دخلنا العام 2020، ونحن كبلد في وضع مستقر وثابت سياسياً واقتصادياً وهذا أمر نحمد الله عليه كثيراً فوضعنا أفضل بمراحل من أغلب دول العالم ولكن كحال كل الدول تبقى ملفات عالقة ننقلها معنا إلى هذا العام الجديد على أمل إيجاد حلول جذرية لها. مثلاً، لدينا ملف العمالة الأجنبية السائبة والذي على الرغم من إيجاد حل له من خلال تطبيق التأشيرة المرنة «فلكسي فيزا»، إلا أن الملف مازال يزعج الكثيرين.
وتابعنا تصريحات لمسؤولين عن هذا الملف، يؤكدون أن الحل الحالي هو الأفضل - نسبياً - وتابعنا أيضاً ردوداً لمواطنين يشككون في هذا الأمر. والمتابع ضاع بين المشجعين والرافضين.
وشخصياً، أعتقد أن عدداً لا بأس به من العمالة السائبة - والتي أصبحت نظامية الآن بسبب التأشيرة المرنة - يؤدون أعمالاً يدوية مهمة يحتاج لها المواطن بدءاً من تنظيف السيارات إلى أعمال الصباغة والسباكة وبأسعار زهيدة. لكن، مما لا شك فيه أن أصحاب الأعمال ممن يملكون سجلات تجارية تمارس نفس النشاط هم أشد المتضررين، فهم يخسرون زبائنهم يومياً بسبب وجود منافسة شديدة على هذه الأعمال من قبل العمالة «السائبة - النظامية».
ولا يقتصر التذمر من التأشيرة المرنة على أصحاب الأعمال فقط، بل يبدو أنه ينتشر وسط الطبقة الكادحة، بسيطة الإمكانيات، حيث يتولد لديها شعور أن الأعمال الذين هم أولى بها اختطفت من قبل الآخرين الذين يفترض أن يعودوا إلى بلدانهم طالما ليس لديهم كفيل تقليدي كما كان في السابق.
وإذا أخذت دائرة التذمر في الاتساع تتعقد المسألة أكثر. فأصحاب الأعمال الذين تنافسهم العمالة السائبة، فئة صغيرة عددها لا يتجاوز المئات لكن الطبقة بسيطة الإمكانيات، أكبر من ذلك بكثير. فإذا انزعجت هذه الطبقة وشعرت أنها في منافسة غير منصفة مع «الغريب» يصبح الوضع أخطر.
في بريطانيا، خرجت الطبقة الكادحة عن بكرة أبيها لتختار حزباً سياسياً لم تصوت له قط، لأنه ببساطة وعدها بأن يتعامل بصرامة مع المهاجرين الاقتصاديين الذين انتقلوا إلى بريطانيا من أوروبا الشرقية ومن بلاد أفريقية وآسيوية بحثاً عن فرصة عمل. وفي أمريكا، حصل نفس الشيء وصوتت هذه الطبقة للحزب الجمهوري بقيادة ترامب لأنه وعدهم بإيجاد حلول لموضوع المتسللين إلى الأراضي الأمريكية الباحثين عن عمل ومال.
ولا يمكن للمتابع أن لا يربط ولو بشكل جزئي بين ما يحصل هناك وبين الوضع هنا. فالطبقة الكادحة سواء كانت أوروبية او أمريكية لا تختلف في نظرتها لملف العمالة - المهاجرين الاقتصاديين عن الطبقة الكادحة في بلدان العرب فصفاتها أينما كانت شبه متقاربة ونظرتها للأمور شبه متطابقة. وهي غالباً وقود جاهز للاشتعال في حال زاد الضغط عليها.
الحاجة ماسة الآن إلى استبيانات علمية دقيقة تعكس نبض الشارع بعيداً عن القيل والقال توضح لنا ردود فعل الناس حول بعض السياسات العامة. فإذا اكتشفنا من خلال البحث والتقصي العلمي أن إحدى هذه السياسات لا تلقى القبول الشعبي فلا بأس من إعادة النظر فيها وتحسينها حتى تصبح أكثر قبولاً. وأرى أن هذه أفضل خطوة لتقييم أي سياسة عامة ووضعها تحت المجهر.
في أحيان كثيرة، تكون السياسة أو الخطة من أحسن ما يمكن لكن توقيت تطبيقها يكون عائقاً لنجاحها مثلاً. وأحيانًا تكون أهداف السياسة العامة نبيلة لكنها لا تتناسب مع المكان والظروف. وأحياناً أيضاً، تكون سياسة ناجحة، فيها بعد نظر، لكن تحتاج الى إعادة ضبط وشوية «tuning» كما يقال بلغة الإنجليز.
عموماً، حققنا من خلال التأشيرة المرنة جوائز تقديرية عالمية جعلت اسم البحرين يتلألأ في الخارج وفيها من الجوانب الإنسانية الشيء الكثير، ولها إيجابياتها أمنياً ودبلوماسياً وحتى اقتصادياً ولكن إذا كان تطبيقها يسبب نفوراً حتى الآن فلابد من البحث عن الأسباب ومعالجتها وبسرعة.
{{ article.visit_count }}
وتابعنا تصريحات لمسؤولين عن هذا الملف، يؤكدون أن الحل الحالي هو الأفضل - نسبياً - وتابعنا أيضاً ردوداً لمواطنين يشككون في هذا الأمر. والمتابع ضاع بين المشجعين والرافضين.
وشخصياً، أعتقد أن عدداً لا بأس به من العمالة السائبة - والتي أصبحت نظامية الآن بسبب التأشيرة المرنة - يؤدون أعمالاً يدوية مهمة يحتاج لها المواطن بدءاً من تنظيف السيارات إلى أعمال الصباغة والسباكة وبأسعار زهيدة. لكن، مما لا شك فيه أن أصحاب الأعمال ممن يملكون سجلات تجارية تمارس نفس النشاط هم أشد المتضررين، فهم يخسرون زبائنهم يومياً بسبب وجود منافسة شديدة على هذه الأعمال من قبل العمالة «السائبة - النظامية».
ولا يقتصر التذمر من التأشيرة المرنة على أصحاب الأعمال فقط، بل يبدو أنه ينتشر وسط الطبقة الكادحة، بسيطة الإمكانيات، حيث يتولد لديها شعور أن الأعمال الذين هم أولى بها اختطفت من قبل الآخرين الذين يفترض أن يعودوا إلى بلدانهم طالما ليس لديهم كفيل تقليدي كما كان في السابق.
وإذا أخذت دائرة التذمر في الاتساع تتعقد المسألة أكثر. فأصحاب الأعمال الذين تنافسهم العمالة السائبة، فئة صغيرة عددها لا يتجاوز المئات لكن الطبقة بسيطة الإمكانيات، أكبر من ذلك بكثير. فإذا انزعجت هذه الطبقة وشعرت أنها في منافسة غير منصفة مع «الغريب» يصبح الوضع أخطر.
في بريطانيا، خرجت الطبقة الكادحة عن بكرة أبيها لتختار حزباً سياسياً لم تصوت له قط، لأنه ببساطة وعدها بأن يتعامل بصرامة مع المهاجرين الاقتصاديين الذين انتقلوا إلى بريطانيا من أوروبا الشرقية ومن بلاد أفريقية وآسيوية بحثاً عن فرصة عمل. وفي أمريكا، حصل نفس الشيء وصوتت هذه الطبقة للحزب الجمهوري بقيادة ترامب لأنه وعدهم بإيجاد حلول لموضوع المتسللين إلى الأراضي الأمريكية الباحثين عن عمل ومال.
ولا يمكن للمتابع أن لا يربط ولو بشكل جزئي بين ما يحصل هناك وبين الوضع هنا. فالطبقة الكادحة سواء كانت أوروبية او أمريكية لا تختلف في نظرتها لملف العمالة - المهاجرين الاقتصاديين عن الطبقة الكادحة في بلدان العرب فصفاتها أينما كانت شبه متقاربة ونظرتها للأمور شبه متطابقة. وهي غالباً وقود جاهز للاشتعال في حال زاد الضغط عليها.
الحاجة ماسة الآن إلى استبيانات علمية دقيقة تعكس نبض الشارع بعيداً عن القيل والقال توضح لنا ردود فعل الناس حول بعض السياسات العامة. فإذا اكتشفنا من خلال البحث والتقصي العلمي أن إحدى هذه السياسات لا تلقى القبول الشعبي فلا بأس من إعادة النظر فيها وتحسينها حتى تصبح أكثر قبولاً. وأرى أن هذه أفضل خطوة لتقييم أي سياسة عامة ووضعها تحت المجهر.
في أحيان كثيرة، تكون السياسة أو الخطة من أحسن ما يمكن لكن توقيت تطبيقها يكون عائقاً لنجاحها مثلاً. وأحيانًا تكون أهداف السياسة العامة نبيلة لكنها لا تتناسب مع المكان والظروف. وأحياناً أيضاً، تكون سياسة ناجحة، فيها بعد نظر، لكن تحتاج الى إعادة ضبط وشوية «tuning» كما يقال بلغة الإنجليز.
عموماً، حققنا من خلال التأشيرة المرنة جوائز تقديرية عالمية جعلت اسم البحرين يتلألأ في الخارج وفيها من الجوانب الإنسانية الشيء الكثير، ولها إيجابياتها أمنياً ودبلوماسياً وحتى اقتصادياً ولكن إذا كان تطبيقها يسبب نفوراً حتى الآن فلابد من البحث عن الأسباب ومعالجتها وبسرعة.