قبل فترة قصيرة شاركت في أحد المنتديات التي تبنتها جمعية المرصد الشبابية للحديث حول «قانون العقوبات البديلة»، رحبت بالمشاركة ليس للإدلاء برأيي المتواضع في هذه المبادرة، بل حرصاً مني على التعرف على هذا القانون وآلياته عن كثبت حيث كان من بين المتحدثين ممثلون عن وزارة الداخلية ورئيسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان الأستاذة ماريا خوري وعدد من الحقوقيين والقانونيين والمرشدين النفسيين. حيث تحدث كل شخص حول قانون العقوبات البديلة من زاوية تخصصه.
عن نفسي لم تكن لدي وجهة نظر محددة وقلت هذا أمام الحضور بشفافية حيث تختلف وجهة نظري بحسب موقعي بين إذا ما كنت أنا الفاعل أو المفعول به!! فإذا ما كنت الفاعل أي «المجني» أو «المتهم» لا شك بأنني سأكون من أنصار تنفيذ هذا القانون، أما إذا ما كنت المجني عليه أو الضحية سأتمسك بأن يطبق أشد العقاب على الجاني ولن يشفي غليلي إلا تقييد حريته..
واستخدمت السيدة ماريا الخوري مصطلح استعارته من وزير العدل البحريني وهو مصطلح «أنسنة القوانين» ويقصد بها إدخال الإنسانية في القوانين مع عدم إغفال تنفيذ القانون خلال هذا المنتدى.. ولا أعرف لماذا تذكرت هذا المصطلح وأنا أتابع ما ينشر على صفحات الجرائد الرسمية حول تأييد حكم الحبس لأحد الأشخاص.. لربما لأن الخبر بشكل أو بآخر يكشف هوية هذا الشخص.. حتى وإن لم يذكر اسمه بشكل صريح.. جميعنا يعلم جيداً أننا في مجتمع صغير جداً.. مجتمع متماسك ويعرف كل منا الآخر.. وهذه صفة إيجابية وسلبية في نفس الوقت..
نرى في الأفلام السينمائية الدرامية أنه متى ارتكب أي فرد ذنب.. سواء كان ذنباً اجتماعياً أو قانونياً.. فإنه يغادر المكان.. يرحل إلى ولاية أخرى.. أو محافظة أخرى.. ضمن النطاق الجغرافي لدولته.. في مكان لا يعرفه فيه أحد ليبدأ من جديد.. دونما الحاجة لمواجهة نظرات المجتمع التي تجلده بسوط الذنب مع كل رمق..
ولكننا في البحرين وضعنا مختلف فشمالنا يعرف جنوبنا جيداً، وشرقنا يلاصق غربنا، وكلنا نعرف بعضنا البعض مما يجعل الأثر النفسي بليغاً جداً لأي فرد «يخطئ ويذنب».. حيث يوصم الفرد بوصمة العار.. ليس هذا فحسب بل إن وصمة العار تلاحق أبناءه وأهله.. ويتوارثها الأجيال عقداً بعد عقد..
ومازالت كلمات بعض أفراد المجتمع ترن في أذني.. هذا جده كان مرتشياً.. هذه جدة جدتها تحب فلان!!
ومن باب التوضيح لست أدافع عن أي متهم أو مذنب.. بل إني أؤيد تنفيذ جميع الإجراءات العقابية بحذافيرها تجاه أي فرد يخالف القوانين.. وإسقاط العقوبة التي يحددها القانون دونما تهاون.. ولكني أقصد من وراء كلامي هذا أهمية الحفاظ على سرية هوية المتهمين والجناة عدا في ما يمس أمن الدولة والخيانة العظمى.
نسمع بين الفينة والأخرى عن إجراءات قانونية تطبق على مطاعم أو حضانات أو مدارس، ومع ذلك يكتب الخبر بحيادية دونما ذكر لأي معلومات تكشف لنا هوية هذه الأماكن رغم مطالبة البعض بالكشف عن الأسماء لوقف التعامل معها..
أعرف بأن المعلومات في محاكم البحرين سرية للغاية، وأقدر الحس الإعلامي لدى زملائي الإعلاميين، ولكننا يجب أن نفكر «بإنسانية».. فعندما أكتب «مانشيت» مفاده موظفة -أو موظف- في الوزارة الفلانية قامت بجريمة معينة فإن جميع البحرين ستعرف اسم هذه الموظفة أو الموظف نظراً لصغر المجتمع..
حدثتني إحدى الأمهات أن ولدها تعرض للتنمر في المدرسة لأن والده ارتكب مخالفة قانونية وعرفه الناس من رمزية وظيفته التي نشرت عبر وسائل الإعلام.. تقول إن ابنها أصبح يكره الذهاب للمدرسة.. وأصبح أكثر عدوانية وانطوائية وكرهاً لوالده الذي يصفه بأنه «جلب لنا العار والفشيلة».
* رأيي المتواضع:
يعمل القائمون على القضاء في البحرين على «أنسنة القوانين» واستخدام عقوبات تجعل المتهم جزءاً من المجتمع ليبدأ صفحة جديدة لخدمة هذا الوطن.. ويجب أن يكون الإعلام والمجتمع مكملين لهذه الجهود.
