«كأنه قبر زين بالورد» سمعت منه هذه العبارة في وصفه لمشروع فاشل سلفاً يجري تجميله وتسويقه. أدهشتني الصورة المتخيلة والمفارقة في المشهد. فالقبر رمز للموت والوحشة والحزن. والورد رمز للفرح والحياة وبهجة الألوان. لكن حياة الورد قصيرة وذبوله سريع وبائس. وهكذا كل شيء زائف في حياتنا يجري تمريره لتحقيق غاياته ثم ينتهي مفعوله.

ونحن، بصفتنا بشراً مؤقتين، نجيد تزيين آلامنا وأحزاننا وخيباتنا. نتوسل بالحكمة القدرية الكامنة في طي المحن. ونعول على كرم الأيام التي نتوقع أن تجزي صبرنا خيراً وتعويضاً. نحيل إلى الآخرة، التي بالتأكيد، هي خير الجزاء ودار الرضا. وفي خضم كل ذلك نتجاهل أننا نحقن أنفسنا بمخدر الوقت حين نجمل كل ما نعانيه حولنا، كي يمر كل ما نريده سريعاً وخفيفاً من وجهة توهمنا، فقط لا غير.

من جهة أخرى، هناك من يجيدون تزييف الحقائق، والترويج لكل ما هو زائف وتمريره والتكسب من الخسائر التي سيجنيها الآخرون منه. هم أيضاً يعولون على الوقت. لكن الوقت في صالحهم هذه المرة. فهم يتاجرون بكل ما هو مؤقت ومحدود وسريع انتهاء الصلاحية. وفي الوقت نفسه، سريع الربح. إن كل القضايا هي جسور لطموحاتهم وأحلامهم. وكل البشر ركام يصعدون عليه ويعتلون المناصب والأموال والشهرة، لا قداسة عندهم لمبدأ أو روح أو جسد أو سمعة أحد. كل شيء قابل للاستغلال والحرق والاختراق.

تأملت عبارة «قبر عليه ورد» طويلاً. وتساءلت كم هي القصص والقضايا البشعة التي جرى ترقيعها وتجميلها وغرسها بيننا؟ كم مرة اكتشفنا أننا خدعنا في أمر، ثم جاءنا أمر غيره وخدعنا بالطريقة ذاتها ومن الأشخاص أنفسهم. كم فكرة سيئة «ابتلعناها» عن عمد، ترهيباً أو ترغيباً؟ ثم عدنا للتسويف والتعويل على انقضاء كل مر.

نحن حين نغرق في السلبية وفي استساغة المواقف السيئة ننسى أن الحياة ليست إلا مجموعة قصص، وعدة حيوات متتالية. قد نستمرئ سوءها حين نعتاد تجميلها. فالتزيين والتزييف هي لعبة عقلية واعية وغير واعية يلجأ لها قليلو الحيلة والاستسلاميون للتعايش مع الوضع الراهن فقط.