كثر عدد الراغبين في دخول حلبة السباق الانتخابي والذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي مجالاً للتسويق لأنفسهم فهي وسيلة ناجعة نفعت من وصل إلى المقعد في الانتخابات الأخيرة عبرها.

إذ إن هناك نواباً عُرفوا من خلال نشاطهم في وسائل التواصل الاجتماعي وحين رشحوا أنفسهم في الانتخابات اعتمدوا على هذه «الذخيرة» من الرسائل التي شغلوا بها التطبيقات كالواتساب والانستغرام عبر السنة التي سبقت الانتخابات، وعرفهم الناس لأنهم كانوا يملكون بعضاً من الجرأة في الانتقاد وفي التواجد في مواقع الحدث، واليوم يتبع أسلوبهم بعض من الراغبين في الترشح في أكتوبر القادم، يقلدونهم في استخدام وسائل التواصل ويقلدونهم بانتقاد المسؤولين والقرارات الحكومية، وهذا حقهم، ووسائلهم مشروعه، إذاً أين المشكلة؟

المشكلة هي ذاتها منذ 2002 أي منذ أن عادت الحياة النيابية وهي معايير التصويت ولن أقول معايير الترشح، فالترشح شروطه محدودة وقليلة جداً، وتفتح المجال لكل من يريد «الميد» على معايير الاختيار، ومعايير الانتخاب، ومعايير التصويت.

أول ثلاثة مجالس كانت المعايير تعتمد على قياس درجة «إيمان» المرشح، ويقررها نيابة عنا -بل افتتاء على الله والعياذ به- خطيب المنبر الديني، كان رجل الدين يشير إلى الأكثر إيماناً وننتخبه بعد التوصيه.

ثم سقط ذلك المعيار وارتبك المنتخب في المجلس الثالث بعد أن فقد البوصلة التي كانت تشير له للأفضل، كرجل دين وكجمعية دينية، افتقد العقل الذي يختار نيابة عنه، أصبح الناخب يسبح وحده في فضاء الاختيار، وهذا ما شجع عدداً كبيراً يصنف نفسه مستقلاً، دون أي رصيد في العمل السياسي، دون خبرة في المجال التشريعي، وبالتأكيد دون خبرة في «إدارة الدولة»، وجد البعض أن العملية سهلة جداً جداً جداً، كل ما هو مطلوب أن تثبت اسمك عند الناس وحين يأتي وقت الاختيار سيقولون «أي فلان يعرف يتحجه» أو «فلان جريء» وكل رصيده وتاريخه وخبراته كانت رسائل على الوتساب والانستغرام، فلان يوصل صوتنا، ولا بأس من بعض استدعاءات النيابة لأن هناك من تضرر من مسجاته واستخدم حقه في الشكوى عليه، إنما هو يعرف أن تلك الاستدعاءات سترفع من رصيده «السياسي» دامت المعايير متدنية إلى هذا الحد!!

أشفق على الناخب فعلاً فقد وجد نفسه أمام فراغ كبير وتقع على كاهله مسؤولية جسيمة والخيارات التي أمامه محدودة جداً جداً، فللأربعين مقعداً هناك مئات المرشحين أغلبهم غير معروف ولا تسنده جمعية وخطيب منبر، والعديد منهم رصيده كم مسج على الواتساب والانستغرام، وقلة ممن يحملون رصيداً تاريخياً أو قدرة على التعاطي مع الأدوات المتاحة وهي محدودة أيضاً وتحتاج إلى ذكاء وخبرة في استخدامها لزيادة فعاليتها، وهذه القلة تكون متاحة في قلة من الدوائر الانتخابية.

الخلاصة أنه مع الأسف أن يستخف البعض بنا إلى درجة الاكتفاء بالنشاط «الواتسابي» الذي لا يكلفه شيئاً غير الجلوس في صالتهم أو في سيارته وترديد ما يقوله الناس نيابة عنهم وضغطة زر.

لذلك نستطيع أن نقول مبروك لمرشح الوتساب من الآن فأغلبنا سيختار «اللي يعرفه أحسن من اللي ما يعرفهوش».