فلا لنشر تفاصيل ما يدور في أروقة المحاكم ولا لذكر رمزية الأشخاص التي من شأنها أن تفضي إلى معرفة الجناة مجتمعياً.. وكم أتمنى أن يكون هناك تشريع واضح يمنع نشر أي معلومة من شأنها الدلالة على هوية الجناة.. والنظر في إعادة آليات نشر أخبار ما يدور في أروقة المحاكم من قضايا.. فالهدف من النشر أخذ العبرة وليس فضح الجاني مجتمعياً.
{{ article.visit_count }}
عن نفسي لم تكن لدي وجهة نظر محددة وقلت هذا أمام الحضور بشفافية حيث تختلف وجهة نظري بحسب موقعي بين إذا ما كنت أنا الفاعل أو المفعول به!! فإذا ما كنت الفاعل أي «المجني» أو «المتهم» لا شك بأنني سأكون من أنصار تنفيذ هذا القانون، أما إذا ما كنت المجني عليه أو الضحية سأتمسك بأن يطبق أشد العقاب على الجاني ولن يشفي غليلي إلا تقييد حريته..
واستخدمت السيدة ماريا الخوري مصطلح استعارته من وزير العدل البحريني وهو مصطلح «أنسنة القوانين» ويقصد بها إدخال الإنسانية في القوانين مع عدم إغفال تنفيذ القانون خلال هذا المنتدى.. ولا أعرف لماذا تذكرت هذا المصطلح وأنا أتابع ما ينشر على صفحات الجرائد الرسمية حول تأييد حكم الحبس لأحد الأشخاص.. لربما لأن الخبر بشكل أو بآخر يكشف هوية هذا الشخص.. حتى وإن لم يذكر اسمه بشكل صريح.. جميعنا يعلم جيداً أننا في مجتمع صغير جداً.. مجتمع متماسك ويعرف كل منا الآخر.. وهذه صفة إيجابية وسلبية في نفس الوقت..
نرى في الأفلام السينمائية الدرامية أنه متى ارتكب أي فرد ذنب.. سواء كان ذنباً اجتماعياً أو قانونياً.. فإنه يغادر المكان.. يرحل إلى ولاية أخرى.. أو محافظة أخرى.. ضمن النطاق الجغرافي لدولته.. في مكان لا يعرفه فيه أحد ليبدأ من جديد.. دونما الحاجة لمواجهة نظرات المجتمع التي تجلده بسوط الذنب مع كل رمق..
ولكننا في البحرين وضعنا مختلف فشمالنا يعرف جنوبنا جيداً، وشرقنا يلاصق غربنا، وكلنا نعرف بعضنا البعض مما يجعل الأثر النفسي بليغاً جداً لأي فرد «يخطئ ويذنب».. حيث يوصم الفرد بوصمة العار.. ليس هذا فحسب بل إن وصمة العار تلاحق أبناءه وأهله.. ويتوارثها الأجيال عقداً بعد عقد..
ومازالت كلمات بعض أفراد المجتمع ترن في أذني.. هذا جده كان مرتشياً.. هذه جدة جدتها تحب فلان!!
ومن باب التوضيح لست أدافع عن أي متهم أو مذنب.. بل إني أؤيد تنفيذ جميع الإجراءات العقابية بحذافيرها تجاه أي فرد يخالف القوانين.. وإسقاط العقوبة التي يحددها القانون دونما تهاون.. ولكني أقصد من وراء كلامي هذا أهمية الحفاظ على سرية هوية المتهمين والجناة عدا في ما يمس أمن الدولة والخيانة العظمى.
نسمع بين الفينة والأخرى عن إجراءات قانونية تطبق على مطاعم أو حضانات أو مدارس، ومع ذلك يكتب الخبر بحيادية دونما ذكر لأي معلومات تكشف لنا هوية هذه الأماكن رغم مطالبة البعض بالكشف عن الأسماء لوقف التعامل معها..
أعرف بأن المعلومات في محاكم البحرين سرية للغاية، وأقدر الحس الإعلامي لدى زملائي الإعلاميين، ولكننا يجب أن نفكر «بإنسانية».. فعندما أكتب «مانشيت» مفاده موظفة -أو موظف- في الوزارة الفلانية قامت بجريمة معينة فإن جميع البحرين ستعرف اسم هذه الموظفة أو الموظف نظراً لصغر المجتمع..
حدثتني إحدى الأمهات أن ولدها تعرض للتنمر في المدرسة لأن والده ارتكب مخالفة قانونية وعرفه الناس من رمزية وظيفته التي نشرت عبر وسائل الإعلام.. تقول إن ابنها أصبح يكره الذهاب للمدرسة.. وأصبح أكثر عدوانية وانطوائية وكرهاً لوالده الذي يصفه بأنه «جلب لنا العار والفشيلة».
* رأيي المتواضع:
يعمل القائمون على القضاء في البحرين على «أنسنة القوانين» واستخدام عقوبات تجعل المتهم جزءاً من المجتمع ليبدأ صفحة جديدة لخدمة هذا الوطن.. ويجب أن يكون الإعلام والمجتمع مكملين لهذه الجهود.
فلا لنشر تفاصيل ما يدور في أروقة المحاكم ولا لذكر رمزية الأشخاص التي من شأنها أن تفضي إلى معرفة الجناة مجتمعياً.. وكم أتمنى أن يكون هناك تشريع واضح يمنع نشر أي معلومة من شأنها الدلالة على هوية الجناة.. والنظر في إعادة آليات نشر أخبار ما يدور في أروقة المحاكم من قضايا.. فالهدف من النشر أخذ العبرة وليس فضح الجاني مجتمعياً.