لم يتوقع الصحفي الذي سأل مدرب فريق ليفربول يورجن كلوب عن فيروس كورونا أن يكون رده بهذه الحدة، فلقد فاجأ المدرب الألماني الصحفي عندما قال له «ما لا أحبه بالحياة هو أن يعتبر الناس أن رأي مدرب كرة قدم مهم جداً، حول أمور جدية جداً»، في إشارة إلى أن قضية فيروس كورونا أكبر من أن يتم مناقشتها مع مدرب كرة قدم.

واستطرد كلوب: «عليك بالحديث مع المختصين بالشأن، وليس مع شخص مثلي، أنا لا أفهم في هذه القضايا، مثل السياسة وفيروس كورونا».

يضع الألماني هنا بعض النقاط على الحروف ليؤكد أنه ليس كل مشهور في مجاله يحق له الحديث في كل موضوع يطرأ على الساحة، وهذه رسالة واضحة لأصحاب المنصات الإعلامية والرقمية وصناع المحتوى الذين يبحثون عن الإثارة وعدد المشاهدات بعيداً عن الموضوعية في زحام فضاء التواصل الاجتماعي.

ففي إحدى القنوات الرسمية تمت استضافة مشهور في السوشال ميديا للحديث عن فيروس كورونا وأثره على الناس في قنوات التواصل الاجتماعي، وهو في حقيقة الحال من مصوري اليوميات وليس له أي مسار واضح أو علاقة بالطب لا من قريب ولا من بعيد، بل الهدف من وجوده وإتاحة الفرصة له على هذه المنصة الرسمية هو لزيادة نسبة المشاهدات والشهرة لهذا البرنامج والمذيع فقط.

إن من واجب المنصات الإعلامية الرسمية والموضوعية الجادة أن تختار الوجوه التي تظهر عليها بعناية، مراعية الموضوع وحساسيته، فتقييم شهرة الشخص من خلال عدد متابعيه ليس بالأمر الصحيح خاصة وإن كنت لا تعرف الشريحة المتابعة له وأعمارها، فتفتح له المجال في حديث لا يمت له بصلة ولا يملك أدنى خلفية عنه، مما يوصل رسائل خاطئة للشريحة المتابعة له ولمتابعي هذه المنصة، علماً بأنه يتحدث في الذرة والمباريات ويحلل أوضاع كورونا وطريقة عمل الفيروس بناء على ما يقرؤه من مجموعات الواتساب، ومع ذلك عند حديثك معه تعلم أنه مجرد نافذة لكل ما يقرأ غير متيقن من صحة أي معلومة يقولها.

يحمل رواد الإعلام على عاتقهم مسؤولية كبيرة، فهم صناع الحدث وناقلوه وهم المسؤولون عن الوعي الاجتماعي والرسائل التي تصل للمتلقين بمختلف الشرائح، ولذلك انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية على المنصات الإعلامية والقائمين عليها حرصهم على الاختيار الأمثل والصحيح للضيوف الذين تستضيفهم مراعية للظروف فاستضافة الأطباء والأخصائيين خلال تفشي الفيروس هو الخيار الصحيح، واستضافة لاعب كرة قدم لدى فوز المنتخب صحيح كذلك، أما استضافة مشهور في التواصل الاجتماعي للحديث في أي موضوع، فهذا ما يصنع لنا قدوات سيئة مدعومة من منصات رسمية وغير رسمية.