في حديث عابر مع أحد الأشخاص عن القصة المشهورة التي انتشرت عبر الصحف الرسمية اليومية مؤخراً عن مقاضاة رجل لأبنائه لاستيلائهم على 172 مليون دينار بحريني في أثناء سفره للخارج، طبعاً هذه الملايين تشكل جزءاً من ثروة هذا المليونير «بارك الله له في رزقه وماله»، وفي خضم الحديث قال هذا الشخص: «كم تساوي حصة زكاة هذا الرجل وغيره من الأشخاص الذين منَّ الله عليهم من فضله العظيم؟؟».

هل يؤدي الناس الزكاة؟ سؤال منطقي جداً، في دولة مسلمة، وإذا كانت الإجابة بنعم، فما هي آلية جمع أموال الزكاة، وما هو حجمها، وما هي مصارف إنفاقها؟؟

في حسبة سريعة على المثال السابق، «أقصد هنا صاحب 172 مليون»، فبحسبة بسيطة لو أن هذا الشخص دفع زكاة ماله باعتبار مرور حول كامل على هذا المبلغ فقط فإن زكاته تكون بمقدار 4.3 ملايين دينار بحريني.

فما بالك لو دفع جميع المستحقين زكاتهم!! وأنا هنا لا أشكك مطلقاً بأنهم يقومون بذلك، فبعض التجار معروفون بأياديهم البيضاء التي تقوم بعدد من المشاريع الخدمية. ولكن غياب الصورة بشكل كامل يجعلنا لا نستطيع قياس أثر مساهمة الزكاة في دعم المجتمع البحريني. لن أذهب بعيداً ففي المملكة العربية السعودية الشقيقة تفرض «الزكاة» على أرباح الشركات، وهناك نظام صارم في تطبيق جمع فريضة الزكاة على أرباح الشركات بناءً على نتائج التقارير المحاسبية.

أستغرب من الاهتمام البالغ الذي يوليه المجتمع البحريني لفريضة الصلاة والصيام على سبيل المثال وغياب الحديث عن الزكاة، مع أنهم جميعاً يندرجون تحت «أركان الإسلام»، بمعنى أن موضوع الزكاة هنا «فرض» وليس موضوعاً «اختيارياً».

بفضول تعقبت الموقع الرسمي لصندوق الزكاة والصدقات التابع لوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، علني أحصل على رقم أستشهد به وأنا أكتب هذا المقال، ولكني لم أحصل على أرقام حول حجم أموال الزكاة!! بل لم أحصل على آليات جمع الزكاة عدا إعلان يشجع على التبرع الإلكتروني لعدد من المشاريع!! والأغرب من ذلك وأنا أتصفح التشريعات والقوانين المنظمة لفريضة الزكاة لم أجد سوى بضع قرارات كان آخرها عام 2004 بإعادة تشكيل مجلس لصندوق الزكاة!!

* في رأيي المتواضع:

قال الله عزوجل: «لئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ»، «سورة المائدة: الآية: 12».

الزكاة هذه الفريضة التي من شأنها أن تخلق التوازن الاقتصادي في المجتمع، والتي جعلت من الحضارة الإسلامية إحدى الحضارات التي لا تقهر، حيث تعد الزكاة نظاماً تكافلياً يضمن توزيع الثروات لتحقيق المنفعة للمجتمع، فهلا استفدنا منه؟؟ وأخذنا التجارب الناجحة من الدول الإسلامية وحذونا حذوهم؟