لا يمكن لأحد أن ينكر أن جائحة كورونا تعد من أسوأ الكوارث الطبيعية التي مرت على البشرية في القرن الأخير، والتي تسببت بتعطيل العالم لفترة ليست بالقصيرة وراح ضحيتها عدد كبير من الأرواح بالإضافة للخسائر المادية في مختلف القطاعات العالمية، ولكنها في ذات الوقت أتاحت للعالم استغلال بعض الفرص التي كانت تحتاج إلى فرصة لتجربتها، كالعمل عن بعد والتعليم عن بعد وتحول التقييم من معايير الحضور والانصراف إلى معايير معنية بالجد والاجتهاد والإنتاجية.فالمدير الذي كان يقيم موظفيه بمعيار عقارب الساعة لم تتغير عقليته بشكل كاف ولم يستطع الكوفيد التغيير منه لأن البعض منهم أصبح يتصل عليهم ليتأكد من استيقاظهم أو يراقبهم من خلال حالة الظهور في برنامج التيمز وغيره.من أهم الأمور التي غيرتها الجائحة هي عملية عقد الاجتماعات عن بعد، فأصبحت الاجتماعات سهلة المنال للجميع والبعض يريد عقد اجتماع لأي شيء وذلك بسبب سهولة الاجتماع الافتراضي على عكس الاجتماع الحضوري الذي كان يراعى فيه العديد من العوامل مثل وقت الدوام والخروج والعودة وحجز غرفة اجتماعات وتجهيز الضيافة وغيرها من الاستعدادات، وبسبب زوال كل هذه الاحتياجات زادت كمية الاجتماعات مما أصبحت ثقلاً على المسئولين خصوصاً أولئك الذين لديهم معاملات مكتبية تحتاج لوقتهم ولديهم موظفين يحتاجون لأوامرهم لتمرير المواضيع العالقة، فسهولة عقد الاجتماعات في هذه الحالة أصبحت عائقاً في مزيد من الإنتاجية بل وأصحب مضيعة لوقت بعض المسؤولين الذين يجدون أنفسهم في بعض الاجتماعات التي لا تمت لهم بضلة ولكنه يتوجب عليهم حضورها.وبما أن الحديث هنا عن الاجتماعات فحتى على نطاق عالمي سيشهد قطاع الطيران ضربة قوية بسبب التكنولوجيا الحديثة وثقافة الاجتماع عن بعد، حيث كانت رحلات العمل تشكل 12% المسافرين و 40% من نسبة إشغال الفنادق هي بسبب رحلات العمل والتي انهارت بشكل كبير خلال هذه الجائحة وليس من المتوقع أن تتعافى بسرعة كبقية القطاعات.