات هامة أو عامة «هل هم يدورون على الأجر ولا على مكاسب شخصية ومكتسبات لا ندري».
* إحساس عابر:
نتقدم بخالص المواساة والتعازي إلى عائلة الفنان علي الغرير رحمه الله الذي أبهج الصغار قبل الكبار وكانت له بصمة مميزة في إيصال الفن البحريني إلى دول المنطقة، ونسأل الله لهم الصبر والسلوان.
فالبعض استهجن واستغرب مما قام به البعض من الحضور إلى جنازة الغرير ومن ثم أيام العزاء اللاحقة والاهتمام بتصوير أكبر عدد ممكن من اللقطات ومقاطع الفيديو و«كأنه في تغطية صحفية أو في حدث هام جداً لا بد أن ينقل ويراه جميع من في العالم» حتى إن البعض أخذ يكتب على مواقع التواصل الاجتماعي ويرسل رسائل على الواتساب بأهمية حذف بعض المقاطع التي صورت والتي تحمل الكثير من الخصوصية لأهل وأصدقاء الغرير رحمه الله بالأخص المقاطع التي يظهر فيها البعض وهم متأثرون ويبكون، ولا ندري هل البعض قد اهتم بالحضور معزياً ومواسياً ومهتماً بتقديم واجب العزاء لأسرة الفقيد لأجل هذه الغاية فقط، أم أنه كان مهتماً بأن يخبر العالم وكل من معه على حساباته ومواقع التواصل الاجتماعي أنه حضر وقام بأداء الواجب ويريهم كيف كانت الأجواء فيما يخص تغطية كل لقطة وكل حركة وكل شاردة وواردة؟
بعيداً عما حصل للفنان المحبوب والجماهيري «علي الغرير» رحمه الله، نرى أنه كثرت مثل هذه التصرفات التي لا تراعي خصوصية الناس ولا تحترم حرمة منازلهم وعائلاتهم، فعلى مر السنين رأينا الكثير من المواقف المماثلة حينما يقوم أحدهم بالإمساك بالهاتف طيلة الوقت وبتصوير ردة فعل أهل فقيد من توفاه الله أو نشر صور أبنائه وأهله بل يدخل منازلهم ويقوم بتصوير المتواجدين وهم في حال يرثى لها، ثم ينشر الصور مع كتابة عبارات تعزية «طيب ما أنت رحت وعزيتهم ترد تعزيهم على مواقع التواصل الاجتماعي مع نشر صور شخصية لهم لماذا؟»، سيقول البعض قد يفعل هذا من باب حث الآخرين على أداء واجب التعزية ومن مبدأ إشاعة التكافل الاجتماعي» طيب ممكن دعم هذا المبدأ الاجتماعي بطريقة أخرى وبأسلوب يحمل مراعاة لأهل الفقيد تختلف عن الشو اللي تعمله».
من المظاهر الغريبة التي بتنا نراها في العزاء، أن يأتي البعض للعزاء وبدلاً من تقديم واجب العزاء والجلوس قليلاً من الوقت ثم المغادرة يأتي ويتصدر الجلسة ولا يبقى شخص لا يتحدث معه، بل وتصل الأمور أحياناً إلى النقاشات، وهناك من يحول العزاء إلى جلسات «العقرة وأخذ العلوم» بالأخص في العزاءات النسائية «شوفي فلانة شكلها متغير.. شوفي علانة شكلها حامل وخاشه الموضوع!!»، لا ندري هل هم جاؤوا للتعزية أم للتركيز على الآخرين وأحوالهم، وهناك من يرى من العزاء برنامجاً لأجل إحداث المشاكل وإيقاع الخلافات وفرصة لإيذاء الآخرين، والأدهى هناك من يقوم بالتصوير دون أن يعلم الناس ويرسل الصور على قروب واتساب خاص بالصديقات المقربات، «شوفي شكلها شلون بدون مكيب.. فلانة ما كانت تصيح ولا متأثرة..علانة ما كانت جالسة مع فلانة.. فلانة صاحت وايد وكانت متأثرة هذي حوبتي تستاهل الله عطاها حزن في أعز أهلها»، وهكذا يتحول العزاء إلى حدث تحليلي بين البعض ومصدر شماتة، وهناك من يهتم برؤية من بكى كثيراً ومن بكى قليلاً لعقد المقارنات أيهم أكثر حزناً «والله إنه لمخجل ومعيب أن نصل إلى هذه المستويات الطفولية والهابطة جداً».
أذكر إحداهن وهي تشتكي لنا وتخبرنا أنه حصل لهم عزاء خلال أيام رمضان المبارك، وكان واجب العزاء في منزلها، وكان الناس يأتون لهم من الساعة السابعة صباحاً ويجلسون لحين فترة المغرب دون مراعاة مشاعر أهل الفقيد، فهم بلا شك إلى جانب حزنهم الشديد متعبون ومرهقون، بل بعض أقارب الفقيد أودع المستشفى وترك بالملاحظة طيلة الليل لكونه متأثراً وهم يعلمون بذلك، ورغم ذلك لم يفكروا بأهمية ألا يطيلوا الجلوس، فأهل الفقيد بالأصل مرضى ومرهقون فيما البعض كانوا يأتون إلى منزلهم معزين في تمام الساعة الواحدة فجراً، أي بعد أن ينتهوا من صلاة القيام وينتهوا من زيارة المجالس النسائية والواجبات ويجلسون معهم إلى فترة السحور، فيضطرون يومياً إلى توفير وجبات للسحور إلى جانب الإفطار والعشاء.
ويحصل أحياناً أن تمتد أيام العزاء إلى أسبوع وأكثر رغم أنه بإعلان العزاء قد ذكروا أنه لمدة ثلاثة أيام وهناك من يذكر أن العزاء من الساعة التاسعة صباحاً إلى الواحدة ظهراً، ورغم ذلك لا يلتزمون بالوقت ويأتون من السابعة صباحاً، وهنا تحصل الخلافات غالباً بين أهل الفقيد فيما يخص مكان العزاء ومصاريفه وعدم تواجد بعض أهل الفقيد أمام حضور الناس مبكراً.
بل هناك من يأتي للعزاء لأجل أن يلتقي بشخصية يعلم أن لها صلة بأهل الفقيد كي يطلب منه طلب أو خدمة خاصة، وهناك من وصلت «المواصيل فيه» أن يقيم ويقارن بين عزاء فلان وعلان، بل وتصل فيه الجرأة إلى أن ينتقد عزاء البعض لأنهم لم يقدموا سوى الماء والعصائر مقابل عزاء آخر تقدم فيه عدد من الأطعمة والأنواع المتعددة من القهوة والشاي.
هناك أيضاً ظاهرة أغرب باتت تكثر وهو البكاء وافتعال التأثر والاهتمام بالعزاء على حسب مكانة الشخص في المجتمع من ناحية وضعه الاقتصادي «وهو الأهم» أو مكانته الاجتماعية والعائلية وغيرها «باختصار إن كان إنساناً مهماً ترى البعض يهتم بل وحتى» يعصر نفسه للبكاء «في حين يتجاهل حضور عزاء الناس العاديين» الذين يعلم أنه لن تحضر لهم شخصيات هامة أو عامة «هل هم يدورون على الأجر ولا على مكاسب شخصية ومكتسبات لا ندري».
* إحساس عابر:
نتقدم بخالص المواساة والتعازي إلى عائلة الفنان علي الغرير رحمه الله الذي أبهج الصغار قبل الكبار وكانت له بصمة مميزة في إيصال الفن البحريني إلى دول المنطقة، ونسأل الله لهم الصبر والسلوان.