أرسل لي أكاديمي بحريني مرموق رابطاً لمقال عن أحد الفلاسفة البريطانيين الكبار في عصرنا الحديث والذي اتخذ من الفكر المحافظ منهجاً له وكان سيفاً مسلطاً على المفاهيم اليسارية الليبرالية الراديكالية التي غزت الغرب وتغلغلت في أجندة منظمات عالمية مؤثرة. وقد جاء الرابط وما حمله من معلومات قيمة في وقته خاصة في ظل متابعتي الحثيثة هذه الأيام للتغير الفكري والاجتماعي والسياسي الحاصل في الغرب والتحول الملاحظ من حالة الانفلات هناك إلى حالة من الضبط والانضباط «النسبي».
المقال نشر في «نيويورك تايمز» وتحدث بإسهاب عن حياة وأعمال «السير روجر سكروتن» - الذي فارق الحياة قبل أيام - أحد القلائل الذين تجرؤوا وانتقدوا مسلمات غربية ابتدعتها الليبرالية المتطرفة.
«سكروتن» الذي تجاوز عدد مؤلفاته الخمسين كتاباً شملت الفلسفة والفن والموسيقى، التزم بالفكر المحافظ منذ العام 1968 ومنذ أن شهد مظاهرات طلابية عنيفة في باريس جعلته يحدد مساره الفكري في الحياة. فعندما اكتشف أن المظاهرات لا تتعدى كونها خزعبلات ماركسية فوضوية قرر وهو في عمر الرابعة والعشرين أن يكرس وقته للمحافظة على قيم الغرب الحضارية وأن يدافع عنها.
ولسكروتن رأي دافع عنه بشراسة حول إدارة المجتمع. فكان من المؤيدين للسلطة والقانون وضرورة طاعة الناس لهما، حيث قال: الطاعة هي الفضيلة العليا للبشر وهي التي تجعل إدارتهم ممكنة وبدونها يذوب وينتهي المجتمع ليصبح غباراً مكوناً من أفراد.
كما أيد سكروتن الأفكار التي تبدو في الظاهر «متعصبة» في عصرنا الحالي وأعطى مثالاً على ذلك قائلاً: التعصب لدفع النساء على التواضع والحشمة والطاعة وما يقابله من تعصب لدفع الرجال أن يكونوا شهاماً «أي عزيزي نفس وأصحاب مبادرات وأعمال مهمة ومفيدة» قد يساعد في استقرار العلاقات بين المرأة والرجل وتربية الأطفال، مبيناً أن التعصب حالة ليست منطقية ولكن لا يجب أن تحارب وترفض بل يجب استيعابها.
وكان سكروتن من الأصوات المعارضة للحركة النسوية الحديثة واعتبرها ضد الطبيعة الإنسانية ورأى أن تأثيرها مدمر على العلاقة بين المرأة والرجل. كما استخف بنظرية «الجندر» التي تستخدمها النسويات لتبرير فلسفتهن واعتبرها ناقصة وضعيفة. ولكن كان متعاطفاً ومؤيداً لحق المرأة في التصويت.
بلا شك أن الغرب يقاوم الآن كل الاندفاع المتهور لتغير الثوابت والأساسيات، تارة بفلاسفة ومفكرين مثل سكروتن والكندي جوردون بيترسون - الذي كتبت عنه مقالاً أيضاً قبل أشهر - وتارة من خلال صناديق الاقتراع. فالتجربة الإنسانية الحديثة التي بدأت هناك وانتشرت بعد الحرب العالمية الثانية كانت لها إيجابياتها وحققت للشعوب الغربية حالة من الانفتاح المعقول إلا أنها انحرفت عن مسارها وأخذت طريقاً متطرفاً لم يعد مستحباً إطلاقاً.
المحزن، أن الغرب بدأ في طريق التصحيح والعودة إلى الثوابت - وهو طويل جداً - وبدأ يراجع نظرياته ويشكك في تجاربه التي أدت إلى كوارث اجتماعية في المقام الأول ومصائب فكرية أيضاً، لكن مازال البعض منا مستمراً في الاقتباس من عنده - أي الغرب - دون تمحيص ودون معرفة واقع ما يجري هناك من تطورات.
المقال نشر في «نيويورك تايمز» وتحدث بإسهاب عن حياة وأعمال «السير روجر سكروتن» - الذي فارق الحياة قبل أيام - أحد القلائل الذين تجرؤوا وانتقدوا مسلمات غربية ابتدعتها الليبرالية المتطرفة.
«سكروتن» الذي تجاوز عدد مؤلفاته الخمسين كتاباً شملت الفلسفة والفن والموسيقى، التزم بالفكر المحافظ منذ العام 1968 ومنذ أن شهد مظاهرات طلابية عنيفة في باريس جعلته يحدد مساره الفكري في الحياة. فعندما اكتشف أن المظاهرات لا تتعدى كونها خزعبلات ماركسية فوضوية قرر وهو في عمر الرابعة والعشرين أن يكرس وقته للمحافظة على قيم الغرب الحضارية وأن يدافع عنها.
ولسكروتن رأي دافع عنه بشراسة حول إدارة المجتمع. فكان من المؤيدين للسلطة والقانون وضرورة طاعة الناس لهما، حيث قال: الطاعة هي الفضيلة العليا للبشر وهي التي تجعل إدارتهم ممكنة وبدونها يذوب وينتهي المجتمع ليصبح غباراً مكوناً من أفراد.
كما أيد سكروتن الأفكار التي تبدو في الظاهر «متعصبة» في عصرنا الحالي وأعطى مثالاً على ذلك قائلاً: التعصب لدفع النساء على التواضع والحشمة والطاعة وما يقابله من تعصب لدفع الرجال أن يكونوا شهاماً «أي عزيزي نفس وأصحاب مبادرات وأعمال مهمة ومفيدة» قد يساعد في استقرار العلاقات بين المرأة والرجل وتربية الأطفال، مبيناً أن التعصب حالة ليست منطقية ولكن لا يجب أن تحارب وترفض بل يجب استيعابها.
وكان سكروتن من الأصوات المعارضة للحركة النسوية الحديثة واعتبرها ضد الطبيعة الإنسانية ورأى أن تأثيرها مدمر على العلاقة بين المرأة والرجل. كما استخف بنظرية «الجندر» التي تستخدمها النسويات لتبرير فلسفتهن واعتبرها ناقصة وضعيفة. ولكن كان متعاطفاً ومؤيداً لحق المرأة في التصويت.
بلا شك أن الغرب يقاوم الآن كل الاندفاع المتهور لتغير الثوابت والأساسيات، تارة بفلاسفة ومفكرين مثل سكروتن والكندي جوردون بيترسون - الذي كتبت عنه مقالاً أيضاً قبل أشهر - وتارة من خلال صناديق الاقتراع. فالتجربة الإنسانية الحديثة التي بدأت هناك وانتشرت بعد الحرب العالمية الثانية كانت لها إيجابياتها وحققت للشعوب الغربية حالة من الانفتاح المعقول إلا أنها انحرفت عن مسارها وأخذت طريقاً متطرفاً لم يعد مستحباً إطلاقاً.
المحزن، أن الغرب بدأ في طريق التصحيح والعودة إلى الثوابت - وهو طويل جداً - وبدأ يراجع نظرياته ويشكك في تجاربه التي أدت إلى كوارث اجتماعية في المقام الأول ومصائب فكرية أيضاً، لكن مازال البعض منا مستمراً في الاقتباس من عنده - أي الغرب - دون تمحيص ودون معرفة واقع ما يجري هناك من تطورات.