إن أكثر ما يشوِّش استقرار وأمن المجتمع وازدهار الاقتصاد وقضايا المال والأعمال في وقتنا الراهن هي كمية الشائعات التي يطلقها أبناء المجتمع ويتداولها أبناء ذات المجتمع بالدرجة الأولى. اليوم ومع تطور وسائل الإعلام ومعها كافة وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمتلك كل شخص في المجتمع موقعه الإعلامي الخاص به ويمتلك صحيفته الإلكترونية سواء من خلال «تويتر» أو «فيسبوك» أو «إنستغرام» أو حتى «واتساب» وغيرها المئات من المواقع الأخرى ومن خلالها يمكن له أن يطرح حزمة هائلة من الشائعات سواء بقصد أو من دون قصد. وبما أنه لا توجد قيود واضحة ولا قوانين صريحة ولا مراقبة ممكنة لكل هذه الكميات الهائلة من المواقع الفردية والجماعية والمجتمعية فإن مساحة طغيان الشائعات ستكون واسعة وجارفة لكل الحقائق، وسيدفع المجتمع ذاته الذي يروج لتلكم الشائعات ثمنها حين ينهار السلم الأهلي وتنهار معه كل موازين الاقتصاد. بمعنى آخر، إن الخاسر الأكبر من هذه العملية غير النزيهة بترويج الشائعات ونشرها وتصديقها هم أبناء المجتمع نفسهُ الذي يقبل ويتقبّل أبناؤه وجود الشائعة بينهم ويحتضنونها برحابة صدر حتى دون أن يكلِّفوا أنفسهم عناء التحقق من صحة ودقة محتويات ما يقع في أيديهم من أخبار وما ينشرونها من معلومات.

فنحن -وعلى سبيل المثال- لو صدقنا ما وقع في أيدينا من أخبار من خلال مواقع التواصل الاجتماعي قبل نحو 6 أشهر أو يزيد لعاصرنا الحرب العالمية الثالثة والرابعة والعاشرة، فكل أخبار الحروب والكوارث الطبيعية والموت الجماعي والأمراض العابرة للقارات وانهيار الاقتصادات والجوع وسقوط الأنظمة والدول وغيرها من قصص الرعب والفناء لا ترويها إلا «مواقعنا وواتساباتنا وإنستغراماتنا» العربية بشكل يومي ممل، لأننا بالإضافة لكوننا مجتمعات غير محصَّنة ضد الشائعات وأخواتها فنحن أيضاً لا نجيد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية الخاصة بنا بشكل جيد وكما ينبغي، بل إن كل ما قمنا به بعد دخولنا عالم الإعلام الإلكتروني هو أننا ساهمنا بشكل بشع في نشر الشائعات وتضليل الرأي العام بمعلومات خاطئة وخطيرة ربما أدَّتْ أو ستؤدي إلى انهيار منظومتنا الاجتماعية والاقتصادية وهنا مكمن الخطر.

نرجو من مجتمعنا وأفراده الأعزاء في البحرين وغيرها من دول الجوار عدم الانجراف والسقوط في فخ الشائعات المغرضة وترويجها على أنها «حقائق» حتى لا ندفع كلنا الفاتورة الباهظة لأحداث لم تقع ولن تقع أصلاً. بالأمس كانوا يقولون إن الدول والحكومات هي التي تروج الشائعات لأجل «جسّ نبض» شعوبها ومجتمعاتها، بينما اليوم انعكست الآية، حيث أصبحنا نحن من يقوم بهذه المهمة بطريقة خطرة للغاية قد تكلفنا أمننا ومالنا ومستقبلنا وحتى حياتنا. وفي الختام نقول لكل مروجي الشائعات «أليس منكم رجلٌ رشيد»؟