قبل شهور قليلة، تابعنا عمليات التغيير والتطوير التي شهدتها وزارة الإعلام وشاشة تلفزيوننا البحريني، وكنا قريبين جداً من عمل الرجل الوطني المخلص الأستاذ علي الرميحي وزير الإعلام، وكيف كان رهانه على مجموعة الشباب البحرينيين المتميزين الذين باتوا اليوم جزءاً من حياتنا اليومية، عبر طلتهم الدائمة علينا من خلال البرامج المتنوعة.

قلنا يومها للوزير الذي نشهد له برحابة صدره وتقبله الدائم لأي نقد، قلنا إننا سنكون عوناً له في تقديم الملاحظات التي تهدف إلى التطوير، قلتها عن نفسي صراحة، وقلت إنني إن مارست نقداً ما، فإنه من الاستحالة أن يكون نقداً لمجرد النقد، أو نقداً بهدف التحطيم.

هذه هي المعادلة الصعبة التي ينساها كثير من الإعلاميين، وتنسحب أيضاً على بعض نشطاء مواقع التواصل، إذ النقد أداة متاحة، وهي أداة سهلة الاستخدام، خاصة بالنسبة لمن يده ليست في «النار» أو في «الماء الحار»، لكن الحصافة تكون عبر الاحترافية في ممارسة النقد وبيان الملاحظات، والتي يجب أن يكون منبعها الأول «الرغبة الصادقة في التطوير»، لأننا في النهاية شركاء مع الجميع من جهات رسمية ومؤسسات وعاملين فيها، هدفنا الأفضل لأجل الوطن والمواطن.

بالتالي اليوم قد تكون المرحلة مثالية لتقديم تقييم أولي بناء على ما تابعناه من عمليات تغيير، ومن برامج جديدة أضيفت، وأخرى تم تطويرها، وأساليب إعلامية مغايرة اتبعت، ولا ننسى وجوها شابة قدمت.

هل أكون ظالماً وأقول إن شاشة تلفازنا لم تتغير؟! وهل أكون مجحفاً وأقول إن الوجوه الشابة التي طلت علينا ليست بالمستوى المأمول؟!

قرنت صفتي الظلم والإجحاف أعلاه بعملية التقييم، إذ الواقع يقول إن التطوير موجود وملموس، الاحترافية ارتفع سقفها، والتنوع بات العنوان الرئيس لمضمون الشاشة، وفوق ذلك كله، وهو الأهم، وهو ما يثلج الصدر، كوكبة رائعة من الشباب بمزيج مع أصحاب الخبرة معهم سواء في الإعداد ورسم الاستراتيجيات والتخطيط أو حتى التقديم، شكلت لنا مخرجات شخصياً أفتخر بها بشدة.

ليس هذا فحسب، بل حتى الحضور القوي واليومي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، برامجنا تلاحقك وتصل إلى يدك، وحتى لو غضضت النظر عن الشاشة الصغيرة، ستصلك لا محالة، وبشكل دائم، ولابد وأن تتابعها في النهاية وتتأثر بها.

برنامج «الرأي» كانت فيه مخاطرة كبيرة حينما اعتمد على وجوه شابة نراها للمرة الأولى، لكنني أرى اليوم أن هؤلاء الشباب والشابات كسبوا الرهان، وكسبوا احترامنا كمتابعين، بل الأجمل كسبوا تشجيعنا لهم ورغبتنا بأن نراهم يبدعون يوماً بعد يوم، صرت أتابعهم وأنا أقول بعد كل تميز «كفو عليكم».

حتى البرنامج المسائي الذي يقدمه مجموعة من الشباب بطابع خفيف، رغم أن البعض ينتقد هذا الأسلوب، لكنني أراه إضافة جديدة، وبروح مرحة من شأنها أن تضفي علينا نوعاً من التغيير وتفرض رسم الابتسامة مع الاستفادة التي يقدمها البرنامج، فتحية لهم على هذا الإبداع.

برنامج «الملعب» وطاقمه المميز من مذيعة ارتقت بشكل رائع في أساليب التقديم والحوار، وفريق عمل يعمل بذكاء وبالسهل الممتنع ليقدم لنا وجبة رياضية مفيدة، ومنبراً يعبر عن صوت الشارع الرياضي.

برنامج مثل «أبعاد»، مواجهات جريئة من مذيع رغم صغر سنه، لكنه بات كبيراً بخبرته ومناوراته في توجيه الأسئلة وفي ربط الأمور، وهو نفسه من يحاور أصحاب الرأي يومياً في برنامج «ما وراء الخبر»، محاورات أحييها على رقيها.

وللمرة الأولى من بعد «يوميات بوجليع»، نرى صاحب صوت بوجليع ونجم الإذاعة المبدع، يطل علينا بوجهه الذي افتقدناه منذ عقد كان في برنامج «صحافة» يومها، يطل علينا في برنامج اجتماعي بقالب كوميدي تصل رسائله مباشرة للمواطن، ببساطة التقديم وبمرح الطرح وذكاء المضمون.

إن أردت سرد جميع البرامج، أو التطرق للنقلة الكبيرة في النشرات الإخبارية والاقتصادية وغيرها سيطول بي المقام، وسأفصل كل تقييم بشكل موسع مدللاً عليه بالشواهد والبراهين.

لكن الخلاصة هنا، بأننا لو رجعنا لقبل شهور حينما دشنت الوزارة الشكل الجديد، وكيف أن وزيرها طلب من الجميع آراءهم وتقييمهم بشكل صريح وبأعلى مستويات الصدق، فإن واجبنا اليوم هو إكمال المهمة بأن نعطيه وطاقم عمل الوزارة هذا الرأي.

اليوم نحن نشيد بهذا النجاح والتميز، وسنكون ذا طمع أكبر بأن يستمر التطوير والتجديد وخلق الكوادر الإعلامية المميزة، وشبابنا فيهم الخير الكثير، وكلمة حق واجبة تقال لهذا الرجل الذي يتكلم بعمله، الوزير علي الرميحي، رهانك على التغيير والشباب ربح، وشكراً لك، شاشتنا اليوم مختلفة، هامش الجرأة والطرح ارتفع، وصرنا نبحث عن القناة يومياً بعد أن كان مرورنا عليها سابقاً.. مرور الكرام.