يعد مرض بهجت أو ما يسمى متلازمة بهجت أحد الأمراض الالتهابية غير العدوائية الذي يصيب العديد من أجهزة في الجسم، وعادةً ما ينتشر في بعض البلدان، دول الشرق الأوسط.

يسمى هذا المرض بمتلازمة بهجت نسبةً إلى اسم العالم التركي هولوشي بهجت "Hulushi Behçet" والذي كان أول من شخص هذا المرض قبل ما يقارب 70 عامًا.

يعاني المرضى المصابون بهذه المتلازمة من تقرحات في الفم والمسالك البولية، كما يصاحبها التهابات حادة في العيون.



يصاب نحو 70% من مرضى متلازمة بهجت بأحد أمراض العيون، وعادةً ما تكون جميع طبقات العين مصابة، ومن المتوقع الإصابة بالعمى نتيجة ذلك.

يصاب نحو نصف مرضى داء بهجت بالتهابات في المفاصل والتي تظهر على شكل نوبات، وعادةً ما تصاب مفاصل الكاحل "Ankle" والركبة والمعصمين على الرغم من إمكانية إصابة أي مفصل من مفاصل الجسم الأخرى.

يندر حدوث إصابة في الجهاز العصبي المركزي "Central Nervous System"، إلا أن حدوث مثل هذه الحالة تعتبر خطيرة جدًا، ومن الممكن أن تظهر على شكل آلام في الرأس، وتغيّرات عقلية واحتشاء الدماغ "Infraction" نتيجة لتكون الجلطات الدموية.

قد تصاب عدة مناطق من الدماغ بحيث تكون الأعراض المرضية الظاهرة في هذه الحالة متعلقة بالمنطقة المصابة منه.

تتمثل الاضطرابات التي تحدث في الأمعاء نتيجة الإصابة بالمرض بظهور نوبات من آلام البطن الحادة والمصحوبة بإسهال شديد دموي، كما يمكن أن تصاب الأنسجة المخاطية "Mucous membrane" في الأمعاء بالتهابات موضعية وقرحات تشبه إلى حد كبير تلك التي تحدث في مرض كرون "Crohn's disease".

تتضرر الأوعية الدموية المختلفة عند معظم المصابين بمتلازمة بهجت، ويمكن أن يحدث التهاب في جدران الأوعية الدموية، كما تتكوّن الجلطات الدموية "Blood clot" في الأوردة السطحية والعميقة.

يظهر تضرر الشرايين وإصابتها على تمدد فيها يظهر على سطح الجلد "Aneurysm" في الشرايين، ويحدث ذلك نتيجة ضعف في الأوعية الدموية، وقد يسبب تمزق هذه الأوردة إلى حدوث نزيف حاد في المنطقة.

وتتعدد الأعراض المرضية الناتجة عن الإصابة بمتلازمة بهجت، كما أنها تختلف من شخص إلى آخر وقد تزداد أو تقل حدتها مع مرور الوقت، وتعتمد على أجهزة الجسم المصابة.

ويمكن تقسيم هذه الأعراض تبعًا للعضو المصاب من الجسم كما يأتي:

- الفم: تعد قرح الفم المؤلمة أحد أهم الأعراض المميزة لمرض بهجت، إذ عادةً ما تظهر على شكل بروزات في الفم والتي تتحول إلى قرح مؤلمة سريعًا، وعادة ما تشفى هذه القرح خلال أسبوع إلى ثلاثة أسابيع مع تكرر حدوثها من وقت إلى آخر.

- الجلد: قد يصاب بعض المرضى بقرح جلدية تشبه حب الشباب تنتشر في جميع أنحاء الجسم، وعادةً ما تكون هذه القرح مؤلمة، ويزداد ظهورها في منطقة الساقين.

- الأعضاء التناسلية: يمكن أن تظهر بعض القرح الحمراء على الفرج أو كيس الصفن، وعادةً ما تكون هذه القرح مؤلمة كما أنها تترك ندوب في مكانها في معظم الأحيان.

- العينان: تصاب العينان بالتهاب ما يسبب احمرار وألم فيهما، كما يكون هناك ضبابية في الرؤية في كلا العينين، ويمكن علاج هذه المشكلة في معظم الأحيان.

- المفاصل: قد تصاب بعض المفاصل في الجسم بالتهاب، خصوصًا مفاصل الركبتين والكاحلين والمرفقين والرسغين ما يسبب تورم وألم في هذه المفاصل، وعادةً ما يستمر الالتهاب لمدة ثلاثة أسابيع ثم يتلاشى من تلقاء نفسه.

الأوعية الدموية: تصاب الأوعية الدموية بالتهابات تسبب الاحمرار والتورم في الذراعين والساقين، وفي حال إصابة الشرايين الكبيرة بالالتهاب فإن ذلك يسبب مضاعفات خطيرة، مثل التجلطات وانسداد الأوعية الدموية.

- الجهاز الهضمي: تظهر مجموعة من الأعراض الناتجة عن الإصابة بمتلازمة بهجت في الجهاز الهضمي، بما في ذلك ألم البطن الشديد، والإسهال الحاد.

- الدماغ: قد يصاب الدماغ بالتهاب في أنسجته، ما قد يسبب الصداع والحمى وعدم الاتزان والسكتة الدماغية في بعض الأحيان.

وفيما يتعلق بأسباب وعوامل خطر مرض بهجت، فلا تعد هناك أسباب متلازمة بهجت واضحة بما يكفي، ولكنها يمكن أن تشمل ما يأتي:

- اضطراب المناعة الذاتية: إذ يعتقد أن حدوث هذه المتلازمة ناتج عن مهاجمة جهاز المناعة لخلاياه السليمة ما يسبب التهابات في جميع أنحاء الجسم.

- عوامل وراثية: حيث يعتقد أن هذا المرض ينتقل وراثيًا من الأب إلى الابن نتيجة وجود طفرة في بعض الجينات.

- عوامل بيئية: قد يكون هناك دور لبعض العوامل البيئية في الإصابة بمتلازمة بهجت.

وتشمل عوامل خطر الإصابة بمتلازمة بهجت ما يأتي:

- العمر: في معظم الأحيان يصاب الرجال والنساء بعمر العشرينيات والثلاثينيات بمرض بهجت، على الرغم من إمكانية إصابة الأطفال به.

- الجنس: يمكن أن يصاب كل من الرجال والنساء بالمرض، ولكن تكون احتمالية إصابة الرجال أكبر.

- مكان السكن: يعد الأشخاص في تركيا والصين ودول الشرق الأوسط أكثر عرضة للإصابة بالمرض مقارنةً بغيرهم.

- الجينات: حيث تزداد احتمالية إصابة الأشخاص بالمرض نتيجة وجود بعض الجينات المحددة.

وتعتمد المضاعفات التي يمكن أن يسببها مرض بهجت على العضو المصاب، حيث يمكن أن تشمل ما يأتي:

- التهاب القزحية: قد تتفاقم هذه الحالة مع مرور الوقت خصوصًا في حال عدم علاجها وقد تسبب ضعف النظر أو العمى.

- تكون الجلطات الدموية: وذلك بسبب التهابات الشرايين الدموية الكبيرة، ما يسبب مشكلات خطيرة، مثل السكتة الدماغية والقلبية.

ولا يوجد طرق محددة لتشخيص الإصابة بمرض بهجت، ومن الملاحظات الهامة فيما يتعلق بتشخيص المرض ما يأتي:

- يعتمد الطبيب على الأعراض الظاهرة بشكل أساسي في تشخيص المرض، وتعد قرح الفم متكررة الحدوث لثلاثة مرات على الأقل خلال 12 شهر أحد أهم العلامات المميزة في التشخيص.

- يتطلب ظهور علامتين إضافيتين لتشخيص الحالة بشكل قطعي، مثل: التهاب العين، وقرح الأعضاء التناسلية المتكررة، وقرح الجلد.

- يتم إجراء بعض فحوصات الدم لاستبعاد بعض الحالات المرضية الأخرى.

- يتم إجراء اختبار الحساسية، حيث يقوم الطبيب بوضع مواد معينة على الجلد، ثم دراسة التفاعل الحادث، إذ إن تكون بقع حمراء على الجلد يدل على تفاعل الجهاز المناعي في الجسم بصورة مبالغ فيها.

ولا يوجد علاج تام لمرض بهجت، إنما يعتمد العلاج على تخفيف الأعراض الظاهرة ومنع حدوث المضاعفات، وذلك من خلال ما يأتي:

- كريمات الجلد: يمكن استخدام عدة أنواع من الكريمات والمراهم الجلدية التي تحتوي على الكورتيزون، وتطبيقها على الجلد مباشرة للتخفيف من التقرحات الجلدية.

- غسول الفم: يحتوي بعض أنواع غسولات الفم على الكورتيكوستيرويد ما قد يساعد على التخفيف من قرح الفم المتكررة.

- قطرات العين: يمكن استخدام قطرات العين المضادة للالتهابات في حال حدوث التهاب خفيف في العين، إذ يساعد ذلك على التخفيف من الألم والاحمرار.

- الكولشيسين "Colchicine": يمكن استخدام الكولشيسين في بعض الحالات التي لا تستجيب للعلاجات الموضعية، وذلك للتخفيف من القرح التي تظهر بشكل متكرر في الفم والأعضاء التناسلية.

- الكورتيكوستيرويدات الفموية: يمكن استخدام بعض أنواع الكورتيكوستيرويدات الفموية، مثل: البريدنيزون "prednisone"، إذ يعمل على تثبيط الجهاز المناعي في الجسم، ولكنه قد يسبب بعض الآثار الجانبية مثل زيادة الوزن وهشاشة العظام وزيادة ضغط الدم.

- الأدوية المثبطة للمناعة: يمكن استخدام بعض الأدوية المثبطة لجهاز المناعة، والتي تقلل من مهاجمة جهاز المناعة للأنسجة السليمة أزاثيوبرين "Azathioprine" وسيكلوفوسفاميد "Cyclosporine".

ولا توجد طرق واضحة يمكن من خلالها الوقاية من الإصابة بمرض بهجت، وذلك لأن أسباب حدوثه غير واضحة بما يكفي.