في يومنا هذا أصبح الشغل الشاغل للأغلبية منا، أن يكون مشهوراً بغض النظر عما يملكه من علم، ومعرفة، وسلطة أو نفوذ. فبرامج التواصل الاجتماعي كفيلة بأن تجعل منك شخصاً معروفاً حتى وإن كنت على عكس ذلك. وفي كل هذه المتاهات التكنولوجية التي تحيط بنا لايزال السؤال يدور في رأسي، وهو أيهما أهم: أن تكون مشهوراً أم محبوباً؟ ولكن قبل أن أجد الجواب، كنت أبحث عن الشخص المناسب الذي يمكن أن أطرح عليه سؤالي.

وبالفعل هذا ما حدث وصار، ومن دون سابق إنذار أو موعد وانتظار، وجدت ما أبحث عنه لا محال، الشخص نفسه الذي التقيت به منذ عامين إنه «محمد قحطاني» الشاب العربي السعودي بطل العالم في الخطابة عام 2015، والمسؤولة عن هذا الحدث العالمي «منظمة التوست ماستر الدولية». فقد ذيع صيت «محمد قحطاني» بين أقطاب المنظمة عامة وأصبح حديث منتسبيها خاصة سواء من عنوان خطبته البسيط اللفظ - العميق المعنى «قوة الكلمة» أو الانبهار الساحق لتغلب هذا الشاب على مشكلة «التأتأة» التي عانى منها بحياته. فهو لم يتحدَ نفسه فقط وإنما تحدى العالم بأسره واستطاع أن يثبت أنه بإذن الله قادر على تحدي الصعاب. ولعل أكبر المكافآت المعنوية والتي لا تقدر بثمن عندما تشرف باستقبال خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز له بعد نيله البطولة. وتلا ذلك حفل تكريمي له في مملكة البحرين.

فالمتأمل للمشهد والمدقق للتفاصيل، يلحظ تماماً أن حاجزاً وهمياً كان يحول بينه وبين التفاعل الإيجابي مع الناس المحيطين به في المكان. فابتسامته تعبر عن فرحٍ تارة وأحياناً تتوه معالم هذه الابتسامة بين ربكة أو تَعال. إضافة إلى أمور كثيرة سأتجنب ذكرها لتفادي الإحراج غير المقصود. ولكن بعد مرور سنتين ما هو الذي تغير مع هذا البطل، وما هو المشهد الذي لاحظته؟! هنا يكمن القصد من الموضوع.

إنسان يتعامل بعفوية مطلقة وبتواضع غير مزيف. قبل طلب صورة معه فهم ينادونه «يا الحبيب، يا الشيخ يا الطيب يا محمد يا بطل» وهو يتفاعل مع كل النداءات بلطف مع المجيبين وببشاشة ورحابة صدر مع المتعاملين.

لذلك وجهت له سؤالي من دون تردد: بعد سنتين من البطولة يا بطل، أيهما أهم أن تكون مشهوراً أم محبوباً؟ رده كان عفوياً ونابعاً من القلب، قال «أن أكون محبوباً لا محال. لا أخفي عليك سراً أن الشهرة كانت بمثابة نقلة لامعة في حياتي على جميع الأصعدة وفي أماكن كثيرة خفت وهجها، وأفزعني بريقها وكادت أن تزل قدمي وأنجرف خلف تيارها المؤلم، وكاد أن يزيغ البصر عن الحقيقة التي تقول: أنا اليوم في بعض أذهان الناس موجود ولكن غداً هذا الأمر غير مضمون، ولكني أحب أن أرى مكانتي في قلوب الناس عامرة، فهذا ما سيبقى بعد أن يتوقف الزمان ونزول من المكان. فالبطل الحقيقي يا أختي العزيزة هو من يتمكن في أن يؤثر في الناس بصدق المشاعر وقوة الكلمة والتعامل والخلُق الحسن».. والسلام ختام.