لقد كان بمثابة المنارة التي ملأت المكان «البحرين» وأيضاً ما يحيط به «منطقة الخليج العربي» بأنوار من الإصلاحات المتتالية والتغييرات الهائلة التي تتجه نحو النهوض بجميع القطاعات نحو التنمية المستدامة والتطور والرقي بسرعة تصاعدية هائلة فبات منارة علم وفكر ورؤية ومنهجية يشار إليها بالبنان والفخر والاعتزاز.

بعد 19 عاماً من إطلاق ميثاق العمل الوطني اليوم نكتشف ونحن نطالع الفروقات ما بيننا وبين الآخرين أن هذا الميثاق كان خارطة الطريق الذي بالنهاية جعلنا نصل إلى هذا الدرب الجميل من النجاحات والإنجازات الإقليمية والدولية ونحقق الريادة في العديد من القطاعات التي فتحت أبوابها مع انطلاقته بالأخص في مسائل الحريات السياسية والصحافية وتمكين المرأة ودعم الشباب وتحويل مملكة البحرين إلى مركز إقليمي رائد فيما يخص مجالات الأعمال والاقتصاد وحصلنا من خلاله على هذا البناء الشامخ الزاهي بنتائج ما كنا سنصل إليه ونحققها لولا فضل الله سبحانه وتعالى ثم هذا الميثاق الذي جاء كهبة سماوية طبقها سيدي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه على أرض البحرين لينعم بخيرات الميثاق إلى ما لا نهاية شعبه الذي سنة تلو الأخرى أخذ يدرك الأبعاد التنموية والإصلاحية لهذا المشروع ويستكشف أسراره فهو بمثابة بحر من العطاء لا ينضب ينال المواطن البحريني خيراته ومغانمه العديدة بشكل متتالٍ ومستمر بل ويصل من خلاله إلى أعماق تنموية أخرى ما كان ليصل إليها ويتعرف عليها إلا من هذا الباب الذي فتح له حتى يكون مواطناً شريكاً في كل شيء ومسؤولاً وقائداً في محيطه المؤسسي والمدني وحتى داخل بيته.

مع الذكرى التاسعة عشرة على ميثاق العمل الوطني علينا أن نفتخر بأن الميثاق وفيما يخص مسائل الحريات الإعلامية والصحافية يعد بمثابة النافذة التي فتحت وأدخلت نور الديمقراطية والحريات وحق التعبير عن الرأي إلى مجتمعنا البحريني فاستنشق المواطن من خلالها عبير حق الرأي والنقد البناء والتفاكر الجماعي والتحاور الذي يأخذ وجه الشورى فالكبت هو من يولد الانفجار والأزمات فبات النمو يتحقق بأيادي الجميع متحدين في بيئة صحية تعكس الواقع وبات المجتمع ينمو وهو يستنشق هذه الحريات والإصلاحات ويشعر بها فعلياً بل ويشارك في نموها ويعتبر الشريك الأساس لها لما وفره له الميثاق من حقوق وواجبات ومسؤوليات بل واصبح في منعطفات عديدة يصارع أولئك الذين لا يريدون له خير الاستمرار وخير قطاف النتائج والثمار ويحارب كل من يحاربه ويريد إنهاء عهوده والعودة إلى المربع الأول الذي لا يريده الجميع بالتأكيد إلا أولئك الشاذون عن حب البحرين وحب الخير لها المنتمون إلى عصور الظلامية والرجعية والهدم لا البناء.

كان هناك سؤال طرح علينا ورغم بساطته هو عميق جداً في محتواه: بعد مرور 19 سنة على هذا الميثاق ماذا بعد؟ ما الذي تطمحون إليه كشباب وتتطلعون إليه؟ وجوابنا كان: نريد الريادة على المستوى الإقليمي والعالمي وأن يكون ميثاق العمل الوطني قصة تروي لشعوب العالم عما حققته قيادة البحرين وهي متحدة مع شعبها عند انطلاق هذا المشروع الضخم والكبير الأبعاد وبعد أن تعلمنا الكثير من المعارف والمكاسب وأيضاً من الأخطاء والمحاولات المتكررة التي وفرت لنا خبرة تراكمية في العديد من المسائل بالأخص المسائل السياسية والإعلامية والشبابية، نفخر اليوم أننا في مملكة البحرين لنا الريادة على المستوى الخليجي والعربي في مسائل الحريات الصحافية والإعلامية التي مواطنو دول أخرى لا يعرفونها أصلاً وليس لديهم السقف العالي الذي لدينا حيث نفخر أنه لا يوجد لدينا صحافي واحد سجين رأي، هذا الميثاق هو ميثاق من إنجاز أصلاً يسعدنا أن نرى دولاً محيطة بنا تقتدي به وتنهل من علمه ونتائجه المثمرة لذا فهو يستحق أن يبرز إقليمياً وعالمياً بصورة أكبر وأوسع نقول من خلاله إن الإنجازات التاريخية لم تتوقف عند زمن وعهد معين بل أننا كبحرينيين لنا إنجاز من ذهب لابد للتاريخ أن يخلده فخلال 19 سنة سنة تحولت دولة البحرين إلى مملكة مضيئة ورائدة جميع المجالات فيها تنهض بسرعة فائقة بسبب الإصلاحات التي تغلغلت في جميع أرجاء المملكة وأركانها حتى في أركان كانت تعتبر بمثابة الخطوط الحمراء وبات الشعب البحريني شعباً ديمقراطياً طبيعته التنموية والمهنية والأكاديمية والمدنية كلها تسير على منهجية التشاور والتحاور والتفاكر والعمل الجمعي لإصدار القرارات الجماعية لا الفردية الديكتاتورية المستبدة فالبناء اليوم يجب أن يتجه بشكل رأسي وعلى مستويات خارجية بعد أن كان العمل يتركز نحو البناء الأفقي الداخلي ليشمل جميع مكونات المجتمع البحريني فهنيئاً لنا هذه الذكرى الوطنية العزيزة علينا وكل عام ومملكة البحرين بقيادتها وشعبها في رخاء الميثاق ونعيمه